ما وراء إطلاق السعودية قناة إخبارية ناطقة بـ"الإنجليزية"؟

كامل جميل - الخليج أونلاين

ما الجهة التي تخطط لإطلاق القناة؟

المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام المرتبطة بالعاهل السعودي.

ما الغاية؟

توسيع نفوذ السعودي الإعلامي العالمي.

ما الذي تثبته هذه الخطوة؟

مراقبون: تأكيد أن السعودية دولة فاعلة ومؤثرة إقليمياً وعالمياً.

يكشف ما ذكرته صحيفة بريطانية حول سعي سعودي لإطلاق قناة إخبارية دولية باللغة الإنجليزية عن أن الرياض تزيد من نشاط محرك قوتها الناعمة الفاعلة على الساحة الدولية، بعد نجاحات حققتها في قطاعات عديدة أكسبتها مكانة مهمة على مستوى العالم.

الانطلاق من الفضاء المحلي والعربي إلى الفضاء العالمي عبر قناة إنجليزية خطوة يراها مراقبون مهمة لإيصال السعودية صوتها وآرائها إلى العالم، ويأتي ذلك بعد أن تحولت المملكة إلى مركز للنشاط السياسي والاقتصادي المؤثر إقليمياً ودولياً.

ويبدو أن كل الخطوات الناجحة التي حققتها الرياض، خلال السنوات القليلة الماضي، والمشاريع التي ستنطلق قريباً، تأتي في إطار 'رؤية 2030' أكبر خطة للتحول الوطني، حيث شهدت المملكة منذ إعلانها تغييرات جذرية على مختلف الصعد من أجل  الاستعداد لمرحلة ما بعد النفط وتحقيق نمو سريع ومستدام، وليس الإعلام إلا أحد أفرع هذه الرؤية.

سلاح الإعلام

مع مرور الوقت يثبت الإعلام أنه السلاح الأكثر أهمية وفعالية قياساً بأسلحة خطيرة تستخدمها الجيوش، وهو ما يجعل الدول تسعى لامتلاك وسائل إعلام أكثر قوة وتأثيراً تدافع به عن أهدافها وإنجازاتها وسياساتها وتنقل رؤيتها عبرها إلى العالم.

وليست كبريات وسائل الإعلام في العالم التي تتابع من قبل جميع وسائل الإعلام الأخرى بجميع البلدان إلا قلاعاً متينة للدفاع عن رؤية البلدان والجهات الممولة لها.

ما ذكرته صحيفة 'فايننشال تايمز' البريطانية أخيراً يؤكد أن السعودية تسير في طريق إنشاء قلعة إعلامية حصينة، حيث قالت إن مجموعة إعلامية سعودية مدعومة من الدولة تخطط لإطلاق قناة إخبارية دولية باللغة الإنجليزية، بهدف توسيع نفوذها الإعلامي العالمي.

نقلت 'فايننشال تايمز' عن عديد من الأشخاص المطلعين على المشروع أن 'المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام' قد اتصلت باستشارات إعلامية لدراسة جدوى ونطاق المشروع.

وأوضحت أن 'الاستعدادات في مرحلة مبكرة'، لكنها، وفقاً للمصادر، ستكون ثاني أكبر مؤسسة تبث باللغة الإنجليزية في العالم العربي، بعد قناة 'الجزيرة' الإنجليزية المملوكة للشبكة الإعلامية القطرية.

وذكر مصدر أن 'تمويل المبادرة السعودية من المرجح أن يكون خارج النطاق'، موضحاً أن هناك 'رغبة من الدولة في إنشاء قناة من شأنها أن تساعد في نشر كلمة السعودية في جميع أنحاء العالم'.

وبدأت 'المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام'، المرتبطة بالعاهل السعودي الملك سلمان، وترأسها أبناؤه حتى عام 2014، بالتوسع في السنوات الأخيرة.

ووفق الصحيفة البريطانية، فإن السعودية ليست الدولة الخليجية الوحيدة التي تفكر في الاستثمار في وسائل الإعلام، ففي وقت سابق من هذا العام أنشأت شركة الاستثمارات الإعلامية الدولية في الإمارات مشروعاً مشتركاً بقيمة مليار دولار مع شركة 'رد بيرد كابيتال بارتنرز' التابعة لشركة 'جيف زاكر' للاستثمارات الإعلامية والرياضية.

تأثير دولي

المحلل السياسي عماد الشدياق يقول في حديثه لـ'الخليج أونلاين' إن السعودية تتحول إلى دولة فاعلة ومؤثرة إقليمياً وعالمياً، عاداً إنشاء محطة تبث باللغة الإنجليزية 'أقل ما يمكن توقعه'.

يضيف الشدياق: 'تملك السعودية مشروعاً كبيراً في المنطقة والعالم وتحاول تسويقه، وهي تتطلع إلى بعد أكبر من الفضاء العربي الذي تملك فيه ثقلاً مثل قناة العربية وقناة الشرق الأوسط. هي تريد بعداً أكبر يوصل صوتها لأمريكا وأوروبا'.

أي دولة في العالم حين يكون لديها نفوذ سياسي واقتصادي تسعى لإنشاء قناة إخبارية تمكنها من إيصال وجهة نظرها من خلالها، بحسب شدياق، الذي يقول إن القناة الإنجليزية ستمكن الغرب من معرفة موقف السعودية من أي قضية تخص العالم.

ويستشهد على ذلك بوجود قنوات أجنبية لدول فاعلة عالمياً ناطقة بلغات أخرى.

وبين أن المحطات الأمريكية والأوروبية حين أرادت الوصول للعالم العربي انطلقت من خلال محطات عديدة مهمة؛ مثل 'سي إن إن'، و'بي بي سي'، ضارباً أمثلة بدول أخرى إقليمية لديها تأثير دولي مثل 'الأناضول' و'تي آر تي' في تركيا.

وتابع: 'أمر طبيعي أن تنتهج الدول العربية الشيء نفسه، وهذا يدل على مدى الحداثة التي وصلت إليها هذه الدول العربية، سواء قطر أو السعودية أو الإمارات، حيث تخطت الفضاء المحلي والإقليمي وانطلقت إلى الفضاء العالمي، وهذا مؤشر مهم جداً'.

قلاع إعلامية

القناة الإخبارية السعودية الناطقة بالإنجليزية ستكون إضافة جديدة بالغة الأهمية للإعلام الخليجي، الذي يمتلك قنوات إعلامية هي الأهم عربياً، وبعضها من بين الأبرز على مستوى العالم.

أبرز هذه القنوات 'الجزيرة' المملوكة لدولة قطر، التي أنهت عقوداً طويلة من الإعلام الحكومي الموجه، وأصبحت منبراً يكسر المحرمات السياسية، التي تأسست في نوفمبر 1996، وتوسعت لتصبح شبكة إعلامية دولية.

وتعتبر قناة 'العربية' الإخبارية السعودية ثاني أقوى القنوات السياسية العربية، وتأسست في مارس 2003، قبيل الغزو الأمريكي للعراق، وتهتم بالأخبار السياسية والرياضية والاقتصادية.

وتبرز أيضاً قناة 'الحدث' وهي قناة سعودية تابعة لقناة 'العربية'، بدأت البث عام 2012، بهدف البث المباشر والمستمر للأحداث والتطورات في المنطقة دون برامج ثابتة.

وتبرز أيضاً قناة 'سكاي نيوز عربية' التي تأسست العام 2012، في شراكة بين شركة أبوظبي للإعلام وبين 'سكاي غروب' البريطانية، وتهتم بالأخبار السياسية.

وتنضم قناة 'الغد' إلى مجموعة القنوات الخليجية المؤثرة، وتأسست في عام 2013، ويشترك في تمويلها سياسيون إماراتيون وأربعة مستثمرين خليجيين آخرين ومستثمر مصري.

في عام 2020 ظهرت إلى الفضاء الإعلامي قناة 'الشرق للأخبار'، وهي قناة إخبارية سعودية أطلقتها شبكة 'الشرق للأخبار' بالشراكة مع شبكة 'بلومبيرغ' الأمريكية.

وفق عماد الشدياق فإن 'كل الدول الإقليمية عندما تكون على درجة مرتفعة من الفعالية والتأثير في الاقتصاد والسياسة تبدأ بالبحث عن التأثير الإعلامي'، مستشهداً بقناة الجزيرة الناطقة بالإنجليزية التي تبثها قطر'.

واعتبر الشدياق أن إطلاق السعودية قناة إنجليزية ليس بالضرورة لمنافسة قنوات أخرى مثل الجزيرة الإنجليزية، ولكنها 'لمقتضيات المرحلة والتطور والازدهار، وهو ممر إلزامي للدور السعودي مع الأمير محمد بن سلمان ومشروع 2030 مع الدور المستقبلي الذي يحاول أن يرسمه للمملكة العربية السعودية'.