اخبار السعودية
موقع كل يوم -صحيفة الوئام الالكترونية
نشر بتاريخ: ١١ أيار ٢٠٢٥
وسط تصاعد حاد في التوترات بين الهند وباكستان على خلفية أعمال عنف دامية في إقليم كشمير، وقفت المنطقة على شفير مواجهة عسكرية قد تكون الأخطر بين البلدين النوويين منذ سنوات، وفي لحظة دقيقة كهذه، دخلت السعودية على خط الأزمة بدور دبلوماسي فاعل، ساهم في تهدئة الوضع الميداني ووقف دوامة التصعيد، لتؤكد مجددًا مكانتها كوسيط موثوق يمتلك مفاتيح التأثير في الأزمات الإقليمية والدولية.
التحرك الدبلوماسي السعودي المبكر
مع تزايد حدّة الاشتباكات على خط التماس في كشمير خلال أواخر أبريل 2025، أجرى وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، اتصالات هاتفية عاجلة مع نظيريه الهندي والباكستاني.
وتمحورت هذه المحادثات حول ضرورة ضبط النفس ومنع أي تصعيد عسكري قد يُشعل المنطقة.
وكانت القيادة السعودية تتابع الموقف عن كثب، وتسعى لضمان عدم انفلات الأمور، مستندة إلى علاقاتها المتينة مع الجانبين.
وفي خطوة لافتة، أُوفد وزير الدولة للشؤون الخارجية، عادل الجبير، إلى كل من نيودلهي وإسلام آباد في زيارة استمرت بين 7 و9 مايو، حاملاً رسالة واضحة: المملكة تدعم الحوار وتُعارض الحرب، وتدعو لوقف فوري للتصعيد عبر القنوات السياسية.
دعم مباشر لوقف إطلاق النار
في العاشر من مايو، أعلنت الهند وباكستان عن اتفاق وقف إطلاق النار، وهي خطوة لقيت ترحيبًا سعوديًا رسميًا، واعتُبرت ثمرة للجهود المتوازية بين الرياض وواشنطن.
وفي مكالمة هاتفية مع عادل الجبير، عبّر نائب رئيس الوزراء الباكستاني ووزير الخارجية، إسحاق دار، عن تقديره الكبير للدور السعودي في تسهيل هذا الاتفاق، مشيدًا بما وصفه بـ'التدخل الإيجابي والوازن' من قبل الرياض.
كما شكر رئيس الوزراء الباكستاني، شهباز شريف، المملكة على مساهمتها في تهدئة الأجواء بعد الهجوم الذي وقع في منطقة باهالغام بكشمير وأودى بحياة 26 شخصًا، والذي كان السبب المباشر في تصاعد العنف.
تحديات الوساطة السعودية
رغم أن السعودية تُعد من القلائل الذين تربطهم علاقات جيدة بكلا الطرفين، فإن وساطتها لم تكن سهلة.
فبينما تُرحّب باكستان تقليديًا بأي وساطة دولية في قضية كشمير، ترفض الهند بشكل مبدئي أي تدخل خارجي، وتصرّ على أن النزاع يجب أن يُحلّ ثنائيًا.
لكن المملكة تعاملت بحنكة سياسية، وفضلت تحريك قنوات التواصل الدبلوماسي بعيدًا عن الأضواء، مما أتاح لها أداء دور الميسّر وليس المتدخل، وهو ما قبلت به نيودلهي ضمناً، وفتح الباب أمام نجاح الوساطة.
نتائج ملموسة للوساطة السعودية
ساهمت المبادرة السعودية، بالتوازي مع الجهود الأمريكية، في تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ عند الساعة الخامسة مساءً بتوقيت الهند (11:30 بتوقيت غرينتش) يوم 10 مايو 2025.
وقد اعتبر هذا الاتفاق إنجازًا دبلوماسيًا يُحسب للرياض، التي أثبتت مجددًا قدرتها على التأثير في الملفات المعقدة، خصوصًا في ظل صمت العديد من القوى الأخرى وترددها في التدخل.
فلقد برهنت الوساطة السعودية بين الهند وباكستان في مايو 2025 على أن الدور العربي حين يُبنى على التوازن والحكمة والعلاقات الواسعة، قادر على إحداث فرق حقيقي في الأزمات الدولية، وبينما لا تزال جذور النزاع في كشمير قائمة، فإن الجهود التي بذلتها الرياض ساعدت في تفادي اندلاع حرب كانت لتكون مدمرة، هذا الدور يؤكد مكانة السعودية المتصاعدة كقوة دبلوماسية إقليمية تسعى لتثبيت الأمن، لا إشعال الفتن.