اخبار السعودية
موقع كل يوم -صحيفة اليوم
نشر بتاريخ: ٢٢ حزيران ٢٠٢١
ليس هناك خطر اقتصادي أكثر سوءا من التستر التجاري لأنه بوابة واسعة لتأسيس اقتصاد هامش مواز يعمل على تآكل وكبح نمو وتطور الاقتصاد الوطني، وتحقيق مكاسب لقلة على حساب الجميع.
يعمل التستر على ضياع فرص التوظيف والإنتاج لأبناء الوطن، ويهيئ البيئة المناسبة لغسيل الأموال، وإضعاف الناتج المحلي الإجمالي، وغير ذلك من السلبيات التي تجعل الأمور تزداد سوءا في كامل العملية الاقتصادية والإنتاجية والرابح في خاتمة المطاف الأجانب الذين يتمتعون بالتغطية والتستر من مواطنين لا يعرفون حجم الضرر الكامن في مشاركتهم في هذه الجريمة.
لا تتوقف مكافحة التستر التجاري على أجهزة الدولة ومؤسساتها وحسب، وإنما يتطلب ذلك جهدا مؤثرا وفعالا من المواطنين، سواء بالامتناع عن ذلك أو التبليغ عنه، وفي كل الأحوال مطلوب جهد جماعي في المكافحة حتى نزيل هذا التشوه والاختلال الضار للغاية.
يبحث مجلس الشورى قضية التستر التجاري وما يترتب عليها من أضرار مباشرة على الاقتصاد الكلي، ومن المهم في هذا السياق الوضع في الاعتبار نتائج دراسات اللجان المكلفة بهذا الملف، لأنها دقيقة وتتبع المنهج العلمي في الوصول إلى توصيات تسهم في المكافحة، وإزالة التشوهات التي يتسبب فيها.
هذا الأسبوع ينظر المجلس في تقرير لإحدى لجانه التي توصلت إلى أهمية الإسراع في تطبيق ومراقبة وتقييم المحور التنفيذي الخاص في برنامج مكافحة التستر التجاري، ومن بين ما وصلت إليه أن الجانب التنفيذي للبرنامج بحاجة إلى التسريع في تطبيقه، نظرا للأضرار الاقتصادية المترتبة لظاهرة التستر كإيجاد المنافسة غير المشروعة، وانتشار حالات الغش، وازدياد معدلات البطالة، واحتكار بعض الأنشطة التجارية.
ولعل كل ما سبق يعكس حجم الكارثة من وجود التستر التجاري ما يعني مزيدا من العمل المتكامل لمحاربة هذه الظاهرة، لأنها ببساطة تعمل على إضعاف اقتصادنا وإبطاء نموه الذي نعمل بكل الجهود على الصعود به، وليس منصفا أن يعمل المتسترون على حفر ثقب في جدار الاقتصاد لأجل مكاسب ثانوية خاصة بهم.
نتطلع إلى اليوم الذي ننتهي فيه من الحديث عن مكافحة التستر التجاري، لأنه بالفعل ينهش في الاقتصاد الوطني، ويجعله بطيئا في النمو والازدهار، وحتى تعم الفائدة من المهم أن تتواصل الحملات التوعوية بخطورة هذا التستر، ودوره السلبي في تشويه اقتصادنا، وفي الوقت نفسه تفعيل العقوبات الرادعة بشأنه حتى تمضي مسيرتنا في طريق ممهد، يمكن لكل متستر أن يكون فيه مستثمرا حقيقيا مع عائدات أكبر، وإضافة قيمة للاقتصاد بدلا عن هذا العمل غير اللائق الذي يضرنا جميعا ولا شك، ويسهم في تعثر وخلق اقتصاد هامش يظل بحاجة مستمرة لاستئصاله ومكافحته حتى يصعد الاقتصاد الوطني وينمو في بيئة معافاة وسليمة.