اخبار السعودية
موقع كل يوم -جريدة الرياض
نشر بتاريخ: ٢٢ أيلول ٢٠٢٥
في الخامس والتّسعين من عمر هذا الوطن العظيم، نستلهم من الماضي المجيد قوّة الحاضر، ونستشرف من الحاضر المشرق ملامح مستقبلٍ أعظم.
إن اليوم الوطني ليس مجرد تاريخٍ في الذاكرة، بل هو قصةُ بناءٍ عظيمة بدأت برؤية القائد المؤسّس الملك عبدالعزيز – طيب الله ثراه – حين وحّد البلاد تحت راية التّوحيد، ليؤسّس دولةً راسخة الأركان، جعلت من الإنسان محورها، ومن النّهوض به رسالتها.
وعبر عقودٍ من الزّمن، وبتضحيات الأجداد وجهود القادة، أصبحت المملكة العربية السعودية نموذجًا فريدًا في التّحوُّل والتّجديد، وأصبحت المنجزات الكبرى شاهدةً على ما يصنعه الإيمان العميق والهمّة العالية. واليوم، ونحن في ظلّ قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان – حفظهما الله – نعيش عصرًا ذهبيًّا، تُعاد فيه صياغة ملامح الحاضر والمستقبل برؤية السعودية 2030، التي وضعت الإنسان السعودي في قلب التّنمية، وأطلقت الطّاقات لبناء وطنٍ استثنائي يليق بمكانته بين الأمم.
وقد عبّر سمو ولي العهد – حفظه الله – في خطابه أمام مجلس الشّورى، مؤخّرًا، عن متانة الاقتصاد السعودي وآفاقه الرّحبة، مؤكّدًا أنّ المملكة للمرة الأولى في تاريخها حقّقت نسبة (56%) من ناتجها المحلّي من الأنشطة غير النّفطيّة، وأنّها أصبحت مركزًا عالميًّا يستقطب كبريات الشّركات، بفضل الله تعالى ثم قوّة بنيتها التّحتيّة ومرونة سياساتها الاقتصاديّة.
وأشار سموّه أيضًا إلى التّحدّيات المرتبطة بارتفاع أسعار العقار السّكني، وأكّد أنّ الدّولة ماضية في وضع السّياسات التي تعيد التّوازن للقطاع وتخفّف كلفة السّكن على المواطن، في خطوة تعكس الحرص الدّائم على جودة الحياة ورفاه المواطن. هذه الرّؤية الشّاملة تعكس نهج القيادة في ربط كل القطاعات – الاقتصاديّة والاجتماعيّة والصّحّية – بخدمة الإنسان أوّلاً.
لقد أولت القيادة الرّشيدة القطاع الصّحّي اهتمامًا استثنائيًّا، بوصفه ركيزة أساسيّة في جودة الحياة، وضمانًا لمجتمعٍ أكثر عافيةً وإنتاجيّة. ومن هنا يأتي دور مستشفى الملك فيصل التخصصي، الذي نعتزّ به صرحًا وطنيًّا وعالميًّا، يضع صحّة الإنسان في طليعة أولوياته، ويسعى لتقديم رعاية طبّيّة متقدّمة، قائمة على أحدث ما توصّل إليه الطّبّ الحديث من تقنيات وأساليب علاجيّة، مدعومة بالبحث العلمي والابتكار.
في مسيرة المستشفى، لم يكن التّخصُّصي مجرد مؤسّسة تعالج، بل منصةً للتّميُّز والمعرفة والتّدريب، ومركزًا يستقطب الكفاءات، ويحتضن العقول، ويقود مبادرات نوعيّة وأبحاث جعلته في مصاف المراكز الطّبّية العالميّة. وقد حقّقنا خلال السّنوات الأخيرة إنجازات متتابعة في مجالات الجراحة الدّقيقة، وزراعة الأعضاء، وأبحاث السّرطان، والرّعاية التّخصُّصيّة النّادرة، إضافة إلى خطوات رائدة في التّحوُّل الرّقمي الصّحّي وتوظيف الذّكاء الاصطناعي لخدمة المرضى.
نؤمن أن الاستثمار الحقيقي هو في الإنسان، لذلك نسعى لتأهيل وتمكين الكوادر الوطنيّة الطّبّية والطّبّية المساعدة والإداريّة، ليكونوا جزءًا من قصّة نجاح هذا الوطن.
إنّ أبناء وبنات الوطن هم الثّروة التي لا تنضب، ومن خلالهم نؤكّد أن مستقبل القطاع الصّحّي في المملكة واعد ومبهر بإذن الله، ومتّسق مع ما أشار إليه سمو ولي العهد – حفظه الله – حول ضرورة أن يكون الإنفاق العام موجّهًا نحو الأولويّات الوطنيّة، بما يرفع مستوى الخدمات ويعزّز جودة الحياة للمواطن والمقيم والزّائر.
في اليوم الوطني الخامس والتّسعين، نعيش لحظة فخرٍ واعتزاز، نستذكر فيها ما تحقّق من إنجازات، ونؤكّد ما ينتظرنا من فرص، ونجدّد الولاء لقيادتنا الرّشيدة، والعهد على مواصلة العمل، لنكون جزءًا فاعلاً في مسيرة وطنٍ يضع بصمته في التّاريخ.
إنّ مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، وهو يمضي في خططه ومبادراته المستقبليّة، يرى نفسه شريكًا في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030، وركيزةً في منظومة صحّيّة متطوّرة تسعى لأن تكون المملكة وجهةً عالميّة في الرّعاية الصّحّية المتقدّمة والطّبّ التّخصّصي.
ختامًا، اليوم الوطني ليس يومًا نحتفل فيه بالماضي فقط، بل مناسبة نجدّد فيها عزيمتنا للمستقبل. مناسبة نقف فيها معًا لنقول: هذا وطنٌ لا يعرف المستحيل، وطنٌ بالقيادة الطموحة، وبالمواطن المخلص، يسير إلى قمم المجد بثقةٍ وعزم.
كل عام ومملكتنا الغالية بخير… وكل عام ورايتنا خفّاقة بالعزّ والكرامة… وكل عام ونحن على العهد، أوفياء للوطن، عاملين من أجله، مؤمنين بأن القادم أجمل وأعظم.
د. ماجد بن إبراهيم الفيّاض
المستشار بالديوان الملكي والرّئيس التّنفيذي لمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث