اخبار السعودية
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ٢٦ أب ٢٠٢٥
كامل جميل - الخليج أونلاين
الإعلامي والأكاديمي د. واثق عباس:
ما تقدمه الأوركسترا السعودية يلخص الدور الاستراتيجي الذي تؤديه الثقافة والفنون في الدبلوماسية الحديثة.
الفرقة السعودية تقدم رسالة مهمة، يمكن تحليلها بأنها انعكاس لصورة المملكة الجديدة وهي تنفتح على العالم.
جولات أوركسترا السعودية في عواصم العالم تدفع في اتجاه توطيد العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية.
على الرغم من قصر عمرها، أثبتت أوركسترا السعودية قدرتها ليس فقط في الاستمرار بل وتحقيق نجاحات كبيرة تمكنها من جعل الفن السعودي حاضراً بقوة على مسارح العالم.
وعبر جولات عالمية بدأتها منذ 2022، أوصلتالأوركسترا السعودية تراث المملكة الموسيقي والغنائي إلى جمهور عالمي مختلف الثقافات والأذواق، في حفلات أقيمت في أعرق القاعات بأمريكا وأوروبا وآسيا.
ومن خلال مزج التراث المحلي بالأداء الأوركسترالي، تواصل الفرقة السعودية تقديم نموذج لرؤية المملكة 2030، بجعل الفن جسراً يتيح التبادل الثقافي والحوار الإنساني.
الجذور التاريخية
رغم إطلاق الأوركسترا والكورال الوطني السعودي عام 2021، فإن بدايتها تعود إلى أكثر من ثمانية عقود.
عام 1942 كلف الأمير منصور بن عبد العزيز الموسيقار طارق عبد الحكيم بتأسيس فرقة موسيقية عسكرية، فأسس فرقة موسيقية عسكرية كانت نقطة انطلاق لمسار موسيقي سعودي متطور.
عام 2019 أعلنت وزارة الثقافة تأسيس الفرقة الوطنية للموسيقى لتكون فريقاً محترفاً يمثل السعودية في المحافل الدولية.
عام 2021 أطلقت هيئة الموسيقى استراتيجيتها الشاملة لتطوير القطاع الموسيقي، متضمنة أكثر من 60 مبادرة.
شملت المبادرات دعم وتطوير الأوركسترا والكورال الوطني السعودي لتمكينهما من المشاركة في المهرجانات المحلية والعروض العالمية.
روائع الأوركسترا
في إطار ترويجها للموسيقى السعودية، وتعريف شعوب العالم بها، تبنت هيئة الموسيقى السعودية برنامج 'روائع الأوركسترا السعودية'، لتقديمه في جولات الأوركسترا على أشهر مسارح العالم.
وبعد عام من تأسيسها أجرت الأوركسترا السعودية جولة ناجحة في عدة دول، عزفت خلالها مقطوعات من التراث الموسيقي السعودي، محققة خلالها نجاحاً واسعاً، وشملت الجولة:
باريس – 7 أكتوبر 2022: حفل مع الأوركسترا الفرنسية الفيلهارمونية، قدّم أغانيسعودية وفنوناً شعبية ومقطوعات كلاسيكية.
مكسيكو سيتي – 14 يونيو 2023: مشاركة سعودية – مكسيكية مشتركة، مزجت بين الأغاني السعودية والفنون الأدائية المحلية.
نيويورك – 17 سبتمبر 2023: حفل في دار الأوبرا متروبوليتان، جمع فنون 13 منطقة سعودية.
البحرين – أكتوبر 2023: مشاركة في مهرجان البحرين الدوليبعروض موسيقية وأدائية سعودية متنوعة.
لندن – 28 سبتمبر 2024: حفل تضمن أداء تراثياً سعودياً وأغنية Rolling in the Deep بأسلوب سعودي، واختُتم بتعاون مع الأوركسترا الملكية البريطانية.
طوكيو – 22 نوفمبر 2024: عرض موسيقي قدّم ميدلي إنمي باللحن السعودي وافتتاحية العلا، واختتم بالتعاون مع أكاديمية جامعة طوكيو للموسيقى.
وعادت الفرقة لتقيم عرضاً ناجحاً بالعاصمة الرياض، في يناير 2025، لأول مرة داخل المملكة، قبل انطلاقة دولية جديدةفي 5 سبتمبر المقبل، حيث ستقدم عرضاً داخل قصر فرساي في باريس، أحد أبرز المعالم الثقافية في أوروبا.
روائع الأوركسترا السعودية
تعدّ الجولة العالمية لـ 'روائع الأوركسترا السعودية' مبادرة لدعم التبادل الثقافي والفني بين السعودية ودول العالم، وهي جزء من رؤية المملكة 2030، التي تُولي أهمية كبرى لتعزيز مكانة السعودية على خريطة الثقافة والفنون العالمية، بحسب صحيفة 'اليوم' المحلية.
في جميع المحطات التي وصلت إليها الأوركسترا السعودية، كانت تعرض مقطوعات موسيقية تمزج بين التراث الموسيقي السعودي والأداء الأوركسترالي العالمي، مما منح الجمهور تجربة فنية مميزة.
ومثلت هذه العروض نافذةً للعالم للتعرف على الموسيقى السعودية التي تستلهم ألحانها من البيئة الصحراوية والبحرية للمملكة، مع لمسات عصرية تضيفها الأوركسترا والكورال الوطني السعودي.
وتمثل الجولة العالمية لروائع الأوركسترا السعودية خطوة استراتيجية لتحقيق مجموعة من الأهداف الثقافية والوطنية.
ومن أهم هذه الأهداف إبراز الهوية السعودية عبر تقديم الموسيقى المحلية بأسلوب عالمي يبرز أصالتها وتاريخها العريق، مع دمج عناصر حديثة تعكس التطور الثقافي والفني في المملكة.
ومن خلال الجولات الخارجية للفرقة، تعمل هيئة الموسيقى على تعزيز التبادل الثقافي، ما يفتح آفاقاً جديدة للتعاون الفني والثقافي.
وفي حديث سابق نقلته وكالة 'واس' أكد الرئيس التنفيذي لهيئة الموسيقى السعودية باول باسيفيكو أن الأوركسترا السعودية حققت نجاحات كبيرة في العواصم العالمية.
باسيفيكو وصف'روائع الأوركسترا السعودية' بأنها أحد الخطوات التي تسهم في نقل التراث الغنائي السعودي، وما يزخر به من تنوع إلى العالم عبر المشاركات الدولية المتعددة وبكوادر سعودية مؤهلة ومدربة على أعلى مستوى.
وأكد أن الهيئة تسعى للارتقاء بالموسيقى السعودية نحو آفاق جديدة. وأشاد بدورها في التبادل الثقافي، مبيناً أن ذلك يسهم في تعزيز التواصل الإنساني، ومد جسور التفاهم بين شعوب العالم عبر الموسيقى.
القوة الناعمة
الإعلامي والأكاديمي د. واثق عباس، يصف ما تقدمه الأوركسترا السعودية من عروضه بأنها تمثل 'جسراً للقوة الناعمة'، لافتاً إلى أن ذلك 'يلخص الدور الاستراتيجي الذي تؤديه الثقافة والفنون في الدبلوماسية الحديثة'.
في حديثه لـ'الخليج أونلاين' يقول عباس إن ما تقدمه الأوركسترا السعودية 'ليس مجرد موسيقى، بل هي رسالة مهمة، يمكن تحليلها بأنها انعكاس لصورة المملكة الجديدة وهي تنفتح على العالم مع حفاضها على جذورة في ذات الوقت'.
كما عُرفت الموسيقى بأنها لغة عالمية تتجاوز الحواجز السياسية واللغوية -بحسب عباس- مضيفاً: 'حين تُعزف الموسيقى التراثية بأسلوب أوركسترالي، لشعوب تجهل اللغة العربية والتراث العربي، خاصة السعودي، فذلك يخلق علاقة عاطفية تربط المستمع مهما كانت هويته وجنسيته وثقافته بالثقافة السعودية'.
على وفق ذلك يجد عباس أن المتلقي حين يلفت انتباهه ما تقدمه الفرقة السعودية، 'سيرغب بالتعرف على هذه البلاد عن قرب وزيارتها، ويمكن القول إن أوركسترا السعودية بوابة أخرى لدعم السياحة والاقتصاد في المملكة'.
ويضيف: 'يمكن القول أيضاً إن جولات أوركسترا السعودية في عواصم العالم تدفع في اتجاه توطيد العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية، وبالمختصر يصح أن يطلق على هذه الفرقة الفنية بأنها نموذجاً دبلوماسياً ناجحاً يعكس من جانب التزام المملكة برؤيتها الجديدة، ومن جانب آخر يبني علاقات إيجابية مع العالم مستغلاً قوة الفن'.