اخبار السعودية
موقع كل يوم -صحيفة البلاد
نشر بتاريخ: ١٨ تشرين الثاني ٢٠٢٥
كتب ــ رئيس التحرير عبدالله الحارثي
هذه هي الزيارة الأولى من نوعها إلى الولايات المتحدة الأميركية الحليف العتيد للمملكة العربية السعودية منذ 7 سنوات؛ حيث كان ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في واشنطن عنوانًا عريضًا لأمريكا؛ سياسيًا واقتصاديًا وأمنيًا.
هذه الزيارة جاءت بدعوة رسمية من الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، حيث سبقتها تحضيرات للاحتفاء بالضيف الكبير؛ ووقف ترمب بنفسه على البروفات التي تسبق الزيارة؛ ما يؤكد أن ضيفهم ليس كأي ضيف للبيت الأبيض؛ بل يعتبرونه من الزوار الأساسيين لهذا الصرح التاريخي.
كان العنوان الرئيسي لهذه الزيارة مؤتمر الاستثمار السعودي الأمريكي في واشنطن يوم غد الأربعاء، بعنوان'القيادة من أجل النمو.. حيث سيكون سيد هذا المنتدى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وبالطبع فإن هذا المنتدى يأتي في إطار تعزيز الشراكة السعودية الأمريكية'، ويهدف لاستكشاف آفاق استثمارات جديدة في القطاعات المتنوعة، في ظل التحضيرات الجارية في البيت الأبيض لاستقبال ولي العهد بمشاركة فرق موسيقية عسكرية واجتماع ثنائي في المكتب البيضاوي وعشاء رسمي.
تأتي الزيارة في أعقاب محادثات دفاعية أجريت بين البلدين، حيث أجرى وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان محادثات مع وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، ووزير الحرب بيت هيغسيت، ومبعوث ترامب للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، بالإضافة إلى اتصالات مكثفة لإتمام الصيغ النهائية للاتفاقيات المزمع توقيعها، والتي تشمل اتفاق دفاع مشتركًا، وآخر لدعم البرنامج النووي السعودي السلمي، وتوقيع صفقة لبيع المملكة 48 مقاتلة 'إف 35'. بالإضافة إلى زيادة استثمارات السعودية في أمريكا إلى تريليون دولار، كما تسعى لتوطين الصناعات العسكرية والطاقة النووية.
وتشمل المباحثات مشاريع في مجالات التكرير والكهرباء النووية في سياق التوجه الملحوظ بين الجانبين؛ لضمان أمن إمدادات الطاقة، وتكريس مسار التحول نحو الطاقة النظيفة، ما قد يساعد المملكة في تنويع اقتصادها، وتحقيق رؤية السعودية 2030. كما تحمل الزيارة دلالات إستراتيجية ترتكز على إعادة بناء ترتيبات دفاعية مشتركة في الخليج العربي والبحر الأحمر، بالتزامن مع التهديدات الإقليمية، ما يجعل الحاجة إلى منظومة ردع فعالة ضرورة ملحة.
يرى مراقبون أن هذه الزيارة ترمز لإعادة رسم خريطة التحالفات الإقليمية، وتثبت دور السعودية كلاعب محوري في الشرق الأوسط أولًا، وفي القضايا العالمية ذات التأثير على الساحة الدولية ثانيًا. كما أن القوة المتزايدة للعلاقة بين البلدين يمكن أن تغير ديناميكيات الشرق الأوسط.
يرى خبراء في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية csis، أن الجانب السعودي لا يسعى فقط لعقد صفقات دفاعية؛ بل يسعى لتعميق الشراكة التكنولوجية والطاقة مع أمريكا، في إطار رؤية المملكة 2030، ويرون أن الزيارة تمثل نقطة تحول في العلاقة بين الطرفين، خاصة من حيث الضمانات الأمنية والاستثمارات والطاقة والذكاء الاصطناعي. معهد واشنطن يربط في تحليله بين الزيارة والأزمات الإقليمية، ويرى أن السعودية تسعى لدور أكبر في حل الأزمات؛ لما تملكه من ثقل سياسي ودبلوماسي واقتصادي، ويعتبرون الأمير محمد بن سلمان شريكًا موثوقًا به، ويحظى بتقدير الولايات المتحدة الأمريكية.لا يخفى على أحد في العقد الأخير، أن المملكة العربية السعودية باتت من صناع السياسة الدولية على المستوى السياسي والاقتصادي والأمني؛ الأمر الذي جعل من السياسة السعودية مؤشرًا دوليًا على حركة الدبلوماسية العالمية؛ وقد أصبح الأمير الشاب صانع سلام واستقرار للمنطقة والعالم بكل ثقة واقتدار، وهذا ما جعل السمعة السياسية السعودية في مقدمة الدول العالمية، التي تصنع القواعد السياسية؛ ولعل اتفاق غزة وزيارة الرئيس السوري أحمد الشرع لواشنطن مؤخرًا من ضمن الحراك السعودي، الذي يسعى لبناء بيئة سلام مناسبة لإعادة البناء والتنمية.
بالإضافة إلى ملف السودان، الذي كان من الملفات المهمة في هذه الزيارة؛ حيث يضغط سمو ولي العهد على كافة الأطراف لوقف الحرب والكارثة الإنسانية، ومن المتوقع أن تخرج الزيارة بخطوات عملية للضغط على أطراف الصراع المختلفة في سبيل الحفاظ على وحدة السودان، وصون مؤسسات الدولة السودانية.
إن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بات شخصية دولية تحظى باحترام الغرب والشرق؛ ذلك أن سموه يسعى إلى جعل هذا العالم المتصارع- في كثير من الأحيان- عالمًا أكثر استقرارًا. وهذا هو جوهر السياسة السعودية على المستوى الإقليمي والدولي.










































