اخبار السعودية
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ١٢ تموز ٢٠٢٥
طه العاني - الخليج أونلاين
- الهدف الأساسي من الحوافز المعيارية الجديدةدعم الصناعة المحلية وتحقيق التنويع الاقتصادي.
- يبدأ التقديم على المجموعة الثانية من الحوافزفي أغسطس 2025.
تسعى المملكة العربية السعودية إلى ترسيخ مكانتها كمركز صناعي رائد في المنطقة، من خلال خطوات متسارعة لتحفيز بيئة الاستثمار الصناعي وتعزيز تنافسية المنتجات الوطنية.
وتأتي هذه الجهود في إطار تحقيق مستهدفات 'رؤية 2030' التي تضع الصناعة ضمن أولويات التحول الاقتصادي المستدام، عبر إطلاق برامج نوعية وحوافز معيارية تدفع نحو توسيع القاعدة الإنتاجية الوطنية وتوطين التقنيات الحديثة.
الحوافز المعيارية الجديدة
في سياق دعم القطاع الصناعي وتحقيق التوازن في الميزان التجاري، أطلقت وزارة الصناعة والثروة المعدنية، بالتعاون مع وزارة الاستثمار، في 23 يونيو 2025 المجموعة الثانية من الحوافز المعيارية، وذلك خلال فعاليات 'منتدى الصناعة السعودي' المنعقد في الظهران.
وتمثل هذه المبادرة خطوة جديدة ضمن سلسلة من التدابير النوعية التي تستهدف تعزيز الاستثمارات الصناعية وتوسيع نطاقها لتشمل قطاعات استراتيجية إضافية.
وأكد نائب وزير الصناعة لشؤون الصناعة، المهندس خليل بن سلمه، أن إطلاق المجموعة الثانية من الحوافز 'يأتي ضمن جهود المملكة لتمكين إنتاج سلع لا تُصنّع حالياً محلياً، وتحفيز النمو الصناعي في مجالات حيوية ترتبط بالاستراتيجية الوطنية للصناعة'، مضيفاً أن باب التقديم على هذه الحوافز سيفتح مطلع أغسطس المقبل.
ونقلت وكالة الأنباء السعودية 'واس' عن 'بن سلمه' تأكيده أن 'الاستراتيجية الوطنية للصناعة ترتكز على تحقيق تكامل بين قطاعات صناعية واعدة، مثل البتروكيماويات، وتصنيع السيارات، وصناعة الطائرات قريباً'.
وأوضح أن المملكة استثمرت 31 مليار ريال (8.2 مليارات دولار) في البنية التحتية الصناعية، مع توقعات بتحقيق عائد يصل إلى ثمانية أضعاف لكل ريال مستثمر.
ونوّه كذلك إلى أن الصناعات التحويلية تمثل محوراً رئيسياً في الاستراتيجية، حيث تستهدف تحقيق ما بين 30 - 40% من مجمل مستهدفاتها، في ظل وجود أكثر من 1900 مشروع صناعي قيد التنفيذ، بإجمالي استثمارات تتجاوز 380 مليار ريال (.3101 مليار دولار)، يشكل ما نسبته 50% منها في المنطقة الشرقية.
وتأتي هذه الحوافز ضمن برنامج هو الأول من نوعه على مستوى المنطقة، يوفر دعماً مستداماً يغطي الجوانب المالية والتشغيلية للمشروعات المؤهلة، بتمكين يصل إلى 35% من قيمة الاستثمار الأولي، وبحد أقصى 50 مليون ريال (نحو 13.5 مليون دولار) لكل مشروع، موزعة على مرحلتي البناء والإنتاج.
دعم تحول الصناعة
وفي خطوة على مسار جهود المملكة لتعزيز تنافسية القطاع الصناعي وتنويع الاقتصاد الوطني، جاءت موافقة مجلس الوزراء في 17 ديسمبر 2024 على برنامج الحوافز المعيارية لتشكل دفعة قوية نحو تمكين الصناعة المحلية.
وتعد هذه الموافقة امتداداً لسلسلة من الإصلاحات والتحولات التي تستهدف جعل المملكة بيئة جاذبة للصناعات النوعية والتقنيات المتقدمة.
وأكد وزير الصناعة والثروة المعدنية، بندر الخريف، في ديسمبر الماضي، أن الحوافز المعيارية 'تأتي في إطار الجهود المستمرة لتحقيق مستهدفات رؤية 2030، من خلال تمكين القطاع الصناعي وزيادة جاذبيته للاستثمارات المحلية والدولية'، مضيفاً أنها ستسهم في 'تحفيز الابتكار الصناعي، وتعزيز مكانة المملكة كوجهة صناعية عالمية'.
من جانبه، شدد وزير المالية محمد الجدعان على أهمية البرنامج في دعم التحول الاقتصادي، مشيراً إلى أن الحوافز 'تمثل أحد ممكنات التنويع الاقتصادي، وتسهم في رفع مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي'، وهو ما يعكس توجهاً استراتيجياً نحو تقليل الاعتماد على الإيرادات النفطية وتعزيز مساهمة القطاعات غير النفطية في الاقتصاد.
وفي بيان مشترك، أوضحت وزارتا الصناعة والثروة المعدنية والاستثمار، أن إطلاق الحوافز المعيارية سيتم على دفعات متتالية تغطي قطاعات متنوعة، بهدف 'تمكين التصنيع المحلي للمنتجات غير المصنعة حالياً داخل المملكة، وتحفيز التصدير، وتعزيز الاستفادة من التقنيات الحديثة والشركات العالمية'.
وباشرت الوزارتان منذ إطلاق الدفعة الأولى من الحوافز في تنظيم جلسات حوارية وورش عمل بحضور نخبة من المستثمرين والصناعيين، ما يعكس الانفتاح الحكومي الكبير على الشراكات مع القطاع الخاص المحلي والدولي.
وأعلنالوزير الخريف، في 11 يناير 2025، بالتعاون مع وزارة الاستثمار، عن إطلاق المجموعة الأولى من الحوافز المعيارية للقطاع الصناعي بقيمة10 مليارات ريال (2.67 مليار دولار)، بهدف جذب استثمارات في قطاعات الصناعات الكيماوية التحويلية وصناعة السيارات وأجزائها، وقطاع الآلات والمعدات.
في السياق ذاته، أوضح وزير الاقتصاد والتخطيط، فيصل الإبراهيم، في يناير، أن الحوافز ستُسهم في تكوين قطاع خاص ديناميكي يعتمد على ذاته ويزيد من الصادرات غير النفطية، مؤكداً أن الابتكار سيشكّل عنصراً محورياً في تحقيق هذا التحول.
بدوره كشف وزير الاستثمار، خالد الفالح، أن الصناعة تمثل 30% من رصيد الاستثمار الأجنبي في المملكة، مشيراً إلى أن '571 شركة عالمية نقلت مقراتها إلى السعودية، أغلبها في القطاع الصناعي'، لافتاً إلى أن الأثر المتوقع للحوافز المعيارية قد يبلغ 23 مليار ريال (6 مليار دولار) سنوياً في الناتج المحلي.
ومع اتساع نطاق هذه الحوافز لتشمل قطاعات واعدة، فإنها تفتح المجال أمام استثمارات نوعية، وتُسهم في خلق وظائف مبتكرة، وتحقيق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، بما يعزز مكانة السعودية على خارطة الصناعة العالمية.
استقطاب الاستثمارات
ويرى الكاتب والمحلل الاقتصادي سعيد خليل العبسي أن هيئة المدن الصناعية 'مدن' تمثل ركيزة أساسية لتحقيق أهداف رؤية المملكة، مبيناً أن 'مدن' تلعب دوراً محورياً في تطوير القطاع الصناعي، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وتوطين الصناعات السعودية.
ويشير في حديثه مع 'الخليج أونلاين' إلى أن الهيئة تدير اليوم أكثر من 35 مدينة صناعية في مختلف مناطق المملكة، وتقدم خدمات متكاملة للمستثمرين تشمل البنية التحتية، الأراضي الصناعية، المصانع الجاهزة، والخدمات اللوجستية.
ويضيف العبسي أن 'مدن' ساهمت بجذب الاستثمارات الأجنبية وتوطين الصناعات بتقديم حوافز وتسهيلات، تشمل تأجير الأراضي بأسعار تنافسية، وتسريع التراخيص، وتوفير بنية تحتية متطورة، وقد استقطبت الهيئة شركات عالمية، مما عزز تنافسية المملكة إقليمياً ودولياً.
أما في جانب توطين الصناعات، يوضح العبسي أن 'مدن' أطلقت مبادرات تهدف إلى دعم المحتوى المحلي وتوفير مصانع جاهزة لرواد الأعمال والمنشآت الصغيرة والمتوسطة، مشيراً إلى تعزيز الشراكة مع برامج وطنية كبرنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية.
ويرى أن التركيز على جذب الاستثمارات الأجنبية بمختلف أشكالها يعكس أهمية هذه الاستثمارات في تعزيز القدرات التي تدفع بعجلة الاقتصاد الوطني الكلي إلى الأمام، وللمشاركة الفاعلة في تحقيق أهداف رؤية السعودية، وفي تعزيز تنويع مصادر الإنتاج الوطني المحلي.
ويؤكد العبسي أن جهود المملكة أصبحت تحقق نمواً متزايداً، وتجعلها ساحة منافسة جاذبة للاستثمارات الأجنبية للمشاركة في عجلة التنمية المتواصلة.