اخبار السعودية
موقع كل يوم -صحيفة البلاد
نشر بتاريخ: ٢٩ أيلول ٢٠٢٥
هل يمكن إعفاء المعلم عن تطوير وتعليم الأبناء.
هل يمكن إعفاء السائق عن الاهتمام وعدم الالتزام بالقيادة؟
هل بمكن إعفاء المهندس من عدم مسؤوليته من كفاءة احتساب المواصفات لبناء المباني.
فلماذا عندما يدخل المريض غرفة العمليات، ويكون في أضعف حالاته النفسية والجسدية، ويضع كامل ثقته في يد الطبيب الذي اختاره لإنقاذ حياته أو تحسين صحته، أن يكون أول ما يطلب منه قبل العملية، التوقيع على ورقة'إخلاء طرف” للطبيب من تبعات أي مضاعفات أو نتائج سلبية قد تحدث.
هذا الإجراء الذي أصبح شائعًا في كثير من المستشفيات يثير تساؤلات مشروعة؛ إذا كان الطبيب واثقًا من كفاءته، فلماذا يطلب إعفاءً من المسؤولية؟ أليس من واجبه أن يتحمل نتائج قراراته الطبية؟ وهل قيمة الإنسان أصبحت مجرد توقيع على ورقة يسقط كل حقوقه في حال حدوث خطأ طبي أو إهمال؟
هذه الورقة غالبًا ما يتم توقيعها تحت ضغط الوقت أو الخوف، دون أن يدرك المريض كامل التفاصيل أو يحصل على فرصة كافية للاستفسار أو الرفض. وهنا يتحول التوقيع إلى مجرد وسيلة لحماية الطبيب والمستشفى على حساب حقوق المريض.
المجتمع بحاجة إلى إعادة النظر في هذه الممارسة، ووضع أنظمة تضمن حق المريض في التعويض والمساءلة عند حدوث خطأ، بدل أن يُترك وحده يواجه نتائج كارثية لم يكن له يد فيها. فحياة الإنسان ليست مجالًا للتجربة أو المغامرة، وكرامته لا يجوز أن تسقط بتوقيع على ورقة.
إن الطبيب يحصل على راتب مكافأة مقابل كل عملية، فلماذا نعفيه من جميع المسؤولية عند إجراء العملية، فالطبيب يقوم بعمل يمقابل مالي؛ مثل المقاول والمهندس، فهل يستطيع المقاول والمهندس أن يطلبا توقيع مالك المبنى على إخلاء طرفهما لو أخلا فى عملهما، وسقط المبنى وداخله سكان. أم أن المباني أغلى قيمة من الإنسان؟
إن إصلاح هذه الظاهرة مسؤولية الجهات الصحية والقانونية، لتبقى الثقة بين المريض والطبيب قائمة على الاحترام والمهنية، لا على الإعفاء من المسؤولية.