اخبار السعودية
موقع كل يوم -صحيفة صدى الالكترونية
نشر بتاريخ: ٣١ أيار ٢٠٢٥
أوضح المحامي راكان محمد الحربي انه يعتقد كثير من الناس عند التقاضي أن عبء الإثبات يقع دائماً على عاتق المدعي، بناءً على المبدأ 'البينة على من ادعى، واليمين على من أنكر'.
واضاف ان هذا وإن كان صحيحاً في أصله، إلا أن الواقع العملي في ساحات القضاء يُظهر أن هذا العبء قد ينتقل بين أطراف الدعوى بحسب ما يُثار فيها من دفوع وادعاءات مقابلة.
وقال على سبيل المثال: إذا أقام شخص دعوى يطالب فيها آخر بمبلغ مالي قدره عشرة آلاف ريال على أساس أنه قدمه له كقرض حسن ، فإن المدعى عليه قد يجيب بأنه سدد المبلغ. وهنا يكون قد أقر باستلام المبلغ وأدعى السداد، وهو ما يُعد ادعاءً بخلاف الظاهر، لأن الأصل بقاء الدين في ذمته حتى يثبت خلافه.
وبين انه وبناءً على ذلك، يصبح المدعى عليه مطالباً بإثبات واقعة السداد، فإن عجز، يُعرض اليمين على المدعي لتأكيد إنكاره. وهذا ما تؤيده القاعدة: 'البينة لإثبات خلاف الظاهر، واليمين لإبقاء الأصل'، وهي قاعدة يعمل بها في القضاء، ونص عليها نظام الإثبات وتُبرز أن عبء الإثبات ليس ثابتاً بل يتحرك بحسب مراكز الخصوم وما يدعيه كل طرف ، مع العلم أن المحكمة، قبل بدء إجراءات الإثبات وطلب الأدلة، تتحقق من مراكز الخصوم، وتحدد من يقع عليه عبء الإثبات ، ذلك لضمان عدم اتخاذ إجراءات إثبات لا جدوى منها حرصاً لحقوق المتقاضين.
واشار انه من هنا تتضح أهمية فهم هذه التحولات في عبء الإثبات أثناء سير الدعوى، إذ لا يقتصر انتقالها على قاعدة مخالفة الظاهر أو الأصل، بل يشمل كذلك ما يخالف العرف إذ قد يتحول المدعى عليه إلى مطالب بالإثبات لمخالفه العرف بحسب رده.
وقال تجدر الإشارة إلى أن هذه القاعدة ليست مطلقة، فثمة استثناءات تظهر بوضوح في القضاء الجزائي والإداري والعمالي، حيث لا ينتقل عبء الإثبات إلى المدعى عليه في بعض الحالات، انطلاقًا من مبدأ براءة الذمة، وكون عبء الإثبات يقع على الجهة المتصرفة أو صاحبة السلطة، وهذا التنوع في قواعد الإثبات يجعل من الضروري لكل متقاضٍ أن يعي طبيعة مركزه القانوني وما يترتب عليه من التزامات إثباتية خلال مجريات الدعوى ،مما يجعل الوعي القانوني بهذه المسائل ضرورة لكل من يقف أمام القضاء، مدعياً كان أو مدعى عليه.