اخبار السعودية
موقع كل يوم -جريدة الرياض
نشر بتاريخ: ٢٥ نيسان ٢٠٢٥
حسين الحربي
في هذه الزاوية سنطوف حول قامات سعودية لم نجد لهم كتباً في المكتبات، ولم توثق تجربتهم. بقي نتاجهم طي الصحف والمجلات رغم أنهم أسهموا في بدايات الحركة الأدبية في المملكة العربية السعودية من شعر ونثر ورواية نستذكرهم هنا في كلمات بسيطة لا توفيهم حقهم، نلقي الضوء عليهم، ومن هنا نضع أسماء من تجود الذاكرة باستدعائه علّ يكون هناك من يلم شتات أعمالهم ويجمعها تثميناً لما قاموا به من جهد على امتداد عقود..
منصور الجهني
ربما لا يعرفه أحد أو لم يسمع به أحد أصدر ديوانه اليتيم «قبل أن» إبان ذروة صخب الحداثة في تسعينات القرن الماضي توارى إلى الظل، وانعزل في صومعته الفكرية والروحية، أسس لمشروعه الشعري باحثا في الكلمات والألفاظ والصور الشعرية الجديدة مستعينا بالقديم ومتأثر برواد قصيدة النثر، في شعره أشبه بطائر، وهو يغرد خارج الأقفاص فالكتابة الحرة لدية منحت متعة الترحال والاكتشافات، اختار الشاعر الذي امتاز بخجله وبساطة الزاهدين في الحياة أن يقضى وقته وسط أشجار مزرعته في تبوك المدينة التي نبغ فيها شعره وتجربته، ومن خلال ديوانه اليتيم نجده عاشقا صامتا وفي كل قصيدة من قصائده يحتفي بنفسه متأملا العالم من حوله
كأن الكتابة محو
كأن الصمت كتابة
كأن السؤال معاول
تنحت صخر الإجابة
الجهني جعل الشعر دائما وأبدا “ضالته وبغيته ومنَاطَ حياته ووجوده” ونجح في رسم هويته الخاصة التي لا يمكن تكرارها، ووضع اسمه في مرحلة مهمة في تاريخ الشعر السعودي، وصفه الناقد سعيد السريحي “منصور في حالة اشتباك مستمر مع اللغة، يثور بها وفيها وعليها ومن أجلها، نذبل وردة الصمت بين يديه فيقرر أن يكتب ويكتشف لحظتها أن الكتابة محو إذا ما استسلمت لليل القصيدة والسرى خلف نجوم القوافي
من الأقلام التي وعت ما يكتنزه شعر الجهني من عمق وجمال الصحفي الأديب محمود تراوري الذي كان من أوائل الملتفتين لتجربته مطالع التسعينات الميلادية من القرن الماضي حيث يقول: «منصور الجهني ضمن طلائع شعراء اجترحوا فضاء قصيدة النثر في تسعينيات القرن الماضي، وأصدر ديوان (قبل أن)، وقد قدم لديوانه الناقد سعيد السريحي قبل أن يتوارى هو في تفاصيل مدينته الصغيرة الواقعة على تخوم منطقة تبوك (حالة عمار)، مكرسا ملامح شخصيته الوديعة المتخففة من الادعاءات وأمراض النرجسية وشهوة الحضور.
ختم ديوانه
دعونا نكتب وصايانا
فوق هذا الجدار الأخير..
ونرحل
من قبل أن تتساقط أوراق العمر..
مثل فاكهة معطوبة.
الآن من يعيد الوهج لمبدع حقيقي لم يبحث عن الضوء ولم يسوق لنفسه وهو يكتب ديوانه اليتيم أمن أن ما يقدمه للناس ويخلده هو عمله الإبداعي.