اخبار السعودية
موقع كل يوم -صحيفة عكاظ
نشر بتاريخ: ١ حزيران ٢٠٢٥
في قمم جبال السروات، وضمن لوحة طبيعية آسرة، تقف «قصور العسابلة» بمحافظة النماص شامخةً كشاهد حيّ على إرثٍ معماري وتاريخي عريق، يعود لقرون مضت، يجسّد فيه أصالة الإنسان في هذا الجزء من الوطن، وعمق انتمائه لأرضه، وحفاظه على موروثه الحضاري.
تتميّز هذه القصور ببنائها المحكم، القائم على مواد محلية، كالحجر والجص وأخشاب العرعر، وهي موزعة على شكل مجموعة من المباني المتجاورة، التي تشكّل قرية تراثية مترابطة، تعكس أسلوب الحياة القديم للعائلات والأسر.
وتتزين القصور بنقوش جدارية وزخارف تراثية، بأسلوب فطري مُفعم بالألوان والتفاصيل الرمزية.
ورغم قِدم المباني، إلا أن صمودها وتماسكها يُبرز حِرفية المعمار المحلي التقليدي، ويجعلها موقعاً بالغ الأهمية في خارطة التراث الوطني. لتأتي هذه القيمة ضمن مستهدفات برنامج «إحياء التراث» ضمن رؤية المملكة 2030، التي تسعى للحفاظ على الهوية الوطنية، واستثمار المواقع التاريخية، كمراكز إشعاع ثقافي وسياحي.
ومع قرب انطلاق موسم الصيف في عسير، تعود هذه القصور إلى الواجهة، باعتبارها إحدى المحطات المهمة في رحلة استكشاف الإنسان للمكان، حيث يتزايد اهتمام الزوار الباحثين عن تجارب تراثية أصيلة، تدمج بين الطبيعة والتاريخ. كما تُمثل «قصور العسابلة» فرصة لتعزيز السياحة الثقافية في المملكة، من خلال تهيئتها للزيارات التعليمية، والفعاليات المجتمعية، والمعارض الفنية، التي تُبرز حياة الأجداد.
كما تعد ذاكرة حية تروي فصولاً من قصة المكان والإنسان، وتُجسّد في صمتها المهيب حواراً ممتداً بين الماضي والحاضر.
ومع تزايد العناية الرسمية بالأصالة والتراث، تبقى هذه القصور رمزاً لعراقة النماص، وأيقونة يمكن أن تُصبح نموذجاً لتجارب سياحية تراثية ملهمة في عموم مناطق المملكة.