اخبار السعودية
موقع كل يوم -جريدة الرياض
نشر بتاريخ: ٢٧ حزيران ٢٠٢٥
علي مكي
إنجاز عالمي جديد حققته محمية عروق بني معارض التابعة للمركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية بتسجيلها في القائمة الخضراء للاتحاد الدولي لصون الطبيعة، يضاف إلى إنجاز استثنائي سابق سجلته خلال العام 2023م بإدراجها في قائمة التراث الطبيعي لليونسكو.
ويشكل تسجيل المحمية في القائمة الخضراء شهادة دولية للريادة السعودية في جهود الحفاظ على الحياة الفطرية وصون مواردها الطبيعية، وتحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي وحماية البيئة، ويعكس حجم التقدير لمساعي المملكة المستمرة في دعم الجهود العالمية لاستعادة النظم البيئية وحماية تنوعها الأحيائي، كما يمثل هذا الإنجاز اعترافاً عالمياً جديداً بالإدارة الفاعلة والعادلة للمحميات الطبيعية التابعة للمركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية، في ظل حرص المركز على تطبيق المعايير والشروط التي يتم وضعها من الاتحاد العالمي لصون الطبيعة لتسجيل تلك المحميات في قائمته الخضراء، وهو أحد المخرجات النوعية التي تضاف إلى رصيد إنجازات المركز المنطلقة من رؤيته في الوصول إلى 'حياة فطرية وتنوع أحيائي ونظم بيئية مزدهرة ومستدامة'، والتزامه وفق الاستراتيجية الوطنية للبيئة بتحقيق مبادرة30x30 التي تهدف إلى حماية 30% من مساحة المملكة البرية والبحرية بحلول العام 2030، وهو أحد الأهداف الرئيسية لمبادرة السعودية الخضراء التي تعكس طموحات رؤية المملكة 2030.
ولعلنا نشير هنا إلى أن برنامج القائمة الخضراء يهدف الى زيادة عدد المناطق المحمية وتطوير إدارتها للمساهمة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتفعيل الاتفاقية العالمية للتنوع الأحيائي، وهو برنامج يستهدف الوصول إلى مناطق محمية فعالة من خلال تسليط الضوء على أفضل الممارسات، وتوفير معيار للتقدم نحو إدارة فعالة وعادلة لها، وضمان تحقيق نتائج ملموسة في مجال حماية القيم الرئيسة للمنطقة المحمية.
ولم يكن هذا الأمر يسيراً، إذ وضع الاتحاد 17 معياراً و 50 مؤشراً لإدراج المناطق المحمية في قائمته التي تضم 78 محمية فقط تم اختيارها من بين أكثر من 300 ألف محمية، بعد توفر تلك المعايير التي تشمل وجود حوكمة تحقق الشفافية والمساءلة ووجود منهجية للتخطيط والإدارة، ومعرفة المخاطر والتهديدات والاستجابة الفعالة لها، إلى جانب استيعاب السياق الاجتماعي، والحفاظ على مقدرات المنطقة المحمية، وغيرها الكثير من الشروط والمعايير التي استطاعت محمية العروق بجهود ومتابعة المركز الوطني للحياة الفطرية تحقيقها بكفاءة وتميز.
إن التميز الذي قاد الى تسجيل محمية العروق في القائمة الخضراء، يعكس أيضاً حجم الجهود المبذولة للارتقاء بقطاع السياحة البيئية بالمملكة، باعتباره أحد مرتكزات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، في ظل ثراء منظومة المناطق المحمية التي تنفرد بجمالها البيئي الساحر وتنوعها الأحيائي الفريد الذي يجعلها من الوجهات السياحية الاستثنائية التي تثري تجارب السياح وتعزز الاقتصاد الوطني، كما إنها تساهم في الوقت نفسه في نماء المجتمعات المحلية عبر إشراك أبنائها في مسارات التنمية البيئية من خلال توفير آلاف فرص العمل، التي تعزز جودة الحياة وترتقي بالأنماط المعيشية لتلك المجتمعات، بما يحقق حيوية المجتمع وطموح الوطن وازدهار الاقتصاد.
ولعلنا لا نستغرب انضمام محمية عروق بني معارض الممتدة على مساحة تتجاوز 12500 كم جنوب المملكة على طول الحافة الغربية لصحراء الربع الخالي، إلى هذه القائمة العالمية في ظل جغرافيتها الفريدة التي تتناغم فيها مختلف الأنواع النباتية والحيوانية، لتشكل معاً لوحات جمالية أخّاذة تعانق قلوب مرتاديها، حيث يلتقي فيها أكبر بحر رملي في العالم مع ثاني أطول سلسلة جبلية في الجزيرة العربية لتشكل مثالاً فريداً للتطور البيئي والبيولوجي في مجتمعات النباتات والحيوانات الفطرية التي تحتفظ بدهشة الطبيعة، وتعكس ما تحفل به المملكة من تنوع سياحي غني بالتراث والثقافة، في ظل قربها من قرية الفاو الأثرية التي تعود إلى القرن الرابع ما قبل الميلاد بما يفتح المجال للعديد من الخيارات والتجارب السياحية والتاريخية المثيرة التي تجعل المحمية (كنز الطبيعة في شتاء السعودية).
نبارك لقيادتنا الرشيدة التي لا تألو جهداً لدعم هذا القطاع الحيوي الواعد، ونبارك للرئيس التنفيذي للمركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية هذا الإنجاز النوعي، الذي يعزز طموحاتنا نحو المزيد من الإنجازات البيئية الاستثنائية التي تعكس مستهدفات رؤية المملكة التنموية 2030 التي رسمت خريطة الريادة السعودية في جميع مسارات التنمية الشاملة والمستدامة.