صندوق استثماري جديد.. هل البحرين على أبواب دعم سعودي آخر؟

أشرف كمال - الخليج أونلاين

خصصت الرياض صندوقاً بـ5 مليارات دولار للاستثمار في البحرين.

لا يزال يعاني تأزماً رغم محاولات دعمه.

السعودية والإمارات والكويت.

تعمل المملكة العربية السعودية على دعم الاقتصاد البحريني بين حين وآخر؛ إذ كشفت مؤخراً عن تخصيص صندوق استثماري لضخ 5 مليارات دولار في المنامة، وأكدت أنها تعمل على تسريع العمل بمشروع الجسر الموازي بين البلدين لتعزيز حركة السياحة.

ولا تزال البحرين تعاني تراجعاً في الأداء الاقتصادي رغم أنها انتعشت بعض الشيء خلال العام الماضي مع الصعود الكبير لأسعار النفط، وهو ما يجعلها بحاجة لمزيد من الدعم الخليجي تحديداً.

وسبق أن دعمت السعودية والإمارات والكويت المملكة الخليجية بـ10 مليارات دولار لتصحيح أوضاعها الاقتصادية التي تأزمت على مدار سنوات.

صندوق استثماري

وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح قال إن الرياض خصصت صندوقاً لاستثمار 5 مليارات دولار في البحرين، مشيراً إلى أن البلدين ناقشا تسريع مشروع الجسر الموازي بينهما.

وأضاف الفالح في تصريحات لصحيفة 'عكاظ' (14 مايو 2023)، أن الصندوق سيشمل قطاعات استثمارية متنوعة، وأنه ستوضع منصات مشتركة لطرح فرص مدروسة وذات جدوى.

ولفت إلى أنه 'تمت مناقشة الجسر الموازي وآلية تسريع وتيرة العمل لإنجاز هذا المشروع، الذي يتضمن كذلك ربط سكك حديدية بين المملكتين'.

وأشار إلى أنه تمت أيضاً مناقشة 13 مبادرة في اجتماع مجلس التنسيق، منوهاً بتفعيل التكامل السياحي بين البلدين.

وأضاف: 'سيتم توقيع مذكرتي تفاهم؛ الأولى بين المركز الوطني لإدارة النفايات في السعودية والمجلس الأعلى للبيئة في البحرين في مجال الإدارة المستدامة للنفايات، والثانية بين شركة البحرين للتطوير الزراعي والجهة المعنية بالسعودية في مجال الأمن الغذائي'.

وأكد أن السعودية تعمل على مبادرات عديدة لتحقيق التكامل الاقتصادي بين البلدين.

وأعلن الفالح إنشاء مجلس التخطيط الحضري السعودي البحريني، كما أعلن إقامة منتدى سعودي بحريني سنوي، مع وجود بوابة خاصة للمستثمرين البحرينيين.

واتفق الجانبان، خلال عقد اجتماع مجلس التنسيق السعودي البحريني الثالث في المنامة (14 مايو)، على تشكيل فريق عمل للمتابعة مع الهيئة العامة لجسر الملك فهد فيما يخص متابعة القضايا المتعلقة بالتصدير والاستيراد، ومتابعة المواضيع الخاصة بالاستثمارات والمشاريع العقارية.

وسيعمل الفريق على أمور بينها تفعيل التعاون بين الجانبين فيما يتعلق بالاستثمار في القطاع السياحي بين المملكتين.

وضع متدنٍّ

بخلاف دول الخليج التي يعيش مواطنوها حياة اقتصادية جيدة بفضل قوة اقتصاداتها ودعمها المستمر لهم، يواجه مواطنون بحرينيون صعوبات في العيش، مع تدني المستوى المعيشي في البلاد.

كما يعاني مواطنو البحرين من ارتفاع للأسعار وقلة الوظائف، وتزايد أعداد العاطلين عن العمل، فضلاً عن فرض ضرائب مالية عليهم، وتزايد تكلفة الحياة المعيشية، وارتفاع المخالفات المالية الموثقة في تقارير ديوان الرقابة المالية الرسمية.

وسبق أن قررت البحرين، بداية عام 2022، مضاعفة ضريبة القيمة المضافة من 5% إلى 10%، وإلغاء نسبة 3% من الزيادة السنوية للمتقاعدين، وذلك سعياً إلى زيادة إيرادات الدولة وتقليص العجز في موازنتها، وهو ما أثر على حياة مواطنيها وزاد من معاناتهم.

وتعد البحرين أقل دول الخليج إنتاجاً للنفط، حيث تنتج نحو 200 ألف برميل من النفط الخام يومياً، وهو ما يعد أحد الأسباب في تراجع الحياة المعيشية لسكانها، وعدم حصولهم على فرصة جيدة للعيش كباقي دول الخليج التي تعتمد بشكل أساسي على إيرادات النفط بموازاة تعزيز قطاعاتها غير النفطية.

وتعتمد البحرين اعتماداً رئيسياً على قطاع النفط والغاز في توفير إيرادات البلاد؛ إذ يستحوذ القطاع على 63% من إجمالي إيرادات الدولة. 

ولا تظهر أرقام رسمية في البحرين حول معدل الفقر، أو عدد العاطلين عن العمل، ولكن سبق أن أكد الأمين العام للاتحاد العام لنقابات عمال البحرين عبد القادر الشهابي، أن أكثر من 14699 عاطلاً عن العمل سجلوا بياناتهم في البرنامج الوطني لتسجيل العاطلين الذي أطلقه الاتحاد.

وبلغت نسبة البطالة، وفق حديث الشهابي خلال مؤتمر صحفي، في ديسمبر 2021، وهي آخر الأرقام المنشورة بشكل غير رسمي، 10%، يشغل الشباب منها ما نسبته 84%، ثلثاهم من الإناث بنسبة 63%، فيما بلغت نسبة الذكور 37%.

دعم متجدد

في أكتوبر 2021، جددت الدول الخليجية الداعمة للبحرين بشكل أساسي (السعودية والكويت والإمارات) دعمها جهود 'برنامج التوازن المالي' البحريني، في خطوة كانت تهدف لدعم جهود المنامة لدخول سوق السندات.

ومددت الدول الثلاث آنذاك حزمة مساعدات كانت قدمتها للبحرين عام 2018 بقيمة 10 مليارات دولار لتجنب التراجع الائتماني، بعد أن أجلت الحكومة البحرينية، في سبتمبر 2021، مستهدفات التوازن المالي إلى 2024 بسبب جائحة كورونا.

و'برنامج التوازن المالي' هو سلسلة إصلاحات تهدف إلى الموازنة بين الإيرادات والمصروفات، وهو مرتبط بحزمة الدعم المقدمة من الدول الخليجية الثلاث.

وكانت مؤسسة 'ستاندارد آند بورز' قد توقعت أن تبلغ نسبة عجز الموازنة العامة في البحرين 5% بالمتوسط خلال الفترة من 2021 إلى 2024، بالمقارنة مع 16.8% من الناتج المحلي الإجمالي العام الماضي، باستبعاد أثر زيادة محتملة لضريبة القيمة المضافة.

المحلل الاقتصادي نمر أبو كف يرى أن الصندوق السعودي الجديد يأتي في سياق سياسة المملكة لتوسيع صناديقها، حيث سبق لها إنشاء 5 صناديق مماثلة في دول أخرى، مع ملاحظة خصوصية وضع البحرين.

وفي تصريح لـ'الخليج أونلاين'، قال أبو كف إن المملكة تولي اهتماماً للبحرين بسبب ضعف اقتصادها وطبيعتها السكانية الخاصة، ومن ثم 'هي تحاول تقوية وضع الحكومة استناداً للنمو المتوقع لاقتصاد المنامة'.

إلى جانب ذلك فإن البحرين تمتلك قوانين أكثر انفتاحاً من تلك الموجودة في الرياض، كما أن البلدين يحاولان الاستفادة من قطاع السياحة بشكل متبادل من خلال عمل جسر موازٍ وسكك حديدية أيضاً.

ويرى الخبير الاقتصادي أن الأمر أيضاً يخدم رؤية تنويع الاقتصاد السعودي، التي تقوم بالأساس على استغلال موارد النفط حالياً لتعزيز موارد أخرى، في مقدمتها قطاع السياحة داخلياً وخارجياً.

وخلص أبو كف إلى أن الرياض تنظر للبحرين على أنها نقطة أمان مهمة لها؛ لأنها تمثل خاصرة خليجية في مرمى إيران، ومن ثم فإن كل دول الخليج تبدو حريصة على دعم البلد رغم صغره وضعف اقتصاده، بالنظر إلى أهميته السياسية.