اخبار السعودية
موقع كل يوم -صحيفة البلاد
نشر بتاريخ: ٢١ تموز ٢٠٢٥
كل يوم وأنا أقود سيارتي في شوارع مدينة جدة، تنتابني حالة من الذهول والارتباك، بل والذعر أحيانًا؛ بسبب ما أواجهه من مفاجآت الطرق الرئيسة والداخلية. ويبدو لي أن هذا المشهد لا يخص جدة وحدها؛ بل هو انعكاس لواقع عام في مختلف مدن المملكة، بل ومدن العالم. السبب يعود في جوهره إلى التعدد الهائل في وسائط التنقل، ما بين السيارات الخاصة والدراجات الهوائية والنارية والمشاة والسكوترات الكهربائية ومركبات النقل الجماعي، وصولًا إلى وسيلة باتت هي الأخطر والأكثر انتشارًا؛ موتوسيكلات توصيل الطلبات، التي تتحرك في كل الاتجاهات دون ضوابط واضحة. هذا التداخل العشوائي بين وسائل التنقل، إلى جانب ضعف الالتزام بقوانين المرور من قِبل الكثير من السائقين؛ يجعل من الشارع ساحة للفوضى، ويعرض حياة الناس للخطر؛ سواء من يقودون أو من يسيرون على الأقدام؛ خاصة أن سائقي دراجات التوصيل باتوا يتنقلون بأعداد ضخمة وبسرعة واندفاع بين السيارات والأزقة والشوارع، دون الالتفات لقواعد المرور أو سلامة الآخرين. إن كل ما سبق يعكس حجم التحول السريع في أنماط التنقل داخل المدن، ويجعل من الضروري إعادة تصميم الطرق بطريقة أكثر ذكاءً وتنظيمًا؛ فالشوارع لم تعد حكرًا على السيارات، بل أصبحت فضاءات مشتركة لوسائل نقل متنوعة، تحتاج إلى تخطيط حضري مختلف ومرن وآمن. وهذا يشمل تخصيص مسارات للدراجات والمشاة، وإنشاء مواقف مرنة للمركبات الحديثة، وتوفير بنية تحتية تدعم المركبات الكهربائية ووسائل التنقل المصغر. كذلك فإن استخدام التكنولوجيا في مراقبة الحركة وتنظيمها من خلال المستشعرات والإشارات الذكية، أصبح أمرًا لا غنى عنه؛ لتحقيق الانسيابية وتقليل الحوادث. وقبل الختام.. لا بد من الإشادة بالقرار الجريء والرشيد بإزالة المناطق العشوائية في جدة، وتنظيفها وتمهيدها لبناء مدينة حضرية جديدة. غير أن ما يثير قلقي الآن هو التوسع السريع في البناء في كل الاتجاهات دون مراجعة شاملة لمفاهيم تخطيط الطرق. حيث إنني أرى شرايين طرق جديدة تُنشأ بأساليب تقليدية عفا عليها الزمن، دون مراعاة لمتطلبات التنقل الحديثة؛ ما يجعلها عرضة لأن تكون عبئًا مستقبليًا. لذا أرى من الضروري أن تواكب الجهات المسؤولة في التخطيط العمراني هذه التغيرات، وتضع في الحسبان مستجدات العصر والتقنيات الحديثة؛ لنضمن مستقبلًا حضريًا أكثر كفاءة وأمانًا.