اخبار السعودية
موقع كل يوم -جريدة الوطن
نشر بتاريخ: ١٠ أب ٢٠٢٥
في زمن التحول الرقمي السريع، يشهد القطاع الطبي نقلة نوعية من خلال دمج التكنولوجيا في صميم الممارسات السريرية. ويبرز علم الأمراض الرقمي (Digital Pathology) بوصفه أحد أبرز هذه التحولات، حيث يُمكّن الأطباء من تحليل عينات الأنسجة بدقة وسرعة غير مسبوقتين، مع إمكانيات مشاركة فورية وتحليلات مدعومة بالذكاء الاصطناعي. googletag.cmd.push(function() { googletag.display(div-gpt-ad-1705566205785-0); }); وللوقوف أكثر حول علم الأمراض وعلم الأمراض الرقمي بشكل خاص تواصلت 'الوطن' مع الأستاذ المشارك بكلية العلوم الطبية التطبيقية في جامعة نجران الدكتور أحمد الشهري الذي أوضح أن علم الأمراض (باثولوجي) يعتبر أحد فروع الطب والعلوم الطبية التي تعنى بدراسة الأمراض حيث يضم مجموعة واسعة من مجالات الأبحاث العلمية والممارسات الطبية. كما أن علم الأمراض له جذور تعود إلى الطب القديم إلا أنه تطور وتوسع فقط نتيجةً للتقدم المستمر للمعرفة العلمية كما يعود الفضل اليوم في التطور الملحوظ في رعاية المرضى وإدارة الأمراض المستعصية إلى الدور الرائد في توظيف خبرات العاملين في علم الأمراض من الأطباء والعلماء والأخصائيين والفنيين على حد سواء.
(الدكتور أحمد الشهري)
فروع علم الأمراض تابع الشهري : لعلم الأمراض عدة فروع منها على سبيل المثال العلم التشريحي والجراحي و الجزيئي والسريري وجميع هذه الفروع تدعم كل جانب من جوانب رعاية المرضى بدءاً من الاختبارات التشخيصية والتوصيات العلاجية ووصولاً إلى الوقاية من الأمراض واستخدام التقنيات الجزيئية والوراثية المتقدمة لعلاج الأمراض المهددة للحياة. وفيما يخص علم الأمراض الرقمي (Digital pathology) أشار الشهري أنه مجال فرعي ثانوي من علم الأمراض يتطور بشكل تدريجي منذ ما يقارب ثلاثة عقود. كما أن هذا الفرع يتطلب وجود بنية تحتية رقمية في بيئة سريرية لجمع وإدارة البيانات وتفسير المعلومات الناتجة من التصوير الكامل العالي الجودة لمقاطع الأنسجة في العينات المرضية. لذلك تعتمد الاستفادة المثلى من علم الأمراض الرقمي على وجود أدوات تشمل ماسحات ضوئية وتجهيزات مخبرية ورقمنة عالية الدقةلتصوير الأنسجة المثبتة على شرائح مجهرية زجاجية قبل عرضها عبر منصات حاسوبية على المتخصصين في علم الأمراض. رقمنة علم الأمراض بيّن الشهري أنه تم تصميم أول ماسح ضوئي افتراضي لديه القدرة على تصوير الشريحة بصورة كاملة (WSI) بواسطة العالم والمخترع جيمس باكوس وتم توفير الماسح في الأسواق التجارية عام 1994. حيث أن هذا الماسح منح المهتمين في علم الأمراض عين تقنية ثالثة لرؤية الصور من زاوية أوسع متضمنةً تفاصيل متعددة يمكن الرجوع إليها في أي وقت مقارنةً بالعين البشرية التي ترى الصور تحت المجهر الضوئي من زاوية محددة في وقت لا يمكن الرجوع إليه.نتيجةً لذلك أدى التطور المتسارع في رقمنة شرائح الأنسجة إلى تحول جذري في علم الأمراض ونتج عنها تطبيقات سريرية وتعليمية وبحثية رسمت الوجه الجديد لعلم الأمراض. وفيما يخص الأثر الإيجابي لعلم الأمراض الرقمي قال الشهري بأنه يمكن تلخيص التأثيرات الإيجابية لعلم الأمراض الرقمي الراهن فيما يلي: 1- الحصول على الاستشارات الطبية والرأي الآخر من المتخصصين بشأن التشخيصات والإجراءات العلاجية عن بعد وفي وقت قصير والذي بدوره يدعم تسريع خدمات إحالة المرضى بين المنشآت الصحية. على سبيل المثال: يمكن مسح الأنسجة التي يتم استئصالها أثناء الجراحة والمرسلة لمختبر علم الأمراض خلال وقت وجيز اضافةً إلى عرض المقاطع التي يتم تصويرها عبر واجهات رقمية عالية الدقة والتنقل خلالها والوصول إلى قرار طبي خلال عدة دقائق لتحديد المسار التشخيصي أو العلاجي المناسب للمريض. 2- توسيع وتسهيل مشاركة بيانات ومعلومات مختلف الشرائح المرضية على نطاق محلي وعالمي والذي يسهم في توفير موارد تدريبية رقمية تدعم تطوير مهارات المتخصصين في علم الأمراض وتنمي خبراتهم المهنية. 3- تحسين سير العمل وزيادة كفاءة الاتصال بين القوى العاملة في قسم علم الأمراض والمختبرات السريرية ومختلف الأقسام الطبية كالباطنة والجراحة. 4- تمهيد الطريق لاستخدامات الذكاء الاصطناعي وتحسين دقة تعلم الآلة ودعم الفوائد المرجوة في تنمية خدمات علم الأمراض بشكل إبداعي. على سبيل المثال: تمكين اجراء المقارنات مع الحالات المرضية المشابهة وانشاء النماذج التنبؤية لتطور المرض والتي بدورها تقلل من أثر الأحكام الذاتية الخاطئة أو غير الدقيقة التي ربما تصدر من المتخصص في علم الأمراض عند تقدير نسبة الخلايا السليمة أو المرضية وارتباطها بالمؤشرات الحيوية. تابع بلا شك تدعم المنظمات الصحية بمختلف مستوياتها وإمكانياتها كل ما من شأنه تحسين رعاية المريض إلا أن الواقع يشير إلى أن تبني تقنيات علم الأمراض الرقمي في الممارسات الصحية لا يزال في المراحل الأولى كونه يتطلب استثمار استراتيجي مستدام في ثلاثة أمور: 1- تجهيز البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات الحديثة في مختبرات علم الأمراض والتي تتباين تكلفتها المادية حسب السعة السريرية للمستشفى. 2- تدريب مجموعة من العلماء والأطباء ليكونوا خبراء في علم الأمراض الرقمي. 3- بناء القيادة المهنية في مجال علم الأمراض الرقمي من خلال التعاون البناء بين الشركاء في النظم الصحية والصناعية والتقنية وصولاً إلى الشركاء في الجهات المعنية بتنمية البحث والابتكار. أثره في مستقبل القطاع الصحي وحول تأثيره المستقبلي ، نوّه الشهري أن الزمن كفيل بتوضيح الوجه التالي لعلم الأمراض الرقمي إلا أنه متوقع أن يكون أحد المسارات المستقبلية في تقديم الرعاية الصحية تماما كما يحدث في مجال الرعاية الصحية عن بعد (Telehealth) و الطب الاتصالي .(Telemedicine) التطورات الموازية في مجال التكنولوجيا الرقمية بما في ذلك سرعة معالجة وإدارة البيانات الضخمة للصور والتخزين السحابي وتصميم الخوارزميات المعقدة لدعم القرار وأتمتة تلك المهام باستخدام الذكاء الاصطناعي تدعم تلك النظرة المستقبلية. أيضاً، تجعل الفرصة ممكنة لتطوير أدوات الجيل القادم لعلم الأمراض الرقمي خصوصاً في مسار تحسين أساليب تحليل الصور الموجهة بالبيانات والقائمة على المعرفة اضافةً إلى التكامل مع مصادر البيانات الرقمية الأخرى مثل بيانات الجينوم والمعلوماتية الحيوية حتى وإن كان التحول يسير ببطء في الوقت الراهن. وختم الشهري مؤكدا بأن الدعوة إلى التوسع في خدمات علم الأمراض الرقمي لا تعني الاستغناء عن المتخصصين بل هناك احتياج للمتخصصين في علم الأمراض على المستوى العالمي عموماً وللخبراء على وجه الخصوص لتفسير المعلومات وربط التفاصيل من الشرائح المرقمنة للوصول إلى تقييم شامل للمرض.