اخبار السعودية
موقع كل يوم -جريدة الرياض
نشر بتاريخ: ٢٢ أيلول ٢٠٢٥
الرياض - نايف الحربي
كد الخبير الاقتصادي عبدالعزيز النصير أننا نعيش في عصر تتسارع فيه المغريات وتزداد فيه الخيارات الاستهلاكية، ويبرز مفهوم الصرف الخفي كأحد أخطر الأسباب المؤدية إلى حدوث تسريبات مالية صامتة تلتهم الرواتب وقد تؤدي إلى الإفلاس دون أن يشعر الفرد بذلك، مضيفًا أنه يمثل نموذجًا خفيًا في الإنفاق العام دون الحاجة إلى أي شيء لتحقيق أهداف اقتصادية.
ويؤكد النصير أن ظاهرة الصرف الخفي لا ترتبط بالمصاريف الكبيرة لحاجيات الفرد أو المشتريات الفاخرة فحسب، بل تكمن في النفقات الصغيرة والمتكررة التي تبدو في ظاهرها غير مؤثرة، لكنها مع مرور الوقت تتحول إلى عبء ثقيل يلتهم الدخل، ويثقل كاهل الموظف الذي رسم خارطة إنفاق شهرية محددة لكنه تجاهل الصرف الخفي، الذي كان بالإمكان تجنبه للحفاظ على التوازن المالي له ولأفراد أسرته.
واستعرض الخبير أمثلة عديدة لذلك: اشتراكات التطبيقات التي تُجدد تلقائيًا دون متابعة، القهوة اليومية من المقاهي التي أصبحت بديلًا واسع الانتشار عن البيوت، خدمات التوصيل المتكررة التي تسهّل الإنفاق وربما تدفع إلى شراء منتجات غير ضرورية، إضافة إلى المشتريات العفوية عبر الإنترنت مثل العروض التجارية المحفزة للشراء دون حاجة حقيقية.
وقال النصير: إن هذه المصروفات الخفية، التي يراها البعض 'محدودة'، قد تتجاوز في مجموعها مئات الريالات شهريًا وآلاف الريالات سنويًا، وهو ما قد يقود الشخص إلى عجز مالي يفتح باب الديون والالتزامات، ويضر بالأسرة والمجتمع لكون العائل غير قادر على تلبية احتياجاته المادية وأفراد أسرته.
وبيّن أن خطورة الصرف الخفي تكمن في كونه غير ملحوظ، ولا يحتاج إلى وقت معين، حيث يمر على المستهلك مرور الكرام فلا يشعر به إلا عند مراجعة كشف الحساب البنكي أو عند تراكم الديون.
وأكد أن غياب الوعي المالي وضعف ثقافة الادخار يزيدان من اتساع المشكلة، إذ يجد الفرد نفسه يصرف أكثر مما يكسب دون أن يدرك السبب الحقيقي للصرف، وربما دون وجود حاجة ملحّة لذلك.
وللحد من هذه الظاهرة، نصح بضرورة إعداد ميزانية شهرية دقيقة لا يمكن الاستغناء عنها، تتضمن متابعة المصروفات الصغيرة قبل الكبيرة، وإلغاء الاشتراكات غير الضرورية، ووضع حد أعلى للمشتريات الترفيهية اليومية، ورسم سياسات مالية واضحة للإنفاق والحد من الهدر في شراء المنتجات والخدمات غير الضرورية.
وشدد على أهمية استخدام التطبيقات الذكية لتتبع النفقات وكشوف الحسابات البنكية المعتمدة لدى البنوك والمؤسسات المالية، كونها تساعد على كشف 'التسرب المالي'، والسيطرة على المصروف الخفي قبل أن يتحول إلى كارثة اقتصادية تتراكم بسببها الديون على العائل وقد تؤدي إلى تفكك الأسرة وعدم قدرتها على تحقيق أهدافها.
ويرى النصير أن الإعجاب بالعروض وتحديق النظر إلى المنتجات أثناء التسوق يعد مسوغًا للشراء دون حاجة، ويتطلب وعيًا أكبر وضبطًا للنفس وتذكر العواقب المالية الناتجة عن الاستسلام لهذه الرغبات.
وختم حديثه قائلًا: إن الصرف الخفي ليس مجرد عادة استهلاكية سيئة، بل هو مسار صامت نحو الإفلاس وخسارة الراتب الشهري، وما لم يتعامل معه الأفراد بوعي وانضباط مالي، فإنه يهدد استقرارهم الاقتصادي ومستقبلهم، وربما يجر عليهم الويلات بسبب العجز عن تلبية احتياجات أسرهم. لذا، فإن إدراك خطورته واتخاذ خطوات عملية للسيطرة عليه يعدان مفتاحًا للحفاظ على التوازن المالي وتجنب الوقوع في فخ الديون والإفلاس، والانزلاق وراء شركات التقسيط التي تلتهم رواتب الموظفين دون رحمة.