اخبار السعودية
موقع كل يوم -جريدة الرياض
نشر بتاريخ: ١ حزيران ٢٠٢٥
فهد بن سعد القثامي
لا يمكن الحديث عن الحج والعمرة دون التطرق لصناعة الخدمات، فهي العمود الفقري الذي يحمل على عاتقه مسؤولية تلبية احتياجات ملايين الحجاج والمعتمرين القادمين من مختلف أنحاء العالم.
هذه الصناعة نموذج متكامل يعكس القدرة على إدارة الحشود البشرية الضخمة بأعلى درجات الكفاءة والتنظيم، ويقدم للعالم صورة مشرقة عن احترافية المملكة في تقديم الخدمات، خاصة مع الأعداد المليونية التي تشهدها مواسم الحج والعمرة سنوياً.
منذ لحظة وصول الحاج أو المعتمر إلى أرض المملكة، يجد نفسه في منظومة متكاملة تبدأ من المنافذ الجوية والبحرية والبرية، حيث تتسارع الخدمات لتوفير تجربة سلسة ومريحة. المطارات تعمل بكفاءة عالية، تسهيلات الدخول والإجراءات الجمركية تنجز بسرعة، والنقل الداخلي منظم بشكل يضمن وصول الزائر إلى وجهته بسلاسة، وكل هذه الخدمات مدعومة بأنظمة تقنية متقدمة تتيح تتبع الحشود وتوجيهها بكفاءة لضمان سلامة الجميع.
ما يميز صناعة الخدمات في الحج والعمرة أن كل تفصيل مدروس بعناية فائقة، من جودة الطعام والشراب، إلى الخدمات الصحية والطبية التي تدار بأعلى معايير الرعاية والجاهزية، مروراً بمستوى النظافة والصيانة في المشاعر المقدسة، وما يلفت الانتباه أن المملكة تعتمد على تقنيات متقدمة في إدارة هذه المنظومة، بما في ذلك تطبيقات الهواتف الذكية التي تتيح للحاج معرفة موقعه والخدمات المتاحة حوله، وأنظمة النقل الذكية التي تقلل من الازدحام وتوفر الوقت والجهد. هذه التفاصيل جاءت نتيجة تخطيط استراتيجي طويل الأمد يستند إلى خبرة متراكمة ورؤية واضحة لجعل رحلة الحج والعمرة تجربة إيمانية وإنسانية راقية.
ولا يمكن الحديث عن هذه الصناعة دون الإشارة إلى روح الضيافة والكرم التي تعبر عنها الخدمات المقدمة في كل زاوية من الموظفين والمتطوعين الذين يعملون على مدار الساعة لتلبية احتياجات الحجاج، إلى المبادرات التي تهدف لتوفير بيئة آمنة ومريحة مثل توزيع الوجبات المجانية، وتوفير المياه المبردة، والمظلات، وحتى المقاعد المتحركة لكبار السن وذوي الإعاقة.
المملكة اليوم استطاعت من خلال رؤية 2030 أن تعزز من جودة صناعة الخدمات في الحج والعمرة، عبر برامج ومبادرات نوعية تهدف إلى تحسين تجربة الزائر ورفع الطاقة الاستيعابية للمشاعر المقدسة، مع الحفاظ على جودة الخدمات المقدمة، وتشمل هذه الجهود تطوير البنية التحتية، وتوسعة المطارات، وإنشاء الفنادق الحديثة، وإطلاق منظومة متكاملة من الخدمات اللوجستية التي تدار وفق أعلى المعايير العالمية. هذه الجهود جعلت من المملكة نموذجاً يحتذى به عالمياً في إدارة الحشود، ليس ذلك فحسب بل تقديم تجربة استثنائية تفيض بالإنسانية والرقي تعزز مكانتها العالمية وتلهم دولاً أخرى لتبني نماذج خدمة متكاملة وشاملة.