اخبار السعودية
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ٩ تموز ٢٠٢٥
طه العاني - الخليج أونلاين
ما أبرز المجالات التي شملتها الاتفاقيات بين السعودية وإندونيسيا؟
شملت الطاقة النظيفة والبتروكيماويات وخدمات وقود الطائرات.
كم تبلغ قيمة الاتفاقيات الجديدة الموقعة بين البلدين؟
تصل إلى نحو 27 مليار دولار.
تواصل السعودية رسم ملامح جديدة للطاقة والاقتصاد عبر صفقات تاريخية توسع حضورها الإقليمي والدولي، وتفتح آفاقاً غير مسبوقة للتعاون مع شركائها في آسيا، وفي مقدمتهم إندونيسيا.
تأتي هذه التحركات امتداداً لمساعي المملكة في بناء تحالفات نوعية تفتح أبواباً واسعة للاستثمار وتبادل الخبرات، وتُعد إندونيسيا واحدة من أبرز الشركاء الذين تراهن عليهم، في ظل توافق الرؤى الاقتصادية وتنامي المصالح المشتركة التي تدفع البلدين نحو مرحلة جديدة من التعاون النوعي.
اتفاقيات تاريخية
شهدت العلاقات السعودية الإندونيسية مؤخراً دفعة قوية مع توقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم تصل قيمتها إلى نحو 27 مليار دولار بين مؤسسات القطاع الخاص في مجالات عدة، منها الطاقة النظيفة والصناعات البتروكيماوية وخدمات وقود الطائرات.
وجاء توقيع هذه الاتفاقيات، في 2 يوليو 2025، بالتزامن مع زيارة الرئيس الإندونيسي برابوو سوبيانتو إلى الرياض ولقائه بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، حيث عقدا جلسة مباحثات رسمية استعرضا خلالها العلاقات التاريخية بين البلدين وسبل تطويرها في مختلف المجالات.
وأشاد الجانبان بمتانة الروابط الاقتصادية، وأكدا أهمية دفع التعاون في القطاعات ذات الأولوية المشتركة، وتعزيز دور القطاع الخاص، واستثمار فرص رؤية المملكة 2030 ورؤية إندونيسيا الذهبية 2045.
كما ثمّن الجانبان مستوى التجارة الثنائية التي بلغت نحو 31.5 مليار دولار، خلال الأعوام الخمسة الماضية، مما جعل السعودية الشريك التجاري الأول لإندونيسيا في المنطقة.
واتفق الطرفان على استمرار تنمية التبادل التجاري، وتكثيف الزيارات والفعاليات التجارية من خلال مجلس الأعمال السعودي الإندونيسي لتحويل الفرص إلى شراكات عملية.
أكدا أيضاً أهمية توسيع التعاون داخل المنظمات الدولية مثل صندوق النقد والبنك الدوليين والبنك الإسلامي للتنمية، وتعزيز التنسيق المشترك في القضايا الدولية ضمن الأمم المتحدة، ومنظمة التعاون الإسلامي، ومجموعة العشرين، وحركة عدم الانحياز.
زيارة لتعزيز التعاون
زيارة الرئيس الإندونيسي إلى السعودية تحمل في طياتها خطة واضحة لتعظيم التعاون الاقتصادي والسياسي بين الرياض وجاكرتا.
حيث أكد نائب رئيس المجلس الاستشاري الشعبي الإندونيسي محمد هدايت نور، في تصريح لصحيفة 'الشرق الأوسط'، نُشر في 1 يوليو 2025، أن 'الزيارة الرئاسية تترجم عمق العلاقات بين السعودية وإندونيسيا'.
وتوقع نور أن تسهم الزيارة في بحث سبل تعزيز التعاون الاقتصادي الشامل، مع التركيز على دعم الأمن الغذائي، مشيراً إلى وجود مقترحات لجذب استثمارات سعودية بهدف زيادة الإنتاج الغذائي والزراعي، لا سيما في مجالات القمح والذرة والأرز، إلى جانب تنامي النشاط السياحي بين البلدين.
وشدد على أن إندونيسيا منفتحة على الصناعات الجديدة والتقنيات الحديثة، وتسعى إلى استقبال مزيد من الاستثمارات السعودية لتحقيق استدامة الأمن الغذائي وتعزيز الشراكة مع المملكة بوصفها وجهة رئيسية للمنتجات الغذائية.
وأوضح نائب رئيس المجلس الاستشاري أن الحكومة الإندونيسية تعمل على تعزيز البيئة الآمنة للاستثمار الأجنبي، وضمان تدفقه بسلاسة عبر معالجة التحديات التي تواجه المستثمرين، خاصة في قطاع الزراعة، مع إتاحة فرص واسعة للمستثمرين السعوديين في قطاعات الزراعة والغذاء والتعدين والصناعة.
وأشار إلى أن جاكرتا تتطلع إلى توظيف عضوية البلدين في مجموعة العشرين لتوسيع مجالات التعاون الاقتصادي والتقني والمناخي والصناعي، مؤكداً أهمية دفع العمل المشترك ضمن مجموعة السبع ومجموعة العشرين لمعالجة اختلالات توزيع الثروات والموارد عالمياً، بما يسهم في تحقيق توازن تنموي وإيجاد فرص تنمية مستدامة في العالم.
قفزة اقتصادية
ويقول الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد ذكر الله إن العلاقات الإندونيسية السعودية تشهد قفزات كبيرة إلى الأمام، مشيراً إلى امتلاك كلا البلدين إمكانات هائلة للتكامل الاقتصادي الواعد في العديد من القطاعات.
ويلفت في حديثه مع 'الخليج أونلاين' إلى أن اتجاه السعودية نحو شرق آسيا، بخلاف التوجهات السابقة، يخلق مجالاً حيوياً جديداً وفاعلاً ومساندات إقليمية ودولية جديدة للمملكة.
ويضيف أن القفزة الأخيرة في حجم الاستثمارات السعودية الضخمة، أو الوعود بها، داخل إندونيسيا تبلغ نحو 27 مليار دولار، واللافت في هذا الشأن هو تنوع هذه الاستثمارات في قطاعات بالغة الأهمية.
وأوضح ذكر الله أن الأبرز هو استثمار السعودية مع الصندوق السيادي الإندونيسي في مجالات البحث والاستكشاف عن الطاقة.
ويرى أن هذا الموضوع شديد الأهمية بالنسبة لإندونيسيا، التي تُعد قوة اقتصادية صناعية صاعدة وواعدة، ومن ثم فإن توفير الطاقة محلياً سيوفر عليها كثيراً من فاتورة دفع الطاقة بالعملات الأجنبية.
كما أشار إلى أن الاستثمارات السعودية يمكن أن تعين وتساعد بعض القطاعات الصناعية والزراعية في الداخل الإندونيسي، لا سيما القطاع الزراعي.
وبصفة عامة يعتبر ذكر الله هذه الاستثمارات دفعة قوية للاقتصاد الإندونيسي الذي كان بالفعل بحاجة إليها، وربما تكون نقطة انطلاق لشراكات أكبر وأوسع خلال المرحلة المقبلة.
شراكة متجددة
وتعكس العلاقات السعودية الإندونيسية مسيرة تعاون ممتدة منذ نحو ثمانية عقود، وشهدت السنوات الأخيرة زيارات متبادلة رفيعة المستوى دعمت الشراكة.
وشهدت زيارة الملك سلمان بن عبد العزيز إلى إندونيسيا، عام 2017، توقيع إعلان مشترك و18 اتفاقية ومذكرة تفاهم، وتواصلت الاجتماعات رفيعة المستوى، وكان آخرها زيارة الرئيس سوبيانتو للرياض.
كما أبرم البلدان مذكرة تعاون في الطاقة تشمل البترول والغاز والكهرباء والطاقة المتجددة والهيدروجين النظيف وكفاءة الطاقة والاقتصاد الدائري للكربون، إلى جانب التحول الرقمي والابتكار والذكاء الاصطناعي، وذلك خلال زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عام 2022 للمشاركة في قمة مجموعة العشرين في جزيرة بالي الاندونيسية.
وتُعد 'أرامكو' السعودية أكبر مورد للبنزين إلى إندونيسيا بحصة سوقية تتراوح بين 25% و30%، خلال السنوات الأربع الماضية، وأكبر مورد للنفط بمتوسط إمدادات يبلغ 11 مليون برميل سنوياً.
وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 6.5 مليار دولار عام 2024، وتضم أهم السلع المصدرة لإندونيسيا منتجات معدنية وكيماوية عضوية وغير عضوية ولدائن وفواكه، وأهم السلع المعاد تصديرها سفن وآلات وأجهزة طبية ومنتجات خزف، أما أهم السلع المستوردة للمملكة فتشمل السيارات وأجزاءها والزيوت النباتية وسفناً وآلات وخشباً.
وقدمت المملكة لإندونيسيا عبر منصة المساعدات السعودية 113 مشروعاً بقيمة تناهز 670 مليون دولار شملت التعليم، والنقل، والصناعة، والزراعة، والصحة، والإيواء، ومساعدات إنسانية وتنموية وخيرية متنوعة.
ترسم الصفقات الأخيرة مساراً جديداً للتعاون بين الرياض وجاكرتا، وتفتح آفاقاً أوسع للطاقة والاستثمار، بما يعزز مكانة البلدين ويحول التفاهمات إلى فرص حقيقية.