اخبار السعودية
موقع كل يوم -صحيفة الوئام الالكترونية
نشر بتاريخ: ٥ نيسان ٢٠٢٥
باتت العيادات القانونية اليوم، واحدة من أهم الأدوات التعليمية الحديثة التي تساهم في تعزيز التعليم القانوني وتطوير مهارات طلاب القانون، ففي لقاء خاص مع الدكتور عبداللطيف الخرجي، أستاذ القانون في كليات الأصالة بالدمام، أوضح أن العيادات القانونية لم تعد مجرد نشاط أكاديمي، بل أصبحت عنصرًا جوهريًا في المنظومة التعليمية القانونية، نظرًا لدورها في سد الفجوة بين الدراسة النظرية والتطبيق العملي.
وأشار الدكتور الخرجي لـ'الوئام'، إلى أن التعليم القانوني التقليدي يعاني من محدودية في تمكين الطلاب من التعامل مع القضايا القانونية الحقيقية، الأمر الذي قد يؤثر على جاهزيتهم لسوق العمل، كما أوضح أنه عند دراسة القانون في قاعة المحاضرات، قد يكون الطالب على دراية بالنظريات القانونية والمبادئ الأساسية، لكنه يفتقر إلى الخبرة العملية التي تؤهله لممارسة المهنة بثقة، وهنا يأتي دور العيادات القانونية في منح الطلاب الفرصة لتطبيق معارفهم القانونية بشكل مباشر، والتعامل مع قضايا فعلية تحت إشراف أكاديمي متخصص.
ويرى، أن فكرة العيادات القانونية ليست وليدة اليوم، بل تعود إلى أوائل القرن العشرين، حيث بدأت في الجامعات الأمريكية كوسيلة لإعداد الطُلاب للممارسة العملية، فقد تبنت العديد من الجامعات حول العالم هذا النموذج، حيث يتم إدراج العيادات القانونية ضمن المقررات الدراسية لتمكين الطلاب من تقديم استشارات قانونية مجانية لفئات المجتمع المختلفة، مثل العمال وأصحاب الدخل المحدود، تحت إشراف أساتذة القانون والممارسين المتخصصين.
وأشار الخرجي، إلى عدد من التجارب الدولية الرائدة في مجال العيادات القانونية، مثمنًا تجربة جامعة قطر، التي تبنّت تطبيق العيادات القانونية بصورة منهجية ضمن كليات القانون، وذلك تحت إشراف ومتابعة علمية من البروفيسور محمد مطر، مُضيفا أن هذه التجربة أسهمت في تمكين الطلاب من تقديم استشارات قانونية عملية في مجالات متعددة، من بينها حقوق الإنسان، وقانون الأسرة، وقانون العمل، مما انعكس إيجابًا على صقل مهاراتهم القانونية ورفع كفاءتهم المهنية، كما كان لهذه التجربة دور بارز في خدمة المجتمع من خلال نشر الوعي القانوني وتعزيز ثقافة الحقوق والواجبات.
وفيما يتعلق بالسعودية، أكد الدكتور الخرجي على أهمية تطوير تجربة العيادات القانونية في الجامعات السعودية، موضحًا أن هذه الخطوة ستساعد الطلاب على فهم القوانين والأنظمة المحلية بطريقة عملية، وستمنحهم خبرة مبكرة في التعامل مع القضايا القانونية التي تمس المجتمع السعودي، مشيرا إلى أن هذه العيادات يمكن أن تكون أداة فعالة لتعزيز التواصل بين الجامعات والمجتمع، حيث تقدم استشارات قانونية مجانية لمن يحتاجها، مما يسهم في ترسيخ دور الجامعات كمؤسسات تخدم المجتمع وتدعم تحقيق العدالة.
وقد بدأت بالفعل عدة جامعات سعودية في إدخال العيادات القانونية إلى برامجها التعليمية لتعزيز الجانب التطبيقي في التعليم القانوني، فعلى سبيل المثال، أنشأت جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن عيادة قانونية مرخصة من الهيئة السعودية للمحامين تُقدم خدمات استشارية وتدريبًا عمليًا للطالبات، كما أطلقت جامعة الأمير سلطان عيادة قانونية تُقدم استشارات مجانية تحت إشراف محامين مرخصين، بهدف نشر الوعي القانوني وتعزيز العمل التطوعي، أما جامعة شقراء فقد أسست عيادة قانونية متخصصة في استقبال الحالات القانونية وتقديم الاستشارات وصياغة المذكرات القانونية، مساهمة بذلك في تعزيز العدالة الاجتماعية وتنمية مهارات الطلاب القانونية.
وشدد الدكتور الخرجي على أن تفعيل العيادات القانونية في المملكة يتماشى مع رؤية السعودية 2030، التي تركز على تطوير التعليم وتعزيز الارتباط بين المناهج الأكاديمية ومتطلبات سوق العمل، موضحا أن تبني هذا النموذج سيساهم في تخريج كوادر قانونية متمرسة قادرة على مواجهة تحديات المهنة، مما يعزز من كفاءة النظام القانوني في المملكة بشكل عام.
واختتم حديثه بالتأكيد على أن العيادات القانونية ليست مجرد وسيلة لتدريب الطلاب، بل هي منهج تعليمي متكامل يسهم في إعداد جيل جديد من القانونيين المتمكنين من أدواتهم المهنية• وأكد أن الجامعات السعودية مهيئة لتبني هذا النهج وتطوير برامج عيادات قانونية متكاملة، تساهم في تحقيق التعليم القانوني التطبيقي، ودعم الطلاب والمجتمع على حد سواء.