اليوم الوطني السعودي.. ما أبرز محطات المملكة في 93 عاماً؟

طه العاني - الخليج أونلاين

تأسست السعودية في 23 سبتمبر 1932.

شهدت طفرة تنموية شاملة وتقدماً سريعاً في مختلف المجالات.

تعد حقبة الملك سلمان بن عبد العزيز من أهم الفترات الملكية في التاريخ السعودي المعاصر لكونها شهدت إصلاحات شاملة.

دشنت السعودية احتفالها السنوي لإحياء اليوم الوطني السعودي بمناسبة مرور 93 عاماً على إعلان توحيد البلاد على يد الملك المؤسِّس عبد العزيز آل سعود، في 23 سبتمبر 1932.

وأطلقت المملكة شعار 'نحلم ونحقق' هذا العام، الذي استلهمت هويته من الأحلام التي أصبحت قريبة وواقعية في كل مناحي حياة سكان المملكة، إذ انعكست بوضوح على مشاريع ضخمة راهنت عليها المملكة في رؤية السعودية 2030.

وتشهد المملكة فعاليات ضخمة احتفالاً بالمناسبة، تستمر عدة أيام في مختلف مناطق البلاد، تشمل استعراضات عسكرية وعروضاً جوية ومهرجانات وطنية وحفلات غنائية وفنية وعروض سيرك وغيرها.

وفي هذه المناسبة نستعرض أبرز المحطات في تاريخ المملكة خلال العقود التسعة الماضية، حيث تعاقب 7 ملوك على حكمها منذ التأسيس.

الملك عبد العزيز.. التأسيس

بدأ تاريخ المملكة العربية السعودية عندما نجح الملك عبد العزيز آل سعود في توحيد البلاد وتأسيس الدولة السعودية للمرة الثالثة، وشهدت العقود الأولى من تاريخ المملكة حملات توحيد واستعادة مناطق في شبه الجزيرة العربية، وتحقيق الاستقرار، وتوطين قبائلها، وفق الموقع الرسمي لرؤية 2030.

وحرص الملك عبد العزيز على التأسيس الإداري والسياسي والاقتصادي والتنموي للبلاد، ونقلها إلى مرحلة حديثة حيث تم تأسيس مجلس الوكلاء، ومجلس الشورى، وإدارة المقاطعات، ورئاسة القضاء والمحاكم الشرعية، ووزارات الخارجية، والمالية، والدفاع، والمواصلات، والصحة، والداخلية، ومديرية المعارف، ومؤسسة النقد العربي السعودية، وغيرها من المؤسسات.

وعزز ظهور النفط واستخراج المعادن تسارع خُطا المملكة في صناعة الاقتصاد، وتضاعُف العلاقات التجارية مع الدول العالمية، وانتشار حركة التجارة الداخلية، إضافة إلى استقطاب التقنيات العالمية والاستفادة منها داخل المملكة.

وحقق إنجازات في مجال التنظيم وتطوير الخدمات المقدمة للحجاج؛ حيث أمر بتوسعة الحرمين الشريفين وتأسيس المديرية العامة للحج، وإنشاء المحاجر الصحية، وإنشاء الطرق ووسائل المواصلات المتعددة، كما شملت عنايته التعليم، ونشر المعرفة من خلال تشجيع طلاب العلم.

وفي أواخر حكمه أنشأ مجلس الوزراء ليكون خاتمة إنجازاته الإدارية والتنظيمية.

الملك سعود.. انطلاقة عالمية

ومع رحيل الملك المؤسس تولى نجله الأكبر، الملك سعود بن عبد العزيز، مقاليد الحكم عام 1953، واستمر على منهج والده، واستحدث عدداً من الوزارات الجديدة.

وفي عهده أنشئت أول جامعة في المملكة، وهي جامعة الملك سعود 1957، وأول كلية عسكرية، وأصدر مجموعة أنظمة، ومن أهمها نظام مجلس الوزراء، كما قام بتوسعة الحرمين، وعمد إلى تقوية الجيش وتزويده بالأسلحة الحديثة.

وعلى الصعيد العالمي، شهدت المملكة في عهده إلغاء الرق، كما أصبح أول ملك سعودي يزور الولايات المتحدة في عام 1957، ورعى أول مؤتمر إسلامي دولي تستضيفه المملكة في عام 1962، وأصبحت رابطة العالم الإسلامي مقرها مكة المكرمة.

الملك فيصل.. خطط التنمية

ومع اشتداد المرض على الملك سعود بويع أخوه الملك فيصل بن عبد العزيز في نوفمبر 1964، ليكون مجدداً للمملكة ومعززاً لتقاليدها الغنية.

وخلال حكمه أُطلقت الخطط الخمسية، التي شملت برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية لتطوير البنية التحتية السعودية وخلق فرص النمو والتقدم.

كما أسس الملك فيصل وزارة العدل ومجلس القضاء الأعلى، وأنشأ المشاريع الزراعية والعقارية والصناعية، وأنشئت في عهده المؤسسة العامة للبترول والمعادن.

وشهد عهده اهتماماً خاصاً بالتعليم؛ حيث شجع تعليم البنات وزيادة عدد المبتعثين للدراسة بالخارج، ودعم التعليم العالي، كما شملت إنجازاته الجوانب الاجتماعية.

وكان له دور كبير في إنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي على مستوى 65 دولة، وأسهم في استكمال مشروعات توسعة الحرمين، ومن أبرزها توسعة المطاف، التي افتتحت عام 1967.

واصل الملك فيصل إنجازاته الداخلية والخارجية ومواقفه التاريخية حتى اغتياله في صبيحة 25 مارس 1975.

الملك خالد.. نهضة تعليمية

ومع تولي الملك خالد بن عبد العزيز مقاليد الحكم عام 1975 واصل السير على خُطا ملوك بلاده السابقين في التركيز على الاستثمار في البنية التحتية والتنمية الصناعية والتطوير المستمر للفرص التعليمية.

وشهدت النهضة التعليمية في عهده تطوراً كبيراً، حيث افتتحت جامعتا الملك فيصل بالدمام وأم القرى بمكة المكرمة، كما اهتم بالزراعة، وأنشئت في عهده صوامع الغلال ومطاحن الدقيق، كما اهتمت الدولة في عهده بتشجيع القطاع الصناعي، وإعداد الخطط الصناعية لرفع مستوى الصناعة والتصنيع في البلاد.

وكان الملك خالد الداعم الرئيسي في تشكيل مجلس التعاون الخليجي في عام 1981 لتعزيز التعاون الاقتصادي والأمني بين دول الخليج الست، كما أسهم في إكمال مشروعات الحرمين، كما اهتم أيضاً بتطوير الجيش السعودي وأسلحته، وتطوير الحرس الوطني.

الملك فهد.. الدبلوماسية الدولية

وبعد وفاة الملك خالد بويع الملك فهد بن عبد العزيز، في يونيو عام 1982 وتطورت المملكة في عهده اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً لتبرز كقوة سياسية واقتصادية رائدة، وفي عام 1986 غير لقب الملك من صاحب الجلالة إلى خادم الحرمين الشريفين.

وكان للملك فهد دور فعال في تنويع الاقتصاد السعودي وتشجيع استثمارات القطاع الخاص وكذلك تعزيز التنمية الزراعية والاستثمار في البنية التحتية، حيث اعتنى بالتعليم، وازداد عدد المدارس والكليات في عهده، وأنشأ جامعة الملك خالد.

وصدر في عهده العديد من المراسيم الملكية يتعلق الأول منها بالنظام الأساسي للحكم، والثاني بنظام مجلس الشورى، والثالث بنظام المناطق، كما صدر في عهده نظام مجلس الوزراء.

وكرس الملك فهد سنوات من العمل لتعزيز الدبلوماسية الدولية لحل الأزمات الإقليمية والعالمية، ومن بينها الصراع العربي الإسرائيلي، وغزو العراق للكويت، والحرب الأهلية اللبنانية، فضلاً عن الجهود المبذولة في البوسنة والهرسك وكوسوفو وأفغانستان وكشمير.

وشهدت سنوات حكمه أضخم توسعتين للمسجد الحرام والمسجد النبوي، وكذلك عمل على توسعة المطارات والموانئ لتمكين الحج وإنشاء وزارة الشؤون الإسلامية.

الملك عبد الله.. مبادرة السلام

وبعد رحيل الملك فهد عام 2005، تولى الملك عبد الله بن عبد العزيز، لتشهد البلاد في عهده مرحلة جديدة من التطور في مختلف القطاعات.

خطت مسيرة التعليم في عهده خطوات متسارعة حيث تضاعفت أعداد جامعات المملكة من ثماني جامعات إلى أكثر من عشرين جامعة، وافتتحت الكليات والمعاهد التقنية والصحية، وعدد من المدن الاقتصادية.

وحرص الملك عبد الله على تحقيق السلام في الشرق الأوسط، وقد أوصى بمبادرة السلام العربية التي تهدف لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي وتخفيف محنة الفلسطينيين.

كما اهتم بتوسعة الحرمين الشريفين، حيث أمر في عام 2007 بتوسعة الساحات الشمالية للمسجد الحرام، كما أنجز في عهده جسر الجمرات الجديد وتوسعة المسعى؛ وذلك لمعالجة مشكلة ازدحام الحجاج والمعتمرين، ومشروع مياه زمزم، كما صدر في عهده نظام هيئة البيعة.

الملك سلمان.. رؤية جديدة

وتمت مبايعة الملك سلمان بن عبد العزيز في 23 يناير 2015 بعد وفاة أخيه الملك عبد الله، وتُعد الأيام المئة الأولى التي عاشتها المملكة في عهده من أهم الفترات الملكية في التاريخ السعودي المعاصر.

وأطلق الملك سلمان العديد من القرارات الحاسمة والمهمة، التي أنبأت عن ولادة عهد جديد في البلاد، كانت بدايته في إعادة تنظيم مؤسسات الدولة بدمج وزارات وإنشاء أخرى جديدة، ثم تحجيم البيروقراطية بإلغاء العديد من المجالس العليا، وإنشاء مجلسين للشؤون الاقتصادية والتنمية وللشؤون السياسية والأمنية، وإعادة الهيكلة المالية وصولاً إلى تعزيز دور القيادات الشابة ذات الكفاءات العالية في إدارة شؤون الدولة، وإطلاق حملة واسعة لمكافحة كل أوجه الفساد والتطرف.

كما أولى اهتمامه الكبير بالحرمين الشريفين، من خلال حملات التوسعة وتحسين الإجراءات التنظيمية لاستقبال الحجاج والمعتمرين وتسهيل أداء مناسك الحج والعمرة والزيارة، وإجراء تأهيل نوعي لبئر زمزم.

كما أطلق الملك سلمان 'رؤية المملكة 2030'، المرتكزة على ثلاثة محاور أساسية: مجتمع حيوي، وطن طموح، اقتصاد مزدهر، وأقر عدداً من البرامج والمبادرات التي تم إعدادها تحت إشراف ولي عهده الأمير محمد بن سلمان.

وعلى صعيد الإصلاح، اتخذ الملك سلمان بن عبد العزيز قرارات حاسمة لإحداث تغييرٍ في المملكة ومعالجة التحديات والقيود التي كانت تعيق نمو البلاد وانفتاحها، من أبرزها: الحد من الفساد الإداري والمالي، وتمكين المرأة في سوق العمل، والاهتمام بالقطاعات الترفيهية والثقافية، واهتم أيضاً بتوطين العديد من القطاعات الخاصة، وتوطين الصناعات العسكرية لبناء اقتصاد وطني متنوع المصادر.

إنجازات كبيرة

تواصل السعودية تحقيق إنجازات كبيرة ومهمة تشمل قطاعات مختلفة، ساهمت بإبراز صورة المملكة بشكل كبير على مستوى العالم.

ورفع صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد السعودي إلى نسبة 3.1%، خلال العامين 2023 و2024.

وسجلت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر للسعودية، خلال 2022، 29.6 مليار ريال (7,89 مليارات دولار)، ليصل الرصيد التراكمي لهذه الاستثمارات إلى 1.008 تريليون ريال (268.95 مليار دولار) بنهاية عام 2022.

وأطلقت التأشيرات السياحية مع تسجيل قطاع السياحة نمواً بنسبة 139%، في 2022، في حين نظم أكثر من 3800 فعالية ترفيه حضرها أكثر من 80 مليوناً.

من بين أبرز ما تحقق، منذ مطلع العام الجاري، استئناف العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران، التي أفضت إلى عودة السفراء واستئناف عمل مختلف الأنشطة بين البلدين.

ويعدّ توقيع السعودية مذكرة تفاهم بشأن مشروع إنشاء ممر اقتصادي جديد يربط الهند والشرق الأوسط وأوروبا مشروعاً كبير الأهمية يساهم في دعم اقتصاد المملكة، ويختصر مدة الحركة الاقتصادية اللوجستية ما بين 3 إلى 6 أيام؛ ما سيوفر الوقت والمال.  

ولعل من أبرز الإنجازات التي حققتها السعودية كان عبر الرياضة، حيث بات الدوري السعودي من الدوريات الشهيرة في العالم، ويحظى بمتابعة عالية وتنقل مبارياته عبر عدد كبير من المحطات العالمية المتخصصة بالرياضة.

جاء ذلك على أثر ضم الأندية السعودية خيرة لاعبي العالم، ومن أبرزهم كريستيانو رونالدو، وكريم بنزيما، ونغولو كانتي، وساديو ماني، ونيمار، ورياض محرز.

وأكد الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، في حوار لمحطة 'فوكس نيوز'، أن المملكة 'ستكون ضمن أكبر 7 اقتصادات في العالم، وهذا ما نعمل عليه'.

ولفت ولي العهد السعودي إلى أن المملكة حققت أسرع نمو في الناتج المحلي ضمن مجموعة العشرين العام الماضي.

وبين أن الرياضة ساهمت بزيادة الناتج المحلي، وأن المملكة تسعى لزيادة هذه المساهمة بنسبة 1.5% من ناتج البلاد الإجمالي. 

وأشار إلى أن مساهمة قطاع السياحة في الناتج المحلي ارتفعت من 3% إلى 7%، وقد جذبت السعودية نحو 40 مليون زيارة العام الماضي، مؤكداً: 'نستهدف زيادة الرقم إلى 100 مليون، وربما 150 مليوناً في 2030'.

انتماء وطني

يقول الكاتب بدر العتيبي: إن 'اليوم الوطني السعودي ذو أهمية كبيرة لأبناء هذا الشعب العريق، حيث صدر فيه أمر ملكي من الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن بتوحيد المملكة بعد رحلة تأسيس وبناء خاضها لمدة 30 عاماً'.

ويضيف في حديثه لـ'الخليج أونلاين'، أن 'قصة تأسيس الدولة السعودية كانت قصة بطولية تتجسد فيها معاني الانتماء الوطني، وظلت هكذا ذكرى تجدد فينا روح الانتماء للوطن والدار وعزيمة مواصلة بنائه وتنميته'.

وحول أبرز الأحداث التي رسمت مسيرة المملكة منذ التأسيس، يبين العتيبي أن ‏'أولى خطوات تأسيس الدولة السعودية كان فتح الرياض 1921م/1319هـ على يد الملك عبد العزيز، وبعدها تمكن من فتح باقي أجزاء المملكة، ثم توحيد السعودية، في 23 سبتمبر 1932، حيث أصبحت دولة مستقلة وذات سيادة واضحة'.

ويتابع: 'ثاني أبرز تلك الأحداث هو اكتشاف النفط عام 1936، إذ كان الإنتاج النفطي هو الأساس التجاري للمملكة، وهو ما أحدث طفرة كبرى في البلاد، وأخيراً الحدث الأبرز في هذا القرن هو إطلاق رؤية 2030 لنهضة سعودية شاملة'.

ويلفت الكاتب العتيبي إلى أن 'من أهم التحولات والتغيرات التي شهدتها المملكة، بين الأمس واليوم، هو تكوين السلطة السياسية في وسط جزيرة العرب وبناء الدولة، ورسم شكل للهوية السياسية والدينية للدولة في ذلك الوقت'.

وحول الأهداف من إحياء اليوم الوطني توضح المستشارة المختصة في ريادة الأعمال، فاطمة ناصر الغامدي، أن 'من أبرزها إحياء ذكرى توحيد المملكة وإعلان قيامها عام 1932، بالإضافة إلى إحياء روح الوحدة بين جميع أطياف الشعب السعودي'.

وتلفت في حديثها لـ'الخليج أونلاين'، إلى أن 'اليوم الوطني ينمي المشاعر القومية والوطنية من خلال تمجيد اليوم الذي أعلن فيه قيام المملكة، كما يبث السرور والفرحة بين المواطنين والابتهاج بانتمائهم إلى وطنهم'.

وتتابع الغامدي: 'من أهداف إحياء هذا اليوم هو التذكير دائماً بمكانة السعودية، التي امتلكتها منذ توحيدها، والتي أصبحت  من أهم الدول على مستوى العالم'.

وتضيف أن 'أهمية اليوم الوطني في السعودية تكمن في أن فيه يخلد تاريخ توحيد هذه البلاد في شبه الجزيرة العربية, واستقلالها في دولة واحدة تحولت إلى دولة ووطن لشعبها الذي يعد من أعظم الأوطان على مستوى العالم'.