اخبار السعودية
موقع كل يوم -اندبندنت عربية
نشر بتاريخ: ٩ أذار ٢٠٢٥
وثقت محاكم العمال ارتفاع عدد القضايا في 2024 لنحو 21 في المئة... واختصاصي تحدث لـ'اندبندنت عربية' عن كواليس هذا القطاع المؤثر في بيئة الأعمال عربياً ودولياً
شهدت ساحات المحاكم العمالية آلاف القضايا المنظورة لقصص نزاع وجدت طريقاً مسدوداً في بيئة العمل، فيما أصدرت وزارة العدل السعودية في عام 2024 نحو 130 ألف حكم، بارتفاع بلغ 21 في المئة مقارنة بعام 2023.
ويعزى هذا الارتفاع في عدد القضايا العمالية إلى عوامل عدة منها زيادة الوعي بحقوق العمال، مما يسلط الضوء على أهمية تعزيز آليات حل النزاعات وضمان حقوق العمال، مع الحفاظ على التوازن بين مصالحهم ومصالح أصحاب العمل في ظل المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية المتسارعة.
ولفت فيديو نشره رئيس هيئة الترفيه السعودية المستشار تركي آل الشيخ، على منصة 'إكس'، النظر إلى نزاعات الموظفين في بيئات العمل من خلال طرح فيديو لأسلوب التفاهم بين الموظفين على طريقة المطارحة أو المصارعة، وحصد الطرح الكوميدي ردود أفعال عدة.
وفقاً لإحصاء جيرمي بولاك لعام 2025 تبلغ نسبة انتشار النزاعات والصراعات في بيئات العمل نحو 85 في المئة، إذ تحفز العوامل الرئيسة في الصدارة مثل الأنانية والتوتر وأحمال العمل بنسبة تبلغ 49 في المئة. ويشير الإحصاء إلى أن 95 في المئة من الموظفين الذين تلقوا تدريباً على إدارة النزاعات في مكان العمل حققوا نتائج مفيدة للطرفين، وأفاد 14 في المئة منهم بأن التدريب علمهم متى يجب عليهم التنازل بلطف، مما يسهم في التوصل إلى حلول أكثر ودية. كما ذكر 24 في المئة من الموظفين أنهم لم يواجهوا أية نتائج إيجابية من الصراعات، بينما أفاد تسعة في المئة بأن الابتكارات الكبرى والأفكار الجديدة ولدت من النزاعات في مكان العمل. وأشار 75 في المئة من الموظفين الذين يعانون التمييز أو النزاعات إلى عدم رغبتهم في الإبلاغ عنها خوفاً من الانتقام، مما يعد أحد أبرز التحديات التي يواجهونها عند محاولة حل النزاعات.
التنافس السلبي
وتقدر الكلفة السنوية الإجمالية للصراع على أصحاب العمل، بما في ذلك الإدارة والحل، بنحو 28.5 مليار جنيه استرليني، وذلك بموجب إحصاء أجرى على الشركات الرائدة في المملكة المتحدة والولايات المتحدة، التي سلطت الضوء على كلفة الصراع في مكان العمل وتحديات حل النزاعات والأسباب الشائعة وطرق إدارتها، وهو أحد التحديات التي تواجه العاملين في بيئات العمل في العصر الحالي.
يصنف خبير الموارد البشرية عبدالله الخرصان التنافس السلبي كأحد أهم محفزات النزاع في مكان العمل، إذ تختلف دوافع الصراع من بلد لآخر باختلاف القوانين والتشريعات. وأوضح أن الصراع هو سبب مباشر وراء خفض الإنتاجية في بيئات العمل نتيجة هدر الوقت والمال في معالجة 'حروب باردة' تتسبب في حرق المنظمات من الداخل، ويعرف التنافس السلبي بأنه الحسد والغيرة الناتجة من غياب الحرية الشخصية وتحكم الواسطة وضعف الفرص المتاحة، إضافة إلى ممارسة النميمة.
وشدد الخرصان على ضرورة علاج المشكلات من جذورها مع الأخذ في الاعتبار الجوانب النفسية إلى جانب الجوانب الإدارية للنزاع، من خلال الاستماع الفعال واستخدام لغة صريحة وواضحة تحترم مشاعر جميع الأطراف وتأخذ في الاعتبار المصالح المشتركة. وأوضح دور توزيع الأدوار في المنظمات وتعزيز التواصل بين الأفراد، وتدريب المختصين في حل النزاعات لتجنب وصولها إلى ساحات القضاء، عبر إيجاد حوكمة واضحة لعملية التظلمات والشكاوى ومعالجتها بسرية تامة والتعامل باحترافية عالية.
تعديلات جوهرية
تسعى وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية ووزارة العدل في المملكة العربية السعودية إلى تحسين بيئة العمل وتعزيز استقرارها وجاذبيتها، وفقاً لما أكده المستشار القانوني سعد الروقي. وأوضح الروقي أن الأنظمة في المملكة تشهد تطوراً مستمراً على جميع الأصعدة، ومن ضمنها نظام العمل، مشيراً إلى أن التعديلات الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ هذا الشهر شملت إضافة بنود جديدة إلى بعض المواد، وحذف بعضها الآخر، مما يعد من أبرز التطورات في معالجة نزاعات العمل بالنظام السعودي.
وأوضح الروقي أن التعديلات التي أجريت على المادة الـ61، التي سيكون لها دور كبير في إنهاء صراعات العمل، تضمنت ثلاث فقرات جديدة تنص على ضرورة امتناع صاحب العمل عن أي تصرف قد يبطل أو يضعف مبدأ تكافؤ الفرص أو المساواة في التوظيف، سواء كان ذلك من خلال الاستبعاد أو التمييز أو التفضيل على أساس العرق أو اللون أو الجنس أو السن أو الإعاقة أو الحالة الاجتماعية أو أي شكل آخر من أشكال التمييز. كما شملت التعديلات المادة الـ72، إذ جرى تمديد مدة التظلم الممنوحة للعامل ضد القرار الجزائي الصادر بحقه إلى 30 يوماً من تاريخ إبلاغه بالقرار، مع إلزام النظام العامل بتقديم التظلم إلى صاحب العمل، وإذا لم يبت فيه كتابياً خلال 15 يوماً أو رفضه، يحق للعامل اللجوء إلى القضاء خلال 30 يوماً من تاريخ رفض التظلم أو انتهاء مدة البت فيه، مع نص المحكمة على عدم قبول الدعوى في حال عدم التزام العامل بالإجراءات أو المدد النظامية الواردة في هذه المادة، وغيرها من التعديلات التي تدرج ضمن نظام العمل لعام 2025 لتحسين بيئة العمل.
وأشار الروقي أيضاً إلى أن المحكمة العمالية في الرياض أصدرت حكماً ضد إحدى الشركات بكلفة بلغت 28 مليون ريال، مشيراً إلى أن تقدير كلفة التقاضي يعتمد على نوع وحجم القضية، وهو غير نسبة التكاليف القضائية التي يتحملها صاحب العمل في حال خسر القضية وفقاً لنظام التكاليف القضائية.
كما أشار الروقي إلى أن المحاكم العمالية في السعودية أصدرت خلال عام 2024 أكثر من 130 ألف حكم، مسجلة ارتفاعاً بنسبة 21 في المئة مقارنة بعام 2023، وجرى إنهاء آلاف القضايا العمالية بتقليص متوسط مدة القضية إلى 20 يوماً فقط، وهي الفترة الممتدة من تسجيل الدعوى حتى إغلاقها، مما أسهم في تسريع إنجاز المحاكم ورفع كفاءة الفصل في القضايا.