اخبار السعودية
موقع كل يوم -جريدة الرياض
نشر بتاريخ: ٢٤ أيلول ٢٠٢٥
الرياض - الثقافي
يتناول تقرير الحالة الثقافية في المملكة العربية السعودية 2024: الأثر الثقافي، فصلًا خاصًا عن الإبداع والإنتاج الثقافي، مؤكدًا أن هذا الجانب يعكس بوضوح مستوى النشاط الثقافي في المملكة وحيويته. ويشير التقرير إلى أن الإنتاج الأدبي والفني، بما يشمل النشر والترجمة، والسينما والمسرح، والفنون السمعية والبصرية، يُعدّ مرآةً لحركة الإبداع المحلي، كما يمثل مؤشرًا على فاعلية البنية المؤسسية، والمبادرات الداعمة، والبرامج التي أسهمت في توسيع قاعدة الإنتاج وتنويع مساراته. كما يلفت التقرير إلى أن هذا الحراك الثقافي لا ينفصل عن المشهد الإقليمي والدولي، بل يعكس حضورًا متناميًا يتجلى في الجوائز والفعاليات التي حصدتها أو شاركت فيها الكفاءات السعودية محليًا وعالميًا.
'النشر والترجمة'
أظهرت البيانات أن قطاع النشر شهد انخفاضًا محدودًا في عدد الكتب الأدبية المنشورة، إذ بلغ 509 كتب مقارنة بـ 523 كتابًا في العام السابق. لكن في المقابل، واصلت الرواية صعودها بإصدار 218 رواية جديدة، وهو ما يؤكد حضورها الطاغي على الساحة الأدبية السعودية.
أما في مجال الترجمة، فقد برز نشاط استثنائي، إذ سُجّل ترجمة 743 كتابًا إلى اللغة العربية، مقابل 590 كتابًا من العربية إلى لغات أخرى. وتجاوزت نسبة الترجمات حاجز النصف، ما يعكس نموًا متسارعًا في حركة التبادل الثقافي، ونجاح مبادرات الترجمة في ربط الأدب السعودي باللغات العالمية.
'السينما والمسرح'
شهدت السينما السعودية خلال 2024 انخفاضًا في إنتاج الأفلام الطويلة، حيث تراجع العدد إلى 83 فيلمًا بعد أن كان 102 فيلم في 2023، فيما استقرت أعداد الأفلام القصيرة. ومع ذلك، برزت مؤشرات نمو في مجالات أخرى، مثل توسع عروض المهرجانات وتنوع التجارب الإخراجية.
أما المسرح، فقد كان المشهد أكثر حيوية، إذ استمرت الفرق المسرحية والأدائية في تقديم عروض متنوعة، بلغ عددها 155 عرضًا مسرحيًا. كما استمرت الفعاليات الكبرى مثل مهرجان الرياض للمسرح ومسابقة إثراء للعروض المسرحية القصيرة، ما عزز من مكانة السعودية كمركز إقليمي للفنون الأدائية.
'الفنون البصرية'
برزت الفنون البصرية كأحد أنشط القطاعات الثقافية، حيث نُظمت 176 معرضًا فنيًا غطت مختلف الحقول: الفنون التشكيلية، الفوتوغرافيا، النحت، الفنون الصناعية، والفنون الرقمية. ومن اللافت أن هذه المعارض تجاوزت حدود القاعات التقليدية، لتصل إلى الفضاءات العامة مثل محطات قطار الرياض، وهو ما يؤكد توجهًا استراتيجيًا لجعل الفن جزءًا من المشهد اليومي، ووسيلة للتفاعل المباشر مع الجمهور.
'البحث الأكاديمي'
شهد العام نشر 22 بحثًا محكمًا في مجالات الثقافة. ورغم أن الدراسات اللغوية والأدبية ما زالت تتصدر، فإن العام حمل توسعًا لافتًا نحو موضوعات جديدة مثل السينما، الثقافة الرقمية، الأزياء، والحِلي. هذا التنوع يعكس نضج البيئة البحثية، واتساع اهتمام الأكاديميين بمجالات إبداعية حديثة، وهو مؤشر على وعي متزايد بأهمية تنويع الحقول الثقافية.
'مشاركة المرأة'
أحد أهم مؤشرات التقرير كان صعود دور المرأة السعودية في الإنتاج الثقافي. فقد استحوذت النساء على 52 % من مبادرة ترجم متجاوزة بذلك نسبة الرجال للمرة الأولى، كما ارتفعت نسبة مشاركتهن في الأبحاث الثقافية إلى 36 %. هذه الأرقام تمثل انعكاسًا مباشرًا لسياسات التمكين، وترسخ حضور المرأة كشريك أساسي في رسم ملامح المشهد الثقافي.
'الجوائز العالمية'
امتد الحراك الثقافي السعودي إلى الساحة الدولية، حيث تميز السعوديون في تسعة مجالات، حصدوا فيها 156 جائزة عالمية، وكان قطـاع فنـون العمارة والتصميم الأكثر تميزاً وحضوراً بعدد 65 جائزة. هذا الحضور العالمي يعكس الاعتراف الدولي المتنامي بجودة الإنتاج السعودي، وقدرته على منافسة الأعمال الثقافية عالميًا.
يؤكد التقرير أن عام 2024 كان عامًا متوازنًا بين الانخفاض العددي في بعض المؤشرات (مثل الكتب والأفلام الطويلة) وبين النمو النوعي في مسارات أخرى، خصوصًا الرواية، الترجمة، الفنون البصرية، وتمكين المرأة. كما عززت الجوائز العالمية من حضور الإبداع السعودي دوليًا، لترسم صورة لمشهد ثقافي نابض بالحياة، ومتنوع في مساراته، ومتسق مع أهداف رؤية السعودية 2030 في جعل الثقافة قوة فاعلة في التنمية الوطنية وحضور المملكة عالميًا.