اخبار السعودية
موقع كل يوم -جريدة الرياض
نشر بتاريخ: ١٨ تشرين الثاني ٢٠٢٥
الدرعية - رؤى مصطفى تصوير - نايف الحربي
حين ارتجف الضوء على نخيل الدرعية وهدير وادي حنيفة نهضت الرواية من صمتها وانطلقت فعاليات مهرجان الدرعية للرواية في نسخته الثانية. هناك، في حي البجيري الذي يحتفظ بذاكرة المكان الأولى، بدا السرد وكأنه يعود ليتنفس من جديد؛ ليس باعتباره فنًا أدبيًا فقط، بل بوصفه مساحة لإعادة تشكيل الوعي وفتح الطريق أمام مرويات جديدة تكتب الإنسان والمجتمع بروح أكثر اتساعًا وجرأة.
ويمتد المهرجان لأسبوعين، مستقبلاً زواره يوميًا من الخامسة مساء ليقدم منصة تحتفي بفنون الرواية وتجمع كبار الكتاب والمؤلفين العرب والعالميين، عبر أمسيات تمزج السرد بالموسيقى والفنون البصرية، وتؤكد مكانة البجيري بوصفه أحد أهم فضاءات المعرفة منذ تأسيس الدولة السعودية الأولى، وحاضنة مستمرة للإبداع الثقافي.
ويتيح المهرجان أكثر من (40) ورشة وجلسة، و(20) محاضرة باللغتين العربية والإنجليزية، بمشاركة أكثر من (30) متخصصًا في تقنيات السرد وصناعة القصة، في برنامج يسعى إلى توسيع دائرة الحوار حول الكتابة الروائية وتعزيز التجربة القرائية لدى الجمهور.
المرأة السعودية صوت يفتح نافذة جديدة على السرد
وفي إطار البرنامج الثقافي، جاءت الجلسة الأولى بعنوان «المرأة السعودية تُعيد تخيل الحكاية والمجتمع» لتتصدر مشهد الافتتاح، جامعة ثلاثًا من أبرز الأصوات السردية النسائية: بدرية البشر، رجاء الصانع، وأميمة الخميس، تحت إدارة هيفاء العوين التي أدارت حوارًا أعاد طرح الأسئلة حول علاقة المرأة بالنص وبالرقابة والمجتمع والمخيال الإبداعي.
ناقشت الجلسة التحولات التي تشهدها الرواية السعودية، وكيف باتت الكاتبة تعيد تشكيل علاقتها بالقارئ وبالذاكرة، في مشهد أدبي يتسع لتعدد الأصوات ويعيد ترتيب موقع المرأة داخل السرد. وشهدت حضورًا لافتًا يعكس الحيوية المتصاعدة للحركة الأدبية في المملكة.
بدرية البشر: الذاكرة لا تنجو من الرقابة
قالت بدرية البشر بصوت عميق يشبه قراءة في تاريخ الكتابة: 'المجتمع تغير، والقوانين باتت أكثر انفتاحًا لصالح الإبداع، لكن الذاكرة العميقة ما تزال تحمل ظلالًا من الوصايا ومن الرقابة، لا تنجو الذاكرة من هذا الخطر الدائم، ومهما كانت المحاولات ناجحة تبقى اليقظة مستمرة'.
وأشارت البشر إلى أن الكتابة أصبحت جزءًا من نسق جديد تربى بالإبداع ..مؤكدة أن المثقف لا ينبغي أن يكون داخل النسق أو خارجه، بل على حافة النسق… حتى يرى ما لا يستطيع الآخرون رؤيته.
أميمة الخميس: من هامش النص إلى متنه
افتتحت أميمة الخميس مداخلتها بتحية شاعرية قالت فيها: مساء مطوق بنخيل الدرعية… دعوني أنصت لوادي حنيفة وهو يغني ابتهاجًا بالحضور. وتوقفت عند التحول العميق الذي جعل النساء في مقدمة المهرجان، مؤكدة أنهن يعدن سمعية جديدة للتاريخ، وينتقلن من هامش النص إلى المتن ويستعدن دورالحكاءة، الراويات، الحاضنات لتفاصيل التاريخ التي أقصيت طويلًا.
وأضافت الخميس:إن لم نكتب سردياتنا سيأتي من يرويها بالنيابة عنا… ويضع على ألسنتنا ما لا يخدم أحلامنا.
ورأت أن هذه الليلة تمثل انعطافة تاريخية في إعادة كتابة الحكاية من الداخل.
رجاء الصانع: أعود للمشهد لأدون ما لا يُلتقط
وفي مداخلة امتزج فيها الصدق بالعودة، قالت رجاء الصانع: أحاول تهدئة قلبي… فهذا أول ظهور لي في محفل وطني بالرياض بعد سنوات، والضجّة التي حصلت مع بنات الرياض جعلتني أبتعد عن المشهد، واليوم لا أجمل من هذا المهرجان الذي أعود فيه بينكم… أنا سعيدة حقًا…
وأضافت : الصانع أن المرأة أكثر حساسية في ملاحظة الهوامش في التقاط الصمت، والإشارات، والأشياء غير المنطوقة، والتغيرات الطفيفة التي تصنع الفارق رغم أنها لا تُرى بوضوح لدى من يتابعون خطط التنمية فقط.
وبينت : أن تدوين المرأة للسرد ليس خيارًا… بل ضرورة. كثير من التاريخ كان سيضيع لولا كتابة النساء.
وترى أن أن هذه اللحظات تطلب عينًا تلتقطها وتوثقها ، وليس هناك أقدر من المرأة على حفظ هذه اللقطة السردية لتصل لمن سيأتون بعدنا ويفهمون كيف كنا نحلم، وكيف كنا نصنع هذا الزمن.
تجارب تعيد اكتشاف الحكاية
ويواصل المهرجان تقديم تجارب سردية مبتكرة، منها:(مجلس الراوي الذي يستضيف قصة جديدة يوميًا،قص لنا قصة لتدوين الذكريات، من الراوي؟: آلة بيع كتب تخفي الأغلفة لتشجيع الاكتشاف،الدرعية بين السطور التي تقدم نصوصًا وكبسولات ملهمة،رف العطاء للتبرع بالكتب،ملتقى الرواة بستة أجنحة تتيح التصفح …










































