اخبار السعودية
موقع كل يوم -صحيفة الوئام الالكترونية
نشر بتاريخ: ١٣ تموز ٢٠٢٥
في ظل اضطرابات الأسواق العالمية وتصاعد التوترات الجيوسياسية والتجارية، اندفعت البنوك المركزية نحو الذهب بوتيرة متسارعة، مما ساهم في ارتفاع أسعاره بشكل كبير منذ مطلع عام 2025، في وقت تتراجع فيه جاذبية الدولار والأصول الأميركية التقليدية.
ووفقاً لأحدث البيانات، بلغت صافي مشتريات البنوك المركزية من الذهب نحو 20 طناً خلال شهر مايو وحده، وهو أعلى مستوى خلال ثلاثة أشهر، ويمثل الشهر الرابع والعشرين على التوالي الذي تشهد فيه الأسواق نشاطاً متزايداً لشراء المعدن الأصفر من قبل هذه المؤسسات المالية السيادية.
وارتفع سعر الأوقية بنسبة تفوق 21% منذ بداية العام، لتتجاوز حاجز 3355 دولاراً للأوقية بنهاية الأسبوع الماضي، ما يعكس إقبالاً تاريخياً على الذهب كملاذ آمن في وجه التحديات الاقتصادية العالمية، خاصة مع استمرار السياسات الحمائية والجمركية التي يتبناها الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
التحول الملحوظ في سلوك البنوك المركزية لا يقتصر على الشراء فقط، بل يتضمن كذلك إعادة هيكلة كبيرة في المحافظ الاحتياطية.
فقد خفضت الصين، على سبيل المثال، نسبة احتياطياتها من سندات الخزانة الأميركية من 44% إلى 22%، في حين رفعت نسبة الذهب من 1% فقط عام 2015 إلى نحو 6.5% هذا العام.
ويأتي هذا التوجه وسط تراجع كبير لقوة الدولار، الذي سجل أسوأ أداء له في أكثر من نصف قرن، بانخفاض بلغت نسبته 10.8% خلال النصف الأول من 2025، وهو أدنى مستوى منذ مارس 2022.
وفي استطلاع أجراه مجلس الذهب العالمي شمل 73 بنكاً مركزياً، أعرب نحو 95% من المشاركين عن نيتهم زيادة احتياطياتهم من الذهب خلال الأشهر الـ12 المقبلة.
وتصدرت كازاخستان قائمة أكبر المشترين، تلتها تركيا، ثم بولندا وسنغافورة.
هذا التوجه العام يُعزى إلى الرغبة في التحوّط من تقلبات الأسواق وغياب اليقين السياسي، حيث تواصل البنوك المركزية التنويع بعيداً عن الأصول الأميركية، مدفوعة بمخاوف من استمرار التصعيد التجاري، خاصة مع عدم وجود مؤشرات قوية على انفراجة دائمة بين الولايات المتحدة وشركائها الاقتصاديين الرئيسيين.
مع استمرار فقدان الثقة في أدوات الاستثمار التقليدية، وتعاظم المخاطر الجيوسياسية، يبدو أن الذهب يستعيد دوره التاريخي كملاذ آمن وركيزة أساسية في استراتيجيات التحوّط، سواء للمستثمرين الأفراد أو للمؤسسات السيادية حول العالم.