اخبار السعودية
موقع كل يوم -صحيفة البلاد
نشر بتاريخ: ١٦ تموز ٢٠٢٥
لا أحد يستطيع الوقوف في وجه تيار الذكاء الصناعي الجارف، الذي يجتاح كل مجال في حياتنا المعاصرة، وربما يشعر من حاول اتخاذ موقف ضد هذه الموجة الجديدة بالغربة والانفصال عن العصر ما بعد الحداثي المجنون، الذي يعيش فيه. لكن لا ضير من انتقاد هذا التيار؛ ولو بهدف إثراء النقاش حوله، وتقديم رؤية نقدية معاكسة لرأي الأغلبية في العالم، التي ترى أن الذكاء الصناعي هو عصب الحياة في هذا الوقت. لسنا هنا بصدد مناقشة الجوانب الإيجابية فيه رغم كثرتها، وليس هذا مجال ذكرها، ولعل وزارة التعليم في المملكة أدركت أهميته، وقرّرت تدريسه في مدارسها العام القادم.
كشفت الحروب الأخيرة التي شهدها العالم؛ مثل جرائم الإبادة التي يرتكبها- وما زال- يرتكبها العدو الصهيوني ضد إخواننا الفلسطينيين في غزة، والحرب في أوكرانيا، ثم الحرب الأخيرة بين أمريكا والعدو الصهيوني من جهة، وإيران من جهة أخرى، أن الذكاء الصناعي لعب دورًا محوريًا في إيذاء البشر وإلحاق الضرر به، وأن مفهوم الحرب قد تغيّر إلى غير رجعة، وأصبح الجبان يقتل الشجاع بمجرد ضغطة زر، وهو في غرفة صغيرة في جزر الواق واق، وأنه لا مكان في عصرنا هذا لفروسية عنترة بن شداد، أو دريد بن الصمّة.
لن نتحدث عن مزاحمة الذكاء الصناعي المخيفة لعمل الإنسان في مختلف المجالات، والتهديد الواضح للكثير من الوظائف، التي يضطلع بها الإنسان في التعليم والطب والهندسة والمعمار والصحافة والمحاسبة والبرمجة والبنوك والعسكرية والقائمة تطول؛ ولكن لنأخذ- على سبيل المثال لا الحصر- رأي أحد الخبراء اليابانيين في استخدام الذكاء الصناعي في الآداب والفنون، وتحديدًا أحد أشهر المؤلفين والمخرجين في إنتاج الأنيمي anime، أو أفلام الرسوم المتحركة، وهو هاياو ميازاكي الذي حقق شهرة عالمية وجوائز عالمية؛ كأحد أساطير هذا النوع من الفن الموجّه للكبار والصغار معًا.
صرّح ميازاكي قبل سنوات بالعبارة التي اخترناها عنوانًا لهذا المقال، عندما عرض عليه مجموعة من الشباب مشهد كائن مرعب يتحرك بطريقة غريبة، اصطلح على تسميته 'زومبي' تم إنشاؤه بشكل كامل باستخدام الذكاء الصناعي، وقال لهم وهو يشعر بالغضب والاشمئزاز:' من يصنع هذه الأشياء ويستخدمها لا يعرف جيدًا معنى الألم. أشعر بالاشمئزاز والقرف الشديد. إذا كنتم تريدون عمل أشياء مرعبة فافعلوا ذلك. لكنني لن أستخدم مثل هذه التكنولوجيا في أعمالي أبدًا. أعتقد أن هذه إهانة للحياة نفسها'. لم يتردّد ميازاكي في رفض هذا الاتجاه، الذي تقوم فيه الآلة بالرسم نيابة عن الإنسان، وصدم هؤلاء الشباب الذين أخبروه أنهم كانوا يحاولون اختراع آلة قادرة على الرسم مثل البشر، ويريدون سماع رأيه وقال لهم:' بدأنا نحن البشر في فقدان الثقة بأنفسنا. نحن نقترب من نهاية الزمن'.انتهى كلام الخبير ميازاكي- 80 سنة- الذي يبدو أنه رأى شيئًا في الذكاء الصناعي لا يراه هؤلاء الشباب. لكن تيار الذكاء الصناعي، رغم ميازاكي وأصحابه، يزيد قوة يومًا بعد يوم مثبتًا أن مقاومته ضرب من الجنون.
khaledalawadh @