اخبار السعودية
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ٧ تموز ٢٠٢٥
يوسف حمود - الخليج أونلاين
تشير الأرقام الرسمية إلى تسجيل أكثر من 158,000 موظف عن بُعد في المملكة حتى منتصف 2025
على مدى العقد الأخير، تحولت السعودية من مرحلة التجريب المحدود للعمل عن بُعد إلى نموذج إقليمي متقدّم بُني على إصلاحات مبكرة، واستثمارات رقمية ضخمة، وتشريعات مرنة.
ورغم أن انتشار العمل عن بُعد عالمياً ارتبط بتداعيات جائحة كورونا، فإن السعودية كانت سبّاقة إلى إرساء الأسس لهذا التحول منذ عام 2015، ما مكنها من استيعاب تداعيات الجائحة بمرونة، وتحقيق قفزات نوعية في التوظيف الرقمي، لا سيما بين صفوف النساء.
تشير الأرقام الرسمية إلى تسجيل أكثر من 158,000 موظف عن بُعد في المملكة حتى منتصف 2025، معظمهم من النساء السعوديات، وهو ما يعكس نجاح السياسات الحكومية في تمكين المرأة، وتوفير خيارات وظيفية مرنة تحاكي متطلبات الاقتصاد الرقمي، حيث تؤكد هذه القفزة أن العمل عن بُعد لم يعد خياراً طارئاً، بل مساراً مستداماً ضمن رؤية السعودية 2030.
بدايات مبكرة
في عام 2015، أطلقت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية السعودية أولى مبادراتها لتنظيم العمل عن بُعد، عبر إصدار لوائح مرنة تُراعي طبيعة العلاقة التعاقدية غير التقليدية.
وتضمنت هذه اللوائح ضوابط واضحة تتعلق بساعات العمل، ووسائل الاتصال، وآليات التقييم، بما يضمن حماية حقوق العامل وصاحب العمل.
وبالسنوات التالية، دشن عدد من المنصات مثل 'بوابة العمل عن بُعد' ومنصة 'قوى' لتسهيل الربط بين الباحثين عن عمل والجهات الموظفة.
كما قدمت حوافز للشركات التي تعتمد هذا النموذج، مثل الدعم المالي والتدريب، وبلغ عدد العقود المُفعلة عبر هذه المنصات أكثر من 250,000 عقد، بحلول عام 2025.
الجائحة كنقطة تحول
مثلت جائحة كورونا في 2020 لحظة حاسمة لتسريع تبني العمل عن بُعد، حيث اضطرت آلاف الجهات في القطاعين العام والخاص إلى التحول الرقمي الكامل.
إلا أن السعودية استطاعت التكيف بسرعة بفضل جاهزية البنية التحتية الرقمية، وانتشار الإنترنت عالي السرعة، وتوفر منصات الحوسبة السحابية.
خلال تلك المرحلة أُتيحت للنساء والطلاب والخريجين فرص وظيفية جديدة كانت في السابق محصورة بالمكاتب التقليدية، وساعدت المرونة الزمنية والمكانية في زيادة الإنتاجية بنسبة بلغت 28% وفق بيانات رسمية، وتقليل التكاليف التشغيلية بنسبة وصلت إلى 35% لدى بعض الجهات.
تمكين المرأة
من أبرز ملامح تجربة العمل عن بُعد في السعودية هي النسبة الكبيرة من النساء المستفيدات منه، فبحسب البيانات الرسمية، فإن نحو 140,000 امرأة سعودية يعملن حالياً عن بُعد، أي ما يمثل نحو 89% من إجمالي العاملين في هذا النمط الوظيفي، بحسب ما نقلت صحيفة 'الرياض' المحلية الأحد (6 يوليو).
ويعود هذا الارتفاع إلى التسهيلات التشريعية والاجتماعية التي أتاحتها الدولة، إضافة إلى توفير بيئة رقمية تتيح للنساء الجمع بين المسؤوليات العائلية والمهنية، في بيئة أكثر مرونة واستقراراً.
وتشير تقديرات إلى أن نحو 60% من النساء العاملات عن بُعد ينتمين إلى مناطق خارج المدن الكبرى.
المجالات الأكثر نمواً
تشهد السعودية تنوعاً كبيراً في الوظائف المتاحة عن بُعد، أبرزها:
وتشير بيانات صادرة عن برنامج العمل عن بُعد إلى أن أكثر من 45% من عقود العمل الرقمية تتوزع على البرمجة والتسويق الرقمي، بينما تشكل الوظائف الإبداعية نحو 30% من إجمالي فرص العمل.
أثر استراتيجي على الاقتصاد
وفق بيانات رسمية نشرتها صحف محلية، فقد أسهمت سياسات العمل عن بُعد في إعادة تشكيل سوق العمل السعودي، وساعدت على:
كما أسهم هذا التحول في تقليل الازدحام المروري بنسبة 18% في الرياض وجدة، وتقليص الانبعاثات الكربونية بنسبة 12%، بما يتماشى مع مستهدفات الاستدامة البيئية.
تحديات مستقبلية
رغم النجاحات المحققة، تواجه تجربة العمل عن بُعد عدداً من التحديات في المملكة، منها:
ومع استمرار التطوير في البنية التحتية الرقمية والتشريعات، من المتوقع أن يشهد هذا القطاع نمواً متسارعاً، وأن يتحول إلى رافعة حقيقية في تعزيز التوظيف، وتمكين المرأة، وتحقيق التوازن الاقتصادي والاجتماعي.