اخبار السعودية
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ٦ أيار ٢٠٢٥
طه العاني - الخليج أونلاين
صفقة التسليح الجديدة بين السعودية والولايات المتحدة بقيمة 3.5 مليار دولار وتتضمن:
يُشكل التعاون العسكري بين السعودية والولايات المتحدة أحد أعمدة العلاقات الاستراتيجية بين البلدين منذ عقود، ولم يكن هذا التعاون مجرد تبادل صفقات، بل يرتكز على رؤية أوسع تشمل الأمن الإقليمي، والدعم الاستراتيجي، وتوازن القوى في منطقة الخليج.
وفي ظل تحولات إقليمية متسارعة، وتحديات أمنية مستمرة، ازداد اعتماد المملكة على الشراكة الدفاعية مع واشنطن، سواء من خلال شراء الأسلحة المتقدمة، أو برامج التدريب والدعم الفني، أو حتى التنسيق في الملفات الأمنية الكبرى.
الصفقة الأمريكية
وفي إطار الشراكة الدفاعية المتنامية بين الرياض وواشنطن، أقرت وزارة الخارجية الأمريكية صفقة جديدة لبيع صواريخ جو-جو متوسطة المدى إلى السعودية، بتكلفة تقديرية تصل إلى 3.5 مليار دولار.
وبحسب مراقبين فإن هذه الخطوة المهمة تأتي في وقت تسعى فيه المملكة إلى تعزيز قدراتها العسكرية لمواجهة تحديات أمنية متصاعدة في المنطقة.
ورغم أن الصفقة الجديدة ليست الأولى من نوعها، فإنها تكتسب أهمية خاصة نظراً لتزامنها مع زيارة مرتقبة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى السعودية، ما يشير إلى وجود بُعد سياسي في توقيت الإعلان.
واعتادت الإدارات الأمريكية المتعاقبة على توظيف صفقات التسليح كأداة سياسية لتعزيز التحالفات وضمان المصالح الاستراتيجية في الخليج.
وبينما تتجه الرياض لتعزيز قدراتها الجوية تحديداً، فإن امتلاك منظومات صواريخ متقدمة من هذا النوع يرفع من جهوزيتها في حال حصول أي تصعيد محتمل، كما يرسل إشارات ردع واضحة.
من جهة أخرى يظهر الإنفاق العسكري السعودي كواحد من الأعلى عالمياً، حيث بلغ في عام 2024 نحو 75.8 مليار دولار، بنسبة نمو سنوي تصل إلى 4.5% منذ عام 1960.
وبهذا تحتل السعودية المرتبة الخامسة عالمياً من حيث حجم الإنفاق، والأولى عربياً، ما يعكس التوجه المستمر لتطوير قدراتها الدفاعية، سواء عبر التسلح أو توطين الصناعات العسكرية.
تفاصيل الصفقة
وكشفت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، في 3 مايو الجاري، تفاصيل الصفقة المقترحة، موضحة أن السعودية طلبت شراء ألف صاروخ (AIM-120C-8) من نوع جو-جو متوسط المدى.
كما شملت الصفقة، بحسب بيان البنتاغون، أكثر من 50 قسماً توجيهياً ومجموعة واسعة من المعدات والخدمات الداعمة، تشمل الحاويات، وقطع الغيار، والدعم الفني، والوثائق السرية وغير السرية، وخدمات الصيانة والإصلاح.
وأشارت قناة سي إن إن عربية إلى أن الصفقة لا تتعلق بمجرد تسليم سلاح، بل بتوفير بنية تشغيلية متكاملة تضمن الاستخدام الفعّال طويل المدى لهذه المنظومات، وهو ما يعكس تحول صفقات التسليح الحديثة إلى مشاريع تعاون طويلة الأجل تشمل التدريب والدعم التقني إلى جانب التوريد.
وأكد البنتاغون أن هذه الصفقة ستعزز أمن السعودية بوصفها دولة شريكة تسهم في استقرار المنطقة، مشدداً على أن الصفقة لن تخل بالتوازن العسكري الإقليمي.
وبينما تنتظر الصفقة إتمام الإجراءات أمام الكونغرس الأمريكي، فإن مضمونها يعكس رغبة سعودية واضحة في ترسيخ منظومة دفاع جوي أكثر تطوراً، تواكب التحديات المتغيرة على المستوى الإقليمي، وتُعيد تموضع المملكة كقوة ردع فاعلة ومؤهلة لتولي دور أكبر في حماية أمنها الوطني، والمساهمة في استقرار الخليج.
رسائل ودلالات
ويرى الخبير العسكري أكرم خريف أن التوقيت الذي أُعلنت فيه صفقة الصواريخ، بعد ساعات من توقف المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران، يحمل رسالة سياسية واضحة مفادها أن الولايات المتحدة لا ترى حالياً أي عائق أمام مواصلة تسليح المملكة وتعزيز قدراتها الدفاعية.
ويشير في حديثه مع 'الخليج أونلاين' أن هذه الصفقة سيكون لها تأثير كبير على موازين القوى العسكرية في منطقة الخليج.
ويوضح خريف أن الصفقة ستعمل على تحسين وتعزيز الدفاعات السعودية ومجالها الجوي بشكل أكبر ضد أي طارئ قادم من الشرق أو الغرب، كما أنها ستعزز العلاقة العسكرية القائمة بين الرياض وواشنطن.
ويلفت الخبير العسكري إلى أن الحديث عن حزمة تسليح مرتقبة قد تتجاوز 100 مليار دولار قد يؤدي إلى تغيير في معادلة القوة في المنطقة.
ومع ذلك، يعتقد خريف أن السعودية تتعامل بحذر في هذا الشأن، مستشهداً بوعود الرئيس ترامب خلال فترة ولايته الأولى.
ويؤكد أن السعودية لم تنتظر الولايات المتحدة وترامب لإنجاز ما لم تحققه في مجال الدفاع وتعزيز الصناعة العسكرية خلال أكثر من 50 عاماً، حيث قامت بخطوات كبيرة في هذا الاتجاه خلال السنوات العشر الماضية.
ويتحدث الخبير عن دلالات اتجاه السعودية نحو الأسلحة الأمريكية المتطورة وتقليل الاعتماد على مصادر تسليح بديلة، ويتوقع أن يكون هذا التعامل في صالح الطرف السعودي أكثر منه في صالح الأمريكيين.
ويرجح خريف أن السعودية تسعى للحفاظ على قدرتها على اقتناء أو استيراد الأسلحة من جميع الجهات التي يمكنها تصدير السلاح، وفي الوقت نفسه تريد أن تعزز علاقاتها الجيدة مع الولايات المتحدة على المدى البعيد.
حزمة كبرى
وكشفت تقارير إعلامية، في 25 أبريل الماضي، عن اعتزام الولايات المتحدة إعلان حزمة ضخمة من صفقات الأسلحة مع السعودية، تتجاوز قيمتها 100 مليار دولار، بحسب ما نقلته وكالة 'رويترز' عن ستة مصادر مطلعة.
وأشارت المصادر إلى أن الرئيس الأمريكي يخطط لعرض الصفقة خلال زيارته المرتقبة، منتصف مايو الجاري، بعد أن تعثرت محاولة إدارة بايدن السابقة في عقد اتفاق دفاعي شامل مع المملكة، كان يتضمن تصوراً لتطبيع العلاقات بين الرياض وتل أبيب، مقابل حوافز أمنية أمريكية.
حتى الآن لم يتضح ما إذا كانت الصفقات الجديدة تتضمن شروطاً مشابهة، مثل التطبيع والحد من التعاون العسكري مع الصين، ولم يصدر تعليق رسمي من البيت الأبيض أو الجهات السعودية بشأن التفاصيل، بينما قالت وزارة الدفاع الأمريكية إن التعاون الدفاعي مع السعودية في عهد ترامب هو الأقوى، مؤكدة استمرار دعمها لتلبية احتياجات المملكة الدفاعية.
وعلى مستوى الشركات، يتوقع أن تؤدي شركات الدفاع الأمريكية الكبرى دوراً محورياً في تنفيذ الحزمة، وفي مقدمتها 'لوكهيد مارتن'، التي يُتوقع أن تزوّد السعودية بطائرات نقل من طراز C-130، إلى جانب صواريخ ومعدات رادار متقدمة.
كما يُنتظر أن تشارك 'آر.تي.إكس' (رايثيون سابقاً) في الصفقة، إلى جانب 'بوينغ'، و'نورثروب غرومان'، و'جنرال أتوميكس'.
وفيما التزمت الشركات الأمريكية المعنية الصمت إزاء هذه التقارير، فإن من الواضح أن الحزمة المرتقبة تمثل تحولاً كبيراً في حجم ونوعية التعاون الدفاعي بين البلدين، وتُعد من أضخم الصفقات في تاريخ العلاقات العسكرية الأمريكية-السعودية.