السعودية وباكستان.. شراكة استراتيجية وتعاون اقتصادي يمتد لأكثر من ثمانية عقود

تجمع المملكة العربية السعودية وجمهورية باكستان الإسلامية علاقات تاريخية راسخة تمتد لأكثر من ثمانية عقود، تطورت خلالها إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، مع حرص البلدين على تطوير التعاون في مختلف المجالات بما يخدم مصالحهما المشتركة ويعزز الأمن والاستقرار في المنطقة.

وشهدت العلاقات الثنائية على مدى العقود الماضية زيارات متبادلة بين قيادتي البلدين، عززت أواصر التعاون وفتحت آفاقًا جديدة للشراكات الاقتصادية والاستثمارية. ومن أبرز هذه المحطات، زيارة سمو ولي العهد – حفظه الله – إلى باكستان في فبراير 2019م، والتي أطلقت مرحلة جديدة في العلاقات الثنائية، وأعلنت خلالها عن إنشاء مجلس التنسيق الأعلى السعودي الباكستاني، إضافة إلى توقيع اتفاقيات تجاوزت قيمة فرصها الاستثمارية 20 مليار دولار.

وفي إطار دفع الشراكة الاقتصادية إلى آفاق أرحب، وقّعت المملكة وباكستان اتفاقية إطار التعاون الاقتصادي، التي تهدف إلى استغلال الفرص الاستثمارية الواعدة في البلدين، مع التركيز على القطاعات ذات الأولوية، مثل الطاقة، والصناعة، والتعدين، وتقنية المعلومات، والسياحة، والزراعة، والأمن الغذائي، إلى جانب مشروع الربط الكهربائي بين المملكة وباكستان.

وتعد هذه الاتفاقية خطوة مهمة لتوطيد وتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، استنادًا إلى مقوماتهما الاقتصادية الضخمة وموقعهما الجغرافي الاستراتيجي، بما يتماشى مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 وأولويات التنمية في باكستان.

وعلى مدى العقود التسعة الماضية، شهدت العلاقات الثنائية تطورًا ملحوظًا، تمثل في تأسيس مجلس التنسيق الأعلى السعودي الباكستاني، الذي يعزز التنسيق في مختلف المجالات، ويتيح تبادل وجهات النظر بشأن القضايا الإقليمية والدولية، بما يسهم في دعم الاستقرار والأمن.

وسجل حجم التبادل التجاري السعودي – الباكستاني نحو 21.3 مليار دولار خلال الأعوام الخمسة الماضية، مع نمو العلاقات التجارية والاستثمارية بنسبة 80% منذ 2016 حتى نهاية 2024. كما يستفيد المستثمرون السعوديون من الفرص الاستثمارية في باكستان، خاصة في قطاعات الزراعة والثروة الحيوانية والأمن الغذائي والطاقة والبنية التحتية والمالية والصحة والتعليم، بينما وصل عدد الشركات الباكستانية المرخص لها في المملكة إلى نحو ألفي شركة.

وأشاد رئيس الوزراء الباكستاني، شهباز شريف، بمنجزات سمو ولي العهد – حفظه الله – والتحول الذي قاده في المملكة، مؤكدًا أن رؤية 2030 تشكل نموذجًا عالميًا يُحتذى به في تطوير وتنمية المجتمعات. كما أعربت باكستان عن تقديرها لدعم المملكة الدائم للاقتصاد الباكستاني، مؤكدين التزامهما بتنفيذ حزم استثمارية بقيمة تصل إلى 10 مليارات دولار.

وتجدر الإشارة إلى أن الصندوق السعودي للتنمية قدم لباكستان تمويلاً للمشتقات النفطية تجاوز مليار دولار، إضافة إلى تنفيذ أكثر من 18 مشروعًا وبرنامجًا إنمائيًا، والمنح المقدمة التي تتجاوز قيمتها 533 مليون دولار لدعم التنمية الاجتماعية وتحفيز النشاط الاقتصادي.

ويعيش في المملكة أكثر من 2.7 مليون باكستاني يعملون في مختلف المجالات، وتعد حوالاتهم المالية مصدرًا رئيسيًا لدعم الاقتصاد الباكستاني، كما تربط أبناء الجالية بالمملكة وشعبها الكريم روابط ثقافية ودينية وثيقة، تعكس عمق العلاقات التاريخية بين البلدين.