"صاحبة دور ريادي".. هل يمكن للسعودية قيادة العالم؟

محمود جبار - الخليج أونلاين

للاقتصاد السعودي دور مهم في الاقتصاد العالمي ويؤثر على الأسواق العالمية من خلال إنتاج النفط والاستثمارات الدولية والتعاون الدولي وجهود التنويع الاقتصادي.

لم تكن تصريحات رئيس مجلس الأمة الكويتي، أحمد السعدون، حول قيادة السعودية للعالم نابعة من مجرد تعاطف مع المملكة التي تواصل وبثقة توسيع حضورها عالمياً؛ لكن هي قراءة مبنية على إنجازات حققتها الرياض على أرض الواقع.

مناسبة حديث السعدون كانت الاحتفال باليوم الوطني السعودي التي أقيم أخيراً في سفارة المملكة بالكويت، خلالها أشار إلى الموقف المبدئي الذي اتخذته السعودية في 2013، عندما تقدمت لعضوية غير دائمة بمجلس الأمن ورفضتها بسبب معايير مزدوجة تتعلق بالقضية الفلسطينية والسورية.

واعتبر السعدون أن السعودية الدولة الوحيدة التي تمتلك القدرة على قيادة العالم، مشيراً إلى دورها الريادي في العالم العربي.

تلك التصريحات لقيت تفاعلاً من قبل ناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، وقال الإعلامي السعودي فهد الأحمري، عبر حسابه في 'إكس': 'هذا الأمر يفهمه فقط من يدرك مقومات القيادة في جوانبها المتعددة التي لا تكتمل إلا في وطن ينعم بثقل روحي، سياسي، اقتصادي، جغرافي، تاريخي، عسكري، سياحي، تجاري إلخ مقومات الكمال'.

ما الذي يميز المملكة؟

للسعودية العديد من الميزات التي تدفعها لتكون دولة ذات تأثير كبير، على المستوى الإقليمي والدولي.

فالمملكة تحتضن مكة المكرمة والمدينة المنورة، وهما أقدس مكانين في الإسلام؛ ما يجعل السعودية ذات أهمية كبيرة ومؤثرة بوجود ملياري مسلم حول العالم.

والسعودية تمتلك احتياطيات هائلة من النفط، وتأتي ثانياً بعد الولايات المتحدة في قائمة أكبر منتجي ومصدري النفط بالعالم؛ ما يجعلها ذات أثر كبير على الاقتصاد العالمي.

موقعها الاستراتيجي ومكانتها الدينية والاقتصادية ساهما في أن يكون للمملكة دور هام في الشؤون الإقليمية والعربية، ولها أكبر الأدوار في استقرار منطقة الشرق الأوسط.

وعلى مدى عقود طويلة نجحت السعودية في عقد علاقات دبلوماسية قوية مع العديد من الدول حول العالم، ولها تحالفات دولية مهمة، فضلاً عن كونها عضواً بمجموعة العشرين (G20).

السعودية ومنذ سنوات أصبحت العنوان الأبرز لوسائل الإعلام العالمية؛ لدورها المتنامي في التأثير العالمي، وإذا ما أخذنا الفترة منذ مطلع سبتمبر الجاري فيصعب جداً حصر عدد الأخبار والتقارير التي تداولتها كبريات وسائل الإعلام، وجميعها تتحدث عن السعودية وما تحققه من إنجازات على صُعد مختلفة.

وفي قراءة سريعة يمكن ملاحظة أن القوة السياسية التي تمتلكها السعودية وتأثيرها الدولي والإقليمي، كان سببه الاستفادة من القوة الاقتصادية وتسخيرها النموذجي.

اليوم من اليُسر ملاحظة أن للاقتصاد السعودي تأثيراً كبيراً على الاقتصاد العالمي؛ بسبب عدة عوامل أبرزها إنتاج النفط؛ حيث تعد السعودية واحدة من أكبر منتجي النفط في العالم.

فالمملكة تلعب دوراً حاسماً في تحديد أسعار النفط العالمية، وتعمل على استقرار أسواق النفط ومنع تقلبات أسعار النفط التي يمكن أن تؤثر تأثيراً كبيراً على الاقتصادات العالمية.

ومن أسباب تأثيراتها الاقتصادية الأخرى، هي الاستثمارات الدولية؛ فالسعودية تمتلك صندوق الاستثمارات العامة السعودي، الذي يتوفر على محافظ استثمارية ضخمة ويستثمر في مشاريع دولية لمختلف القطاعات؛ ما يسهم في تعزيز الاقتصاد العالمي وخلق فرص عمل.

تعزيز التجارة الدولية واحد من الأسباب التي لها تأثير على الاقتصاد العالمي؛ فالمملكة تعزز باستمرار فرص التبادل التجاري مع مختلف الدول بما يساهم في يعزز التكامل الاقتصادي العالمي.

بشكل عام، يمكن القول إن للاقتصاد السعودي دوراً مهماً في الاقتصاد العالمي ويؤثر على الأسواق العالمية من خلال إنتاج النفط والاستثمارات الدولية والتعاون الدولي وجهود التنويع الاقتصادي.

وأخذ هذا التأثير ينعكس على العديد من القطاعات، ومن بين أبرزها الرياضة، حيث إن ما حققته السعودية منذ مطلع 2023 باستقطاب خيرة لاعبي العالم لدوريها، الذي أصبح أحد أشهر الدوريات العالمية، ساهم في دعم مكانة المملكة عالمياً.

لاعب قوي

المحلل السياسي مسار عبد المحسن راضي، الذي تحدث لـ'الخليج أونلاين'، يرى أن 'السعودية تتمتع بكونها مسؤولة عن قبلة المسلمين؛ ولذا عليها تأمين هذه الثروة الأبدية بالحفاظ على حصَّة المسلمين من القدس؛ فالكعبة رسالة أبدية والقدس تُشبِهُ طابعاً بريدياً عالمياً، تُرحِّب به كُل عناوين العالم البريدية'.

وتؤكد السعودية مراراً أن مبادرة السلام العربية التي أطلقتها عام 2002 هي الشرط للتطبيع مع 'إسرائيل'، والتي تنص على إقامة دولة فلسطينية عاصمتها 'القدس الشرقية'. 

من جانبه يرى راضي أن 'الرياض تفهم جيداً أن الولايات المتحدة تمارسُ سياسة الباب المفتوح في الشرق الأوسط، وأن التعاون معها شيء ممتاز'، موضحاً أن 'طموح الرياض بالانضمام إلى مجموعة الـ G7 شيء مفرح وممكن'، خاصة أن 'المملكة تعرف ما الذي هي قادرة على تقديمه'.

ورأى أن ما يجب أن تركز الرياض عليه لكي تخطو إلى الأمام، بحسب راضي أن 'تتعاون دبلوماسياً مع جميع العالم ودول المنطقة بنفس الحرارة، وأن تحاول بجدية أن تستقطب فروع المنظمات الدولية المؤثرة'، مضيفاً: 'على الرياض أيضاً الاستفادة من الدوحة التي تعزف على آلات دبلوماسية عديدة، ومن مسقط التي لا تُبارى في ترتيب الأولويات التي تحتاج إليها المنطقة'.