اخبار السعودية
موقع كل يوم -صحيفة الوئام الالكترونية
نشر بتاريخ: ٢٦ حزيران ٢٠٢٥
كشف باحثون في المعهد الفدرالي السويسري للتكنولوجيا (ETH زيورخ) عن تطوير مادة 'حية' تحتوي على طحالب زرقاء-خضراء (سيانوبكتيريا)، قادرة على امتصاص ثاني أكسيد الكربون (CO₂) من الجو، مما يفتح الباب أمام استخدامها مستقبلًا في المباني للمساهمة في مكافحة تغير المناخ.
المادة الجديدة تعتمد على خاصية التمثيل الضوئي التي تقوم بها السيانوبكتيريا، حيث تُحوّل الضوء والماء وثاني أكسيد الكربون إلى أكسجين وسكريات. لكنها تتميز أيضًا بقدرتها الفريدة على تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى معادن كربوناتية صلبة – مثل الحجر الجيري – عند توافر عناصر غذائية معينة مثل الكالسيوم والمغنيسيوم. هذا التحول يوفّر وسيلة أكثر استقرارًا لتخزين الكربون مقارنة بعملية التمثيل الضوئي وحدها.
وقال البروفيسور مارك تيبيت، أحد المشرفين على الدراسة المنشورة في Nature Communications بتاريخ 23 أبريل: 'بفضل هذه الطحالب، يمكن للمادة تخزين الكربون في شكل حيوي ومعادن على حد سواء، ما يمنحها إمكانات استثنائية في تقنيات البناء المستدام'.
بدون هذه البنية المعدنية، ستكون المادة رخوة وهلامية. لكن عند تشكّل 'هيكل عظمي' معدني داخلها بمرور الوقت، تزداد صلابتها، مما يؤهلها للاستخدام كطلاء للواجهات المعمارية أو في عناصر البناء.
خلال التجارب، استمرت المادة في التقاط ثاني أكسيد الكربون طوال 400 يوم متتالية، وتمكنت من تخزين ما يصل إلى 26 ملغ من CO₂ لكل غرام من المادة على هيئة رواسب معدنية، وهو معدل يفوق بكثير أغلب التقنيات الحيوية المعروفة لتخزين الكربون.
بنية ثلاثية الأبعاد قابلة للطباعة
تتكوّن المادة من هيدروجيل مسامي قابل للطباعة ثلاثية الأبعاد، يُوفر بيئة مناسبة لنمو الطحالب مع السماح بمرور الضوء والماء وثاني أكسيد الكربون. واختبر العلماء أشكالًا هندسية مختلفة لتحديد أفضل تصميم يضمن بقاء الطحالب ونشاطها الحيوي.
وفي تصريح للدكتورة ييفان كوي، المؤلفة المشاركة في الدراسة، أوضحت أن 'السيانوبكتيريا من أقدم الكائنات الحية على كوكب الأرض، وتتمتع بقدرة مذهلة على استغلال حتى أضعف مصادر الضوء لإنتاج الكتلة الحيوية من ثاني أكسيد الكربون والماء'.
من المختبر إلى المعارض المعمارية
استُعرضت المادة الجديدة مؤخرًا في معرض العمارة بمدينة البندقية، حيث تم تقديمها في شكل مجسمات تُشبه جذوع الأشجار، قادرة على امتصاص نحو 18 كيلوغرامًا من ثاني أكسيد الكربون سنويًا – أي ما يعادل ما تمتصه شجرة صنوبر عمرها 20 عامًا.
كما ناقش الفريق إمكانية تعديل الطحالب وراثيًا لتعزيز معدل التمثيل الضوئي، مما قد يرفع من كفاءة امتصاص الكربون مستقبلًا.
ويرى الباحثون أن هذه المادة الحية تمثل 'نهجًا منخفض الطاقة وصديقًا للبيئة' يمكن أن يُكمّل تقنيات التقاط الكربون الكيميائية الحالية، في ظل الحاجة المتزايدة لحلول مبتكرة ومستدامة لمواجهة تغير المناخ.