اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ٣٠ تموز ٢٠٢٤
وفي خطابه بمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين لعيد العرش، جدد الملك محمد السادس التأكيد أن قضية الماء،'لا تحتمل أي تهاون أو تأخير أو سوء تدبير'، واعتبر الملك أن الحفاظ على الماء هو مسؤولية وطنية تقع على عاتق جميع المؤسسات والفعاليات، كما أنها أمانة في عنق كل المواطنين.
وقال الملك محمد السادس في خطابه الموجه إلى الأمة، 'إننا أمام تحديات كبيرة تتطلب منا جهداً مضاعفاً لتوفير الماء للجميع'. وأضاف: 'علينا أن نكون صادقين مع أنفسنا بشأن عقلنة وترشيد استعمال الماء، إذ لا يعقل أن نصرف عشرات المليارات لتعبئة الموارد المائية، بينما تتواصل مظاهر تبذيرها وسوء استعمالها'.
هذا وأكدت المندوبية السامية للتخطيط أن النمو الاقتصادي للمملكة سيتأثر بالظروف المناخية القاسية، مشيرا إلى استقرار المساحات المزروعة من الحبوب في حدود 2,47 مليون هكتار فقط عوض 3,67 مليون هكتار خلال الموسم الفلاحي الماضي، أي بانخفاض ملحوظ بـ 33%، متأثرة بتعاقب سنوات الجفاف، ما جعل إنتاج الحبوب ينخفض بـ 43%.
في هذا السياق، اعتبر خبير العلاقات الدولية، إدريس لكريني، أن الخطاب الملكي الأخير وضع قضية الماء كقضية جوهرية ذات بعد وطني خاصة وأن أصبح يفرض نفسه بإلحاح على صانعي السياسات العمومية في المغرب.
وأشار لكريني إلى أن الخطاب الملكي سلط الضوء على الجهود التي بذلها المغرب في هذا المجال، خاصة على المستوى التشريعي والخطط الاستراتيجية المتخذة للحد من تفاقم ندرة المياه، مؤكدا وجوب الانفتاح على المستقبل واتخاذ مزيد من الإجراءات والتدابير لتجاوز الآثار المترتبة عن هذا المشكل الذي تعاني منه العديد من الدول.
وأضاف المتحدث أن ندرة المياه أصبحت أكثر حدة بسبب التقلبات المناخية وتزايد الطلب على هذه المادة الحيوية، سواء على المستوى الفلاحي أو الصناعي أو الاستهلاك الفردي، ما جعل الخطاب الملكي يسلط الضوء على ضرورة اتخاذ العديد من التدابير ذات الطابع الاستشرافي مع الوعي بأهمية المياه.
واعتبر خبير العلاقات الدولية، أن الخطاب الملكي لم يقتصر على توجيه رسائل إلى صانعي القرار والمتدخلين والفاعلين في المجال، بل شجع على استثمار موقع المغرب بين المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط لاتخاذ المزيد من التدابير المتعلقة بتحلية المياه.
كما دعا إلى إقامة مشاريع لتحقيق العدالة المجالية ونقل المياه من المناطق ذات الوفرة إلى المناطق الأقل وفرة، بما يتماشى مع الرؤية الجهوية المبنية على التضامن.
وأكد المتحدث إلى أن الخطاب الملكي وجه رسائل واضحة إلى المواطنين لتبني سلوكيات رشيدة في استعمال المياه والتربية على عدم هدرها كسلوك مجتمعي، مما يعزز الأمن المائي.
وختم خبير العلاقات الدولية، إدريس الكريني، باعتبار الخطاب بمثابة خطة طريق للفاعلين فيما يتعلق باتخاذ تدابير استشرافية لمواجهة التحديات المختلفة التي تواجه المملكة.
ورغم الإنجازات المحققة، أكد جدري أن المغرب يقف عند مفترق طرق، حيث يتعين عليه مواجهة تحديات جسام لتحقيق أهدافه الطموحة المتمثلة في مضاعفة الناتج المحلي الإجمالي والوصول به إلى 260 مليار دولار بحلول عام 2035.
وحسب جدري، فإن الملك أولى اهتمامًا خاصًا بمسألة الماء، مؤكدًا على أهميتها كشريان الحياة وركيزة أساسية للتنمية المستدامة، مشددا على ضرورة تسريع وتيرة تنفيذ البرنامج الوطني للماء الصالح للشرب والسقي، الذي يمثل استثمارًا ضخمًا بقيمة 143 مليار درهم، ويهدف إلى تأمين المياه الشرب وتلبية احتياجات القطاعات الاقتصادية.
وأشار المحلل الاقتصادي إلى أن هذا البرنامج يشمل مجموعة من المشاريع الحيوية، من بينها ربط الأحواض المائية، وبناء محطات لتحلية المياه ومعالجة المياه العادمة، وإنجاز سدود صغيرة، معتبرا أن هذا البرنامج يمثل خطوة حاسمة نحو تحقيق الأمن المائي للبلاد.
وأوضح أن البرنامج الوطني للماء سيتم تزويده بالطاقة الكهربائية من مصادر متجددة، وذلك في إطار الاستراتيجية الوطنية للانتقال الطاقي، مؤكدا على أهمية تطوير البنية التحتية للنقل الكهربائي، خاصة على المحور الشمالي الجنوبي، وتكوين الكوادر المؤهلة في مجال الطاقات المتجددة.
وشدد المحلل على ضرورة الاستثمار في بناء القدرات البشرية في مجال تحلية المياه، من خلال توفير برامج تدريبية مستمرة للأطر والمهندسين والفنيين، وذلك لمواكبة التطورات التكنولوجية في هذا المجال.
وختم جدري تصريحه مؤكدًا على أن أزمة المياه تمثل تحديًا وجوديًا، وأن الخطط الموضوعة تهدف إلى تغطية نصف احتياجات البلاد من المياه، سواء للشرب أو للزراعة، داعيا إلى ضرورة اعتماد سياسة مائية شاملة لضمان إدارة مستدامة للموارد المائية في مواجهة التغيرات المناخية.
جدير بالذكر أن ولي العهد الأمير مولاي الحسن، عمل قبل أسابيع على إعطاء انطلاقة أشغال بجماعة المهارزة الساحل بإقليم الجديدة، لإنجاز محطة تحلية مياه البحر، الأكبر من نوعها على مستوى القارة الإفريقية، عند الانتهاء من إنجازها، بقدرة إنتاج سنوية تبلغ 300 مليون متر مكعب، ستستفيد منها ساكنة يقدر تعدادها بـ 7,5 مليون شخص.