اخبار المغرب
موقع كل يوم -العمق المغربي
نشر بتاريخ: ١٢ تموز ٢٠٢٥
كشف تقرير للمندوبية السامية للتخطيط، بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان بالمغرب، حول 'حالة سكان العالم لسنة 2025″، عن تراجع ملحوظ في معدل الخصوبة بالمملكة بنسبة 3.5 في المائة بين 1982 و2025، حيث انخفض المعدل من 5.5 أطفال لكل امرأة إلى 2.2.
وأثر هذا التراجع بشكل واضح على هيكل السكان، حيث انخفضت نسبة الأطفال دون سن 15 سنة، في مقابل ارتفاع عدد الفئة النشيطة التي تتراوح أعمارها بين 14 و59 سنة، وهو ما يُنذر بزيادة الضغط على سوق الشغل، خصوصاً في ظل النموذج الاقتصادي الحالي الذي يعاني من صعوبات في خلق فرص عمل كافية.
إقرأ أيضا: التحول الديموغرافي بالمغرب.. بنموسى: تراجع عدد الأطفال يهدد توازن السياسات العمومية مستقبلا
كما سجل التقرير ارتفاعاً في أعداد المسنين، لا سيما في المناطق الحضرية، حيث من المتوقع أن يصل عددهم إلى 6.1 ملايين بحلول 2030 مقارنة مع 5.1 ملايين في السنة الماضية. في الوقت ذاته، تستمر ظاهرة التمدن بوتيرة متصاعدة على حساب انخفاض سكان المناطق الريفية.
في هذا السياق، أكد الخبير الاقتصادي محمد جدري أن المغرب يتمتع حالياً بنافذة ديموغرافية مهمة بفضل ارتفاع نسبة الفئة النشيطة القادرة على الإنتاج، لكنه حذر من تداعيات استمرار انخفاض الخصوبة على هذه الفئة في المستقبل القريب، معتبراً أن البلاد بحاجة إلى تدخلات عاجلة تشجع على الولادة ودعم الزواج من خلال توفير تسهيلات ومنح تشجيعية.
وأشار جدري إلى أهمية العودة إلى سياسات دعم الزواج المبكر كما كان سائداً في الستينيات والسبعينيات، مشدداً على أن تأخر سن الزواج ينعكس سلباً على معدل الإنجاب، حيث يقتصر الأزواج في العادة على طفل أو طفلين فقط.
وأكد المحلل الاقتصادي ضرورة استثمار هذه الفئة النشيطة عبر تطوير منظومة تعليمية تراعي متطلبات سوق العمل، وتوفير بنى تحتية قوية، وتعزيز اقتصاد يوازن بين القطاعين العام والخاص، لتمكين الشباب من الاندماج الاقتصادي والتقليل من آفة البطالة التي تؤثر على الفئات العمرية بين 18 و24 سنة، سواء في المدن أو الأرياف.
كما شدد على أهمية إصلاح منظومة الحماية الاجتماعية لتشمل التأمين والرعاية الصحية، بما يضمن تحقيق تنمية مستدامة واستقراراً اقتصادياً واجتماعياً، إلى جانب ضرورة إصلاح أنظمة التقاعد لضمان استدامتها وتأمين حياة كريمة للمتقاعدين، خصوصاً مع ارتفاع أعدادهم بمعدل سنوي يصل إلى 3 في المائة.
وركز جدري على أن المغرب أمام رهانين أساسين: الأول يتمثل في استثمار الفئة النشيطة خلال الفترة الممتدة حتى 2050 لتعزيز الاقتصاد الوطني، والثاني يتعلق بالاستعداد لمواجهة تحديات الهيمنة السكانية لكبار السن بعد 2050، والتي تشكل مشكلة حالية في أوروبا وقد تنتقل إلى المغرب في المستقبل.
وفيما يتعلق بظاهرة التمدن، لفت المحلل الاقتصادي إلى أن التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة وجفاف الأراضي تؤثر سلباً على الحياة الريفية وإنتاجيتها، مما قد يسرع هجرة السكان نحو المدن، ما قد يزيد من الأعباء والتحديات الحضرية.
ودعا جدري إلى ضرورة تطوير البنية التحتية في المناطق الجبلية والريفية، ودعم القطاع الفلاحي عبر توفير الأسمدة، الأعلاف، والماء الصالح للشرب، لتوفير ظروف معيشية أفضل وتحفيز السكان على البقاء في مناطقهم الأصلية، تفادياً لزيادة الضغط على الحواضر الكبرى.