رثاء بقلم عبدالحميد العوضي: رحيل عبدالصمد العوضي.. أحد أعمدة الصناعة النفطية الكويتية

ولد عبد الصمد العوضي (بوجميل) في حي القبلة في منتصف الأربعينات، وبعد تخرجه في ثانوية الشويخ انتقل إلى بريطانيا لاستكمال دراسته العليا ونال شهادتي البكالوريوس والماجستير في الهندسة الكيميائية، بدأ حياته المهنية في شركة البترول الوطنية والتحق بمكتبها للتسويق العالمي - لندن عام 1973، ترأس المكتب مع ظهور عملاق ثامن في صناعة النفط العالمية هو مؤسسة البترول الكويتية، عُين بوجميل ممثلا رسميا لدولة الكويت في منظمة أوبك (1980 - 2001) في فترة شهدت أسواق النفط أصعب التحديات من حروب وصراعات جيوسياسية وأزمات اقتصادية عالمية أدت إلى اضطرابات خطيرة في تزويد النفط وانخفاض حاد في اسعاره وصل إلى 9 دولارات للبرميل، تعامل بوجميل مع تلك الأزمات بحذر مدروس، وحدث غزو العراق الغادر على الكويت واستطاع بمعية فريق المؤسسة من تأمين النفط لمصافي الكويت الخارجية إبان الغزو، بينما تكفلت السعودية بتغطية الجانب الأكبر منه طوال فترة غياب النفط الكويتي.

خبرة مهنية

ارتبط بوجميل بعلاقات وطيدة بوزراء نفط كبار في أوبك، ورؤساء شركات نفطية عظمى كالبترول البريطانية، ودور نشر أسعار النفط العالمية (بلاتس). اختارته وسائل إعلام عربية وأجنبية للحديث عن أوضاع السوق النفطي لامتلاكه مصداقية وخبرة مهنية واسعة، كان بعض الوزراء يدلون للصحافة بتصريحات تتعلق بإمدادات النفط واسعاره! وسرعان ما تتشكل حلقة كبيرة من الصحافيين تحيط ببوجميل لمعرفة فحوى تلك التصريحات ومضامين السياسة النفطية واقتصاداتها الاستراتيجية، فقد كان أكثر خبراء النفط معرفة بتوجهات كبار المصدرين والموردين ودراية بعوامل السوق المؤثرة، وسعى إلى تقريب وجهات النظر المختلفة حول قضايا نفطية، وظل مدافعا عن مصالح الكويت بكل صلابة لما يملكه من براعة تفاوضية وقوة إقناع ممزوجة بالكياسة والجدية واللطافة، كما قام بتدريب عدة وزراء وقيادات نفطية والعديد من موظفي المؤسسة.

تقاعد بوجميل من مؤسسة البترول بعد مسيرة عطاء مخلصة رائعة وأكمل مسيرته مع الشيخ أحمد زكي يماني وزير النفط السعودي الاسبق في مركز دراسات الطاقة العالمية، وختم مسيرته كمستشار لدى عدة شركات نفطية. رحل بوجميل بذكرى عطرة وترك إرثا مهنيا للمهتمين بأنشطة النفط والغاز والبتروكيماويات وترك قلوبا محبة تدعو الله له بالرحمة والمغفرة والجنة.

عبدالحميد العوضي