اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة القبس الإلكتروني
نشر بتاريخ: ٢٧ أب ٢٠٢٥
وليد منصور -
أفاد تقرير اقتصادي حديث صادر عن مؤسسة أكسفورد إيكونوميكس Oxford Economics أن إنفاق الأسر في دول الخليج سيواصل تسجيل أداء متفوق على الاقتصادات المتقدمة خلال السنوات المقبلة، مدفوعًا بعوامل متعددة تشمل انخفاض معدلات التضخم، تراجع البطالة، النمو السريع في فرص العمل، توسع القروض الشخصية والعقارية، إلى جانب التوقعات بخفض أسعار الفائدة.
وأكد التقرير أن هذه الديناميكية القوية ستفتح الباب أمام فرص واسعة للشركات العاملة في القطاعات الاستهلاكية بالمنطقة، في وقت تواصل فيه حكومات الخليج جهودها لتنويع النشاط الاقتصادي بعيدًا عن النفط والغاز.
نمو استهلاكي
وتوقع التقرير أن يرتفع معدل نمو الاستهلاك الحقيقي للأسر في دول الخليج بمعدل سنوي مركب يبلغ %3.4 خلال السنوات الخمس المقبلة، مقابل %1.7 فقط في الاقتصادات المتقدمة.
وفي تفاصيل الدول، أشار إلى أن:
- الكويت - الإمارات - قطر: يُتوقع أن يبلغ متوسط النمو أكثر من %3.5 سنويًا خلال السنوات الست المقبلة.
- السعودية: سجل الاستهلاك الحقيقي نموًا بنسبة %2.7 في عام 2024، ومن المتوقع أن يرتفع إلى %3.8 بحلول 2026 قبل أن يتراجع تدريجيًا.
- المقارنة العالمية: في المقابل، سيقف نمو استهلاك الأسر الأمريكية عند %2 فقط، فيما سيقتصر على %1.7 في الاقتصادات المتقدمة مجتمعة.
تضخم منخفض
وأوضح التقرير أن التضخم ظل في مستويات أقل بكثير من نظرائه في الغرب خلال السنوات الماضية. ففي حين بلغ التضخم ذروته عند %8 في الولايات المتحدة و%7 في الاقتصادات المتقدمة عام 2022، لم يتجاوز %5 في قطر، و%4.8 في الإمارات، و%3.1 في السعودية.
وأضاف أن هذا الأمر أسهم في الحفاظ على القوة الشرائية للأسر الخليجية ودعم أنماط الإنفاق. كما توقع أن تبقى معدلات التضخم منخفضة ومستقرة في الأعوام المقبلة، مع ارتفاع طفيف في 2026 ثم عودة للتراجع لاحقًا.
أما عن أسواق العمل، فقد تراجعت معدلات البطالة بعد الجائحة بدعم من نمو الطلب المحلي وإزالة القيود التجارية. ويتوقع التقرير استمرار هذا الاتجاه، لافتًا إلى أن معدل نمو الوظائف في الخليج سيبلغ نحو عشرة أضعاف معدلاته في الاقتصادات المتقدمة حتى عام 2030، ما يعزز ثقة المستهلكين ويدفع الإنفاق إلى مستويات أعلى.
طفرة عقارية
وسلّط التقرير الضوء على الدور المتنامي للائتمان في دعم الاستهلاك. فقد ارتفعت القروض الشخصية في الإمارات بنسبة %17.8 في الأشهر الثلاثة المنتهية في أبريل 2025 مقارنة بالفترة ذاتها من العام السابق، مدفوعة بتخفيف شروط الإقراض لكل من المواطنين والمقيمين.
كما شهد القطاع العقاري طفرة غير مسبوقة في دبي، إذ ارتفع عدد صفقات الشقق والفلل بنسبة %42.5 على أساس سنوي، فيما ارتفعت الأسعار المتوسطة بنسبة %8.7.
وفي السعودية، ورغم تباطؤ نمو القروض العقارية من ذروتها (%55 في 2020 و%50 في 2021) إلى نحو %10 فقط في 2024، فإن وتيرة النمو لا تزال قوية. وأشار التقرير إلى أن خطط فتح سوق العقارات أمام غير المواطنين في الرياض وجدة ومكة والمدينة، ستُشكّل رافعة جديدة للقطاع خلال السنوات المقبلة.
السياسة النقدية
وأوضح التقرير أن السياسات النقدية في دول الخليج تسير غالبًا على خطى قرارات الاحتياطي الفدرالي الأمريكي بسبب ارتباط العملات الخليجية بالدولار أو بسلة عملات.
وأشار إلى أن الاحتياطي الفدرالي الأمريكي أبقى أسعار الفائدة مرتفعة منذ 2023 بعد خفض محدود بمقدار 100 نقطة أساس، لكنه يتوقع بدء دورة جديدة من الخفض اعتبارًا من سبتمبر المقبل، بمقدار 125 نقطة أساس حتى نهاية 2026.
وستتبع البنوك المركزية الخليجية هذا الاتجاه، ما سيضيف دفعة قوية للطلب المحلي. ولفت التقرير إلى أن الكويت، رغم ربط عملتها بسلة عملات غير معلنة، ستتجه بدورها إلى اتباع السياسة نفسها.
رغم القيود النقدية المرتبطة بقرارات الاحتياطي الفدرالي الأمريكي، من المتوقع أن يبدأ الفدرالي بخفض الفائدة مجددًا اعتبارًا من سبتمبر 2025، بما يصل إلى 125 نقطة أساس حتى نهاية 2026. وبذلك ستتبع معظم البنوك المركزية الخليجية الاتجاه ذاته، مما يوفر دفعة إضافية للطلب المحلي. الاستثناء الوحيد هو الكويت، التي تربط عملتها بسلة عملات غير معلنة، لكنها بدورها يُتوقع أن تحذو المسار نفسه.
مخاطر مرتبطة بأسعار النفط
على الرغم من التفاؤل، شدد التقرير على أن الاعتماد الكبير لاقتصادات الخليج على عائدات النفط والغاز يبقى مصدر خطر أساسيا.
وأوضح أن التوقعات الحالية تشير إلى انخفاض أسعار خام برنت بنسبة %6 خلال العام المقبل قبل أن تبدأ بالتعافي تدريجيًا. لكن في حال حدوث صدمة خارجية أدت إلى انخفاض أسعار النفط بنسبة %10، فإن ذلك سيؤدي - بحسب محاكاة النموذج الاقتصادي للمؤسسة - إلى تراجع الاستهلاك الحقيقي بنسبة %0.74 خلال خمس سنوات، ما يعادل خصم 0.15 نقطة مئوية من النمو السنوي.
ومع ذلك، أكد التقرير أن أي تأثير سلبي سيكون محدودًا ما لم يكن الانخفاض في أسعار النفط حادًا ومطولًا.
عوامل ديموغرافية داعمة
إلى جانب هذه العوامل الدورية، أشار التقرير إلى أن العوامل الهيكلية مثل النمو الديموغرافي وزيادة عدد السكان ستظل عناصر داعمة للنمو الاستهلاكي في المنطقة، مع الوعد بنشر مذكرة بحثية لاحقة لبحث هذه الجوانب بتفصيل أكبر.