اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة القبس الإلكتروني
نشر بتاريخ: ١٠ كانون الأول ٢٠٢٥
عيسى عبدالسلام -
تواصل بورصة الكويت تعزيز موقعها بين الأسواق الأكثر تطورا في المنطقة، مدعومة بالاصلاحات التنظيمية والتشريعية، وعمليات الترقية للمؤشرات العالمية، وتنامي اهتمام المستثمرين المحليين والدوليين. وفي قلب هذا المشهد، تبرز مقارنة محورية تشغل دوائر الاستثمار: كيف يختلف أداء المستثمر الكويتي عن المستثمر الأجنبي؟ ومن منهما يترك البصمة الأكبر على حركة السوق؟
تكشف البيانات والأرقام عن صورتين متكاملتين لسلوكين استثماريين يتباينان في المنهج ووجهة النظر، لكنهما يساهمان معا في تشكيل مسار السوق واتجاهاته قصيرة وطويلة الأجل.
اقتناص الفرص
عند تحليل الأداء العام خلال الفترة الماضية يبرز نمط واضح، حيث يميل المستثمر الكويتي الى تحقيق عوائد أعلى خلال فترات الصعود، بفضل قدرته على التحرك السريع واقتناص الفرص، في المقابل يحقق المستثمر الأجنبي عوائد أكثر استقرارا على المدى الطويل، مستفيدا من انضباطه الاستثماري وابتعاده عن السلوك المضاربي.
ويعود هذا الاختلاف الى طبيعة كل طرف، اذ يفضل المستثمر الكويتي الأسهم التشغيلية والشعبية ويستغل أخبار السوق بشكل لحظي، بينما يركز الأجنبي على البنوك والشركات القيادية ويعتمد على تقييم مالي صارم قبل ضخ أي سيولة. وبذلك يتفوق المستثمر المحلي عند ارتفاع السوق، بينما يبرز «الأجنبي» عند اشتداد التذبذب أو تراجع السيولة.
مدرستان مختلفتان
استراتيجية المستثمر الكويتي تعتمد على قراءة نبض السوق والتحرك السريع، اذ يمتاز بقراءة مرتفعة في التقاط تغييرات السوق، وأبرز ملامح منهجه:
-التنقل بين الأسهم حسب السيولة اليومية والأخبار والافصاحات.
-التركيز على الأسهم متوسطة السعر التي تشهد زخما متكررا.
-قبول مستوى أعلى من المخاطر مقابل فرصة تحقيق ربح كبير.
-الاعتماد على الجمع بين التحليل المالي والتحليل السعري.
هذا الأسلوب يجعل المتداول الكويتي صاحب التأثير الأكبر في النشاط اليومي، خصوصا في الأسهم التشغيلية والشعبية ذات الأداء المتزن.
أما استراتيجية المستثمر الأجنبي فتسير وفق انضباط مؤسسي واستثمار طويل الأجل، كونه يطبق رؤية أكثر تحفظا وتنظيما، ويعتمد على عدة معايير أبرزها:
-الدخول في أسهم ذات حوكمة قوية وربحية مستقرة.
-تفضيل الشركات القيادية المدرجة في مؤشرات عالمية.
-الابتعاد عن المضاربات وتحركات الأسعار السريعة.
-الاستثمار طويل الأجل مع إعادة موازنة دورية للاستثمارات.
وغالبا ما يرتبط دخول الأجانب بإعلانات الانضمام للمؤشرات العالمية أو المراجعات الدورية لها، ما يجعل تأثيرهم منعكسا على الأسهم الكبرى ذات الوزن النسبي المؤثر.
معدلات السيولة
يعد المستثمر الكويتي المحرك الأساسي لنبض التداول اليومي، حيث يتركز تأثير استثماراته على تنشيط الأسهم الشعبية والتشغيلية، دفع السيولة اليومية الى مستويات مرتفعة، اضافة الى خلق موجات ارتفاع سريعة عند صدور معلومات متعلقة بالشأن المحلي، فضلا عن دعم أسهم الشركات المرتبطة بالمشاريع والعقود الحكومية، وتبدو بصمته واضحة وتتجه السيولة بشكل أكبر نحو قطاعات محددة.
بينما المستثمر الأجنبي يعد صانع الاستقرار في الأسهم القيادية، حيث يبرز تأثيره بقوة في القطاعات ذات الأداء التشغيلي والعوائد المستقرة، مثل البنوك وشركات الاتصالات والشركات المرتبطة بمؤشرات عالمية.
ويظهر تأثيره من خلال تعزيز الانضباط السعري وتقليل التذبذب، ورفع مستوى الكفاءة في التداول، وجذب ثقة المستثمرين العالميين ورفع تصنيف السوق، فضلا عن ضخ سيولة كبيرة في عمليات اعادة الأوزان على المؤشرات العالمية.
من يقود السوق؟
من واقع التداولات يتضح أن المستثمر الكويتي هو المحرك الأساسي للسيولة والاتجاهات اليومية، بينما يشكل المستثمر الأجنبي الركيزة التي تضبط الاتجاه العام للمؤشرات على المدى الطويل. فعندما يرتفع دخول الأجانب ترتفع الثقة وتتجه القياديات الى مسار أكثر استقرارا، وحين يشتد نشاط المستثمر المحلي، ترتفع وتيرة التداول وتكثر الفرص قصيرة المدى. ويستفيد السوق من توازن الطرفين فالمحلي يمنح الحيوية، والأجنبي يمنح الاستقرار.
اختلاف وتكامل
تكشف المقارنة أن كل طرف يمتلك نقاط قوة واضحة، فالمستثمر الكويتي يجني عوائد عند ازدهار السوق ويعرف تفاصيله اليومية بدقة.
أما المستثمر الأجنبي فيضيف عنصر الاستقرار ويرفع جودة التداول في الشركات القيادية، وفي النهاية تشكل العلاقة بين الطرفين شراكة غير معلنة بين خبرة محلية ورؤية عالمية، ما يجعل بورصة الكويت أكثر نضجا وتنوعا ومرونة أمام تقلبات الأسواق.


































