اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة الأنباء
نشر بتاريخ: ٢ تموز ٢٠٢٥
طارق عرابي
بدأت وزارة التجارة والصناعة في رسم الخطوط الأخيرة لإصدار قانون مكافحة التستر التجاري، بعدما انتهت من المشروع الخاص به وأحالته إلى إدارة الفتوى والتشريع تمهيدا لإصدار المرسوم بقانون.
يأتي ذلك تأكيدا لما نشرته «الأنباء» حول الموضوع في عددها الصادر بتاريخ 13 فبراير الماضي، فيما أكدت الوزارة بمشروع القانون الذي حصلت «الأنباء» على نسخة منه، والذي أفادت فيه الوزارة ضمن مذكرته الإيضاحية بأنه خلال السنوات الماضية لوحظ قيام بعض الأفراد بمزاولة الأنشطة الاقتصادية دون الحصول على التراخيص اللازمة، ما أدى إلى نشوء حالة من الفوضى والخلل في استقرار السوق ونظامه، وانعكس ذلك سلبا على المبادئ الجوهرية التي تقوم عليها بيئة الأعمال مثل منح المتستر عليه ميزة سعرية غير مشروعة تضر بالمنشآت المرخصة والمقيدة قانونا.
وجاء ضمن المثالب التي يعالجها القانون احتكار قطاعات معينة، ما يعيق دخول مستثمرين جدد ويضعف التنافسية، وإخفاء الهوية الحقيقية للمالك الفعلي ما يضعف قدرة الجهات التنظيمية على الرقابة ويعقد عمليات تحصيل الرسوم والضرائب، والانفلات من الالتزامات القانونية مثل الضرائب والرسوم واشتراطات العمل مما يخلق منافسة غير متكافئة ويسهم في تراجع الجودة الكلية للسلع والخدمات.
يأتي ذلك إلى جانب تعزيز الممارسات الاحتكارية ضمن سلاسل الإمداد أو شبكات التوزيع، بما يخالف أحكام القانون ويضر بالمستهلكين والمنشآت الصغيرة، والتأثير السلبي على الشمول المالي ومعرفة حجم الاقتصاد الحقيقي مقارنة بالاقتصاد الموازي وهو ما يعوق رسم السياسات المالية والتجارية بشكل سليم. وجاءت نصوص القانون كالتالي:
المادة الأولى
في تطبيق أحكام هذا القانون يقصد بالألفاظ والعبارات الواردة في هذا القانون المعاني المبينة قرين كل منها ما لم يدل سياق النص على غير ذلك:
1 ـ القانون: قانون مكافحة التستر التجاري.
2 ـ الوزارة المختصة: وزارة التجارة والصناعة.
3 ـ الوزير المختص: وزير التجارة والصناعة.
4 ـ التستر التجاري: تمكين الأجنبي سواء كان شخصا طبيعيا أو اعتباريا، من ممارسة أي نشاط اقتصادي يحظر عليه ممارسته وفقا لأحكام القوانين أو القرارات النافذة في الدولة، سواء لحسابه الخاص أو بالشراكة مع الغير، أو تمكينه من ممارسة النشاط الاقتصادي بالمخالفة لأحكام القانون أو شروط الترخيص.
5 ـ النشاط الاقتصادي: هو كل نشاط يهدف إلى تحقيق الربح، ويستلزم لمزاولته الحصول على التراخيص أو الموافقات اللازمة من الجهات المختصة، سواء أكان النشاط تجاريا، أو استثماريا، أو صناعيا، أو زراعيا، أو خدميا، أو مهنيا أو غير ذلك من الأنشطة ذات الطابع الاقتصادي.
6 ـ الأجنبي: كل شخص طبيعي أو اعتباري لا يحمل الجنسية الكويتية، ولا يتمتع بالمعاملة القانونية المقررة للكويتي وفقا للقوانين واللوائح المعمول بها في دولة الكويت.
المادة الثانية
يحظر على أي أجنبي، سواء كان شخصا طبيعيا أو اعتباريا، مزاولة أي نشاط اقتصادي داخل دولة الكويت، لحسابه الخاص أو بالاشتراك مع الغير، ما لم يكن حاصلا على الترخيص اللازم من الجهة المختصة، أو بتجاوز حدود الترخيص الممنوح له.
كما يحظر على أي شخص طبيعيا أو معنويا تمكين الأجانب من مخالفة هذا الحظر من خلال التستر التجاري، بما في ذلك السماح لهم باستخدام الاسم التجاري أو الترخيص أو الموافقة الصادرة له، أو السجل التجاري، أو أي وسيلة أخرى تتيح لهم ممارسة النشاط بشكل مخالف للقانون.
المادة الثالثة
يحظر عرقلة أو منع موظفي الوزارة المختصة بتطبيق أحكام هذا القانون من أداء مهامها بأي وسيلة كانت، بما في ذلك الامتناع عن تقديم المعلومات أو المستندات المطلوبة، أو تقديم بيانات غير صحيحة أو مضللة.
المادة الرابعة
يكون للموظفين المختصين الذين يصدر بتحديدهم قرار من الوزير المختص أو من يفوضه، صفة الضبطية القضائية في نطاق تطبيق أحكام هذا القانون، والقرارات واللوائح التنفيذية الصادرة تطبيقا لأحكامه.
ويجوز لهم في حدود اختصاصهم القيام بأعمال التفتيش والرقابة، وضبط وإثبات المخالفات المرتكبة من قبل الأشخاص أو الجهات المشتبه في مزاولتهم للأنشطة الاقتصادية بالمخالفة لأحكام هذا القانون.
المادة الخامسة
دون الإخلال بأي عقوبة أشد ينص عليها قانون الجزاء أو أي قانون آخر، يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز ثلاث سنوات وبغرامة لا تجاوز 10 آلاف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من خالف الحظر الوارد في المادة الثانية.
وتتعدد الغرامات بتعدد الأشخاص المخالفين أو الأنشطة المخالفة.
المادة السادسة
دون الإخلال بأي عقوبة أشد ينص عليها قانون الجزاء أو أي قانون آخر، يعاقب بالحبس مدة لا تجاوز 6 أشهر وبغرامة لا تجاوز 10 آلاف دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من خالف الحظر الوارد في المادة الثالثة.
المادة السابعة
يعاقب المسؤول عن الإدارة الفعلية للشخص الاعتباري المخالف بذات العقوبات المقررة عن الأفعال التي ترتكب بالمخالفة لأحكام هذا القانون إذا ثبت علمه بها، وكان إخلاله بالواجبات التي تفرضها عليه تلك الإدارة قد ساهم في وقوع المخالفة.
ويكون الشخص الاعتباري مسؤولا بالتضامن عن الوفاء بما يحكم به من عقوبة مالية وتعويض إذا كانت المخالفة قد ارتكبت من أحد العاملين به باسم الشخص الاعتباري أو لصالحه.
المادة الثامنة
مع عدم الإخلال بحقوق غير الحسني النية تصادر الأموال محل الجريمة أو الأرباح الناتجة عنها وإبعاد الأجنبي المخالف لأحكام هذا القانون، كما تنشر الأحكام النهائية تطبيقا لأحكام هذا القانون على الموقع الإلكتروني للوزارة.
المادة التاسعة
تضاعف العقوبة في حالة العودة لارتكاب جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون خلال خمس سنوات من تاريخ الحكم نهائيا في الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون.
المادة العاشرة
يجوز للوزير المختص أو من يفوضه التصالح في الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون قبل تحريك الدعوى الجنائية أو أثناء نظرها أو قبل صدور حكم نهائي فيها مقابل أداء نصف الحد الأقصى للغرامة ويترتب على التصالح انقضاء الدعوى الجنائية.
المادة الحادية عشرة
يلغى كل حكم يتعارض مع أحكام هذا القانون.
المادة الثانية عشرة
يصدر الوزير المختص اللائحة التنفيذية لهذا القانون خلال ثلاثة أشهر من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.
المادة الثالثة عشرة
على رئيس مجلس الوزراء، والوزراء كل فيما يخصه، تنفيذ هذا المرسوم بالقانون ويعمل به بعد ستة أشهر من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.
المذكرة الإيضاحية
تعد الأنشطة الاقتصادية من الركائز الأساسية لنهضة الدولة واستقرارها، ولابد أن تمارس في إطار منظم يلتزم بأحكام القانون واللوائح ذات الصلة، بما يحقق التنمية الاقتصادية المستدامة ويحمي النظام العام والمصلحة العامة.
وخلال السنوات الماضية، لوحظ قيام بعض الأفراد بمزاولة الأنشطة الاقتصادية دون الحصول على التراخيص اللازمة، ما أدى إلى نشوء حالة من الفوضى والخلل في استقرار السوق ونظامه، وانعكس ذلك سلبا على المبادئ الجوهرية التي تقوم عليها بيئة الأعمال، ومنها:
٭ الإخلال بمبدأ تكافؤ الفرص، حيث يمنح المتستر عليه ميزة سعرية غير مشروعة تضر بالمنشآت المرخصة والمقيدة قانونا.
٭ تشويه السوق، من خلال التسبب في خفض غير مبرر للأسعار أو احتكار قطاعات معينة، ما يعيق دخول مستثمرين جدد ويضعف التنافسية.
٭ غياب الشفافية، إذ إن إخفاء الهوية الحقيقية للمالك الفعلي يضعف قدرة الجهات التنظيمية على الرقابة ويعقد عمليات تحصيل الرسوم والضرائب.
٭ إضعاف الكفاءة الاقتصادية، نتيجة الانفلات من الالتزامات القانونية مثل الضرائب والرسوم واشتراطات العمل مما يخلق منافسة غير متكافئة ويسهم في تراجع الجودة الكلية للسلع والخدمات.
٭ تعزيز الممارسات الاحتكارية ضمن سلاسل الإمداد أو شبكات التوزيع، بما يخالف أحكام القانون ويضر بالمستهلكين والمنشآت الصغيرة.
٭ وأخيرا التأثير السلبي على الشمول المالي ومعرفة حجم الاقتصاد الحقيقي مقارنة بالاقتصاد الموازي وهو ما يعوق رسم السياسات المالية والتجارية بشكل سليم.
لذلك، جاء مشروع المرسوم بقانون هذا بوصفه أداة تشريعية ضرورية لمعالجة هذه الظواهر وتقنين بيئة الأنشطة الاقتصادية بما يضمن الشفافية، العدالة، وتكافؤ الفرص، ويعزز قدرة الدولة على الرقابة والتنظيم والتحصيل.
وقد جاء مشروع القانون في ثلاث عشرة مادة تناولت المادة الأولى منها التعاريف الأساسية، حيث تم تعريف «التستر التجاري» بأنه تمكين الأجنبي من مزاولة نشاط اقتصادي بالمخالفة لأحكام القانون أو شروط الترخيص. كما تم توضيح المقصود بـ«النشاط الاقتصادي» في نطاق تطبيق هذا القانون ليشمل الأنشطة التجارية والمهنية والصناعية والخدمية وذلك لضمان شمولية النص وتغطيته لمختلف صور النشاط الفعلي في السوق.
من جانب آخر، تم تعريف «الأجنبي» بشكل دقيق بما يكفل استبعاد من يعامل معاملة الكويتيين بموجب القوانين النافذة أو الاتفاقيات الدولية من نطاق تطبيق أحكام التستر التجاري تحقيقا لمبدأ المعاملة بالمثل والالتزامات الدولية لدولة الكويت.
وحظرت المادة الثانية من القانون على كل شخص طبيعي أو اعتباري ممارسة أي نشاط اقتصادي داخل الدولة ما لم يكن حاصلا على التراخيص اللازمة وفقا للقوانين واللوائح المعمول بها تأكيدا لمبدأ تنظيم السوق ومنع العشوائية في مزاولة الأنشطة الاقتصادية.
كما نصت المادة ذاتها على حظر التستر التجاري وذلك من خلال منع تمكين الأجانب من مزاولة أي نشاط اقتصادي بالمخالفة لأحكام القانون، سواء تم ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر، أو بأي وسيلة كانت، بما في ذلك استخدام الغير كواجهة لممارسة النشاط أو تمويهه بأشكال ظاهرها قانوني وباطنها مخالف.
ونصت المادة الثالثة على حظر عرقلة أو منع الموظفين المختصين من أداء مهامهم المنوطة بهم بموجب هذا القانون سواء بمنعهم من مباشرة أعمالهم الرقابية أو التفتيشية أو الامتناع عن تقديم المعلومات أو المستندات المطلوبة، أو تقديم بيانات غير صحيحة أو مضللة، وذلك تعزيزا لدور الجهات الرقابية في إنفاذ أحكام القانون وضمان فاعليته.
وبموجب المادة الرابعة تم منح الموظفين القائمين على تطبيق القانون صفة الضبطية القضائية لتمكينهم من أداء عملهم بفاعلية.
وفيما يتعلق بالعقوبات المنصوص عليها في المادتين الخامسة والسادسة، فقد روعي عند صياغة النص العقابي مبدأ تفريد العقوبة، نظرا لتعدد صور جريمة التستر التجاري واختلاف ظروفها ودرجات جسامتها. وقد تم ذلك تحقيقا لمبدأ العدالة ومنعا للمساس بمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، بما يضمن أن تكون العقوبة متناسبة مع طبيعة الفعل المرتكب.
ولما كانت بعض صور التستر التجاري قد ترقى في بعض الحالات إلى جريمة نصب أو احتيال يعاقب عليها بموجب قانون الجزاء، فقد تم تحديد الحد الأقصى للعقوبة بالحبس لمدة ثلاث سنوات، توافقا مع العقوبة المقررة لجريمة النصب وحفاظا على التناسق التشريعي وتقديرا لخطورة هذه الأفعال.
في المقابل، روعي تخفيف العقوبة في الحالات التي تقتصر على تعطيل أو مخالفة لأحكام القانون، وذلك تعزيزا لمبدأ التدرج في المسؤولية والعقوبة، وتماشيا مع السياسة العقابية الحديثة.
كما تم النص على تعدد الغرامات بتعدد المخالفات، تأكيدا على أن كل واقعة تستر أو تمكين أو مخالفة مستقلة تستوجب جزاء مستقلا، ضمانا للردع.
ونصت المادة السابعة على معاقبة المسؤول عن الإدارة الفعلية للمنشأة إذا ثبت علمه بالمخالفة أو إذا كانت المخالفة قد وقعت بسبب إخلاله بواجبات الإدارة وذلك تطبيقا لمبدأ المسؤولية الفعلية وعدم الإفلات من العقاب لمن يتولى التوجيه والإشراف الفعلي على النشاط محل المخالفة.
كما قررت المادة مسؤولية الشخص الاعتباري تضامنا مع العاملين لديه متى ارتكبت المخالفة باسم الشخص الاعتباري أو لصالحه، تأكيدا لمبدأ المساءلة المؤسسية، وضمانا لعدم استغلال الكيانات القانونية كغطاء قانوني للأفعال غير المشروعة.
ونصت المادة الثامنة على المصادرة الوجوبية للأموال والعوائد والأرباح المتحصلة من جريمة التستر التجاري لحرمان الجاني من الثمار غير المشروعة لأنشطته المخالفة ولما لها من أثر مباشر في تحقيق الردع العام والخاص.
وقد راعى النص ضمان احترام حقوق الغير حسن النية ومنع أي تعسف في التطبيق، مؤكدا أن المصادرة تقتصر على عوائد الجريمة وأدواتها دون المساس بحقوق الغير. كما نص على إبعاد الأجانب المخالفين.
ونصت المادة التاسعة على تشديد العقوبة في حالة العود، حيث تضاعف العقوبة المقررة إذا عاد المخالف إلى ارتكاب جريمة التستر التجاري خلال خمس سنوات من تاريخ صيرورة الحكم الجزائي النهائي بالإدانة، وذلك تعزيزا لمبدأ الردع الخاص وتشديد المساءلة تجاه من يصر على تكرار المخالفة، رغم سابقة معاقبته.
ويأتي هذا النص متسقا مع القواعد العامة في قانون الجزاء، ومحققا لفلسفة الردع التشريعي تجاه الجناة العائدين، بما يسهم في ترسيخ الالتزام بالقانون ومنع التكرار المنهجي للمخالفة.
وفي ضوء الطبيعة الخاصة لجريمة التستر التجاري، التي تعد جريمة اقتصادية تمس استقرار الأسواق وتنظيم الأنشطة التجارية وتؤثر سلبا على التنافسية وتكافؤ الفرص والعدالة في بيئة الأعمال فقد روعي أن تكون الغاية من العقوبة لا تقتصر على الزجر أو العقاب فقط، بل تمتد إلى ضبط الأسواق وتصحيح الأوضاع المخالفة، بما يعزز من نزاهة البيئة التجارية وشفافيتها.
وانطلاقا من هذا التصور، وتماشيا مع السياسة العقابية الحديثة، فقد تم الأخذ بنظام التصالح كخيار تشريعي متاح، يمكن من خلاله تسوية بعض المخالفات وفق ضوابط وشروط محددة ودون اللجوء إلى العقوبات السالبة للحرية إلا في الحالات التي تستوجب ذلك. ويأتي هذا التوجه استجابة لضرورة تحقيق التوازن بين الردع وتحقيق الكفاءة الاقتصادية للعقوبة لاسيما أن العقوبات السالبة للحرية تشكل عبئا ماليا وإداريا على الدولة، مما يتطلب أن تستخدم بحذر ووفقا لمبدأ التناسب دون الإخلال بفاعلية الردع العام والخاص.
وحرصا على تحقيق الاستقرار في البيئة الاقتصادية وعدم الإضرار بالمراكز القانونية القائمة، فقد تم منح مهلة انتقالية مدتها ستة أشهر من تاريخ العمل بالقانون، وذلك لتمكين المخاطبين بأحكامه من تصحيح أوضاعهم القانونية بما يتوافق مع متطلبات القانون الجديد.
وتأتي هذه المهلة في إطار العدالة التشريعية، وتقديرا لما تتطلبه بعض الأنشطة من وقت كاف للتسوية أو الترخيص أو إعادة هيكلة الشراكات، مع التأكيد على أن انقضاء هذه المهلة دون تصحيح يرتب الآثار القانونية الواردة في هذا القانون.