اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة الأنباء
نشر بتاريخ: ١ كانون الأول ٢٠٢٥
ياسر العيلة
بمناسبة مرور 30 عاما على تأسيس مسرح كوميديا الرعب الهادف، تعرض حاليا على مسرح نادي السالمية وبنجاح ساحق مسرحية «مصاص الدماء»، وهي أول عمل رعب كوميدي يعرض على مسرح كيفان في ذاك الوقت ويحقق نجاحا كبيرا، والنسخة الجديدة من إخراج وتأليف عبدالرحمن المسلم وعبدالعزيز المسلم، إشراف عام محمد الحملي ويوسف الحشاش، والعمل إنتاج مشترك بين «مسرح السلام» و«باك ستيج قروب».
كلاسيكيات المسرح الكويتيالمسرحية أعادت الحياة لواحدة من كلاسيكيات المسرح الكويتي وقدمت لنا الماضي بنكهة الحاضر، وتعتبر واحدة من أبرز تجارب الرعب الدرامي على خشبة المسرح، وتدور أحداث المسرحية حول شخصية «سالم» وهو شاب فقير وطموح أحب «بدرية» بصدق، لكن هذا الحب اصطدم بجدار الطبقية، حين رفض والدها المسؤول الكبير زواجه منها بحجة أنه ليس من مستواهم رغم اجتهاده وتحقيقه للشهادة العلمية، لكن القصة أعمق من مجرد رفض، فالمسؤول نفسه كان السبب في تدهور حال أسرة «سالم» بعد أن استولى على أموالهم وأموال البعض من المواطنين ودفعهم إلى الفقر.
هذا الظلم لم يمر مرور الكرام، ففي لحظة تحول وخرج الشر من أعماق «سالم» وتحول إلى «مصاص دماء» لا يهاجم الأبرياء بل ينتقم من الفاسدين واحدا تلو الآخر، كأنما يطهر المجتمع بدمائهم، غير أن الصراع الحقيقي لم يكن خارجيا فقط بل كان داخليا أيضا، صراع شرس بين «سالم الإنسان» و«سالم الوحش»، وفي النهاية ينتصر الخير، ويعود «سالم» إلى إنسانيته بعد أن خاض معركته النفسية العميقة.
أداء الممثلين كان قويا وتفوق كل واحد منهم على نفسه ليخرج العمل بشكل متكامل من جميع النواحي، وقدم النجوم الذين شاركوا في النسختين الأولى والثانية من العمل أداء متميزا، حيث جسد الفنان الكبير د.عبدالعزيز المسلم أكثر من شخصية وهم (الضابط أبومنصور، أبومزعل، دراكولا، عضو مجلس الأمة) كل شخصية قدمها بنكهة خاصة وأشاع حالة من البهجة والسعادة بحضوره التمثيلي الطاغي والذي تفاعل معه الجمهور بشكل غير عادي.
انفعالات دقيقةوجسّد النجم القدير جمال الردهان شخصية «سالم» بكل أبعادها النفسية والإنسانية بانفعالات دقيقة وتنقل مذهل بين الألم والحب والغضب والصراع، وكان رشيقا في أدائه وتحركه على خشبة المسرح، بنفس الأداء الرائع الذي قدمه قبل 30 عاما. أما النجمة باسمة حمادة فتقمصت شخصية «بدرية» التي تحب «سالم» بصورة رائعة ورغم مرور 3 عقود على تقديمها نفس الشخصية في النسخة الأصلية إلا أننا لم نشعر بأي اختلاف بل شاهدنا تطورا في الأداء الذي تسلل إلى قلوب الحضور دون استئذان.
وقدم الفنان القدير جمال الشطي أكثر من شخصية في العمل مثل (الضابط ابوزيد، أبوحسين، عضو مجلس الأمة) بأداء متقن وللحقيقة هو فنان كبير بمعنى الكلمة وكان فاكهة العمل بأدائه وأسلوبه التمثيلي الخاص. وعلى نفس المنوال جسد الفنان القدير عماد العكاري أكثر من شخصية مثل (النقيب خليل، أبو أحمد، رئيس مجلس الأمة) وهو فنان موهوب وله كاريزما خاصة، لكن من وجهة نظري قصّر في حق نفسه وإدارة موهبته وقد تفاعل الجمهور معه، ومن نجوم النسخة الأصلية الفنان علي الفرحان الذي لعب شخصية امرأة مصاصة الدماء تدعى «شباصة» والفنان بدر البلوشي الذي قدم شخصيتي الضابط والدكتور بشكل مميز كعادته.
نجوم النسخة الجديدةأما بالنسبة لأداء نجوم النسخة الجديدة، فكانوا مميزين لأبعد مدى بداية من النجم المتألق عبدالله الخضر الذي قدم الشخصية التي جسدها الفنان الراحل علي المفيدي، حيث أدى الخضر دوري «دراكولا الكبير وعضو مجلس الأمة» باحترافية وبطريقة سلسة وتلقائية، وهو يثبت في كل عمل يقدمه أنه فنان من طراز مختلف وصاحب موهبة استثنائية.
وقدمت الفنانة الشابة القادمة بقوة نديمة سنان دور «أم سالم» الذي سبق وأن قدمته من قبل الراحلة أمل عباس، وأبهرت الحضور بتمثيلها، فهي تملك الصوت والأداء والحضور الذي يساعد الفنانة على أن تكون لها طلة مميزة على خشبة المسرح، والجميل أن الكثير من زملائها الفنانين وبعض الجمهور أطلقوا عليها لقب «حياة الفهد الصغيرة». ومن نجوم النسخة الجديدة الفنان الشاب حسين المهنا أحد مفاجآت العمل والذي لعب شخصية «أبومناحي» الذي سبق وأن جسدها في النسخة الأولى الفنان دخيل النبهان، فالمهنا شاب موهوب قدم «كراكتر» جميلا استحق عليه إشادة الجمهور، فيما لفتت الفنانة الشابة سوزان ضو الأنظار بأدائها الجميل وحضورها المميز.
عوامل النجاحيحسب للمخرجين محمد الحملي ويوسف الشطي اللذين أشرفا على العمل حرصهما الشديد على أن تكون جميع التفاصيل الصغيرة قبل الكبيرة مطابقة للنسخة الأصلية من حيث الإضاءة والأزياء والمكياج وتفاصيل الديكور والأقنعة بقدر الإمكان تكون قريبة من السابقة بما فيها القناع الرئيسي الخاص بالذئب، حيث تم إحضاره من لندن وهو نفس القناع الذي استخدم في النسخة الأولى. ومن عوامل نجاح المسرحية الموسيقى التي أعاد تصميمها مع المؤثرات الموسيقية الشاب الموهوب عبدالعزيز القديري، وأيضا لا نغفل الدور الكبير الذي قام به فريق استعراض «باك ستيج قروب» في تقديم عمل راق يعيد إحياء هذه المسرحية الخالدة.
أخير، إعادة تقديم مثل هذه الأعمال الرائعة المفضلة لدينا تجعلنا نشعر وكأننا نلتقي أصدقاءنا، ويرجع ذلك إلى أن معرفتنا بالشخصيات في هذه العروض تلعب دورا في مشاعرنا الإيجابية، لأننا نطور شعورا بالارتباط بتلك الشخصيات.


































