اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة الجريدة الكويتية
نشر بتاريخ: ٢ حزيران ٢٠٢٥
منذ سنوات ونحن نكرر الرسالة ذاتها: لا مفر من ربط مخرجات التعليم بسوق العمل. وما جاء في تصريح مصادر لصحيفة الأنباء، أخيراً، ليس بجديد، بل تأكيد على واقع نعيه، ولكن لم نحسم حتى الآن أدوات معالجته بشكل جذري.
يتخرّج المئات سنوياً في جامعاتنا وكلياتنا بتخصصات لا تتناسب مع متطلبات سوق العمل، والمشكلة الحقيقية تكمن في غياب التنسيق بين وزارات الدولة والجهات التعليمية، وانعدام التخطيط الاستراتيجي الذي يُبنى على رؤية شاملة لاحتياجات الدولة الحالية والمستقبلية.
أولاً: التعليم بحاجة إلى تخطيط مرن ومستقبلي
نحن بحاجة إلى نظام تعليمي يستند إلى دراسات دقيقة لسوق العمل تُجرى بشكل دوري، ولا تعتمد على التوقعات أو ردود الأفعال. لا بد من مراجعة التخصصات الجامعية والتدريبية بشكل مستمر، والتوقف عن تخريج دفعات جديدة في تخصصات راكدة لا تطلبها الدولة.
كما أن التوجيه المهني المبكر في المدارس يجب أن يصبح جزءاً أساسياً من المنهج التربوي، لتوجيه الطلبة نحو المسارات المناسبة بناء على قدراتهم وميولهم، وبما يخدم احتياجات سوق العمل.
ثانياً: لا تعليم فعّال دون شراكات
الجامعات لا يمكن أن تعمل بمعزل عن الجهات المستفيدة، ونحن بحاجة إلى شراكات حقيقية بين وزارتي التربية والتعليم العالي، وديوان الخدمة المدنية، والقطاع الخاص، لتصميم برامج أكاديمية وتدريبية متوائمة مع الواقع.
الشراكة تعني أن يشارك أصحاب القرار بسوق العمل في صياغة المناهج وتحديد المهارات المطلوبة، والمساهمة في بناء جسور بين الدراسة النظرية والتطبيق العملي، حتى لا يتخرج الطالب وهو يجهل أبسط متطلبات الوظيفة.
ثالثاً: تطوير دور ديوان الخدمة المدنية
يجب أن يتطور دور الديوان من وسيط لترشيح الباحثين إلى شريك رئيسي في إعداد الكوادر الوطنية، وما نحتاجه هو جهاز يبادر بتصميم برامج تأهيل وظيفي قبل التخرج، ويهيئ الخريجين للدخول مباشرة إلى سوق العمل، دون انتظار طويل أو فجوة معرفية.
المرحلة المقبلة لا تحتمل التراخي، خصوصاً مع التحديات الاقتصادية والبطالة المتزايدة بين الشباب. إذا لم نربط التعليم بسوق العمل بشكل حقيقي، فسندفع الثمن مضاعفاً: بطالة من جهة، وإهدار للموازنات من جهة أخرى.
ربط مخرجات التعليم بسوق العمل لم يعد خياراً، بل ضرورة وطنية لتنمية مستدامة واقتصاد منتج. وقد آن الأوان أن تنتقل هذه الفكرة من التقارير والخطابات إلى أرض الواقع.