مدن الخليج ترسِّخ مكانتها كمراكز عالمية صاعدة

وليد منصور -

كشف تقرير «كيرني» لعام 2025 حول المدن العالمية أن مدن الخليج ترسّخ مكانتها كمراكز عالمية صاعدة، مدفوعة بالاستثمار في البنية التحتية، والاستعداد الرقمي، وتنمية رأس المال البشري.

وفي حين حافظت المدن العالمية الراسخة على مواقعها المتقدمة، فقد حقّقت المدن الرائدة في دول الخليج بعضًا من أكبر القفزات السنوية في المؤشر، ما يؤكد دورها المتنامي في تشكيل الاقتصاد العالمي.

ويقيِّم مؤشر المدن العالمية (GCI) أداء 158 مدينة ضمن خمسة أبعاد: النشاط التجاري، ورأس المال البشري، وتبادل المعلومات، والتجربة الثقافية، والمشاركة السياسية. ومن خلال 31 مؤشرًا، يقيس المؤشر قدرة كل مدينة على جذب الناس ورأس المال والأفكار والاحتفاظ بها وإنتاجها.

مراكز راسخة

وأظهرت نتائج هذا العام استمرار قوة المراكز الراسخة، حيث حافظت نيويورك، ولندن، وباريس، وطوكيو، وسنغافورة على المراتب الخمس الأولى. كما أبرزت النتائج تنوّعًا متزايدًا في الترابط العالمي، مع تسجيل مدن مثل ألماطي، وتايبيه، وريو دي جانيرو مكاسب ملحوظة.

وفي منطقة الخليج، حافظت دبي على موقعها الريادي، متقدمة إلى المرتبة 23 عالميًا، لتؤكد دورها كمركز للأعمال والتمويل والثقافة. كما تقدمت الرياض ثماني مراتب لتصل إلى المرتبة 56، ما يعكس الزخم في النشاط الاقتصادي والاتصال العالمي المدعوم ببرامج التحول الطموحة. كذلك تقدمت المنامة عشر مراتب إلى المركز 125، ما يبرز تقدم البحرين في تعزيز الترابط الإقليمي والتنافسية.

قدرات تنافسية

وقال رودولف لوهمير، الشريك الأول في مجلس السياسات التجارية العالمية ورئيس معهد التحولات الوطنية (ضمن شبكة الاستشراف في كيرني): «ما يلفت الانتباه في نتائج هذا العام ليس فقط المدن التي تقدمت أو تراجعت، بل الأسباب وراء ذلك. المدن لم تعد تُعرّف بمزاياها التاريخية أو بحجمها فقط، بل أصبحت قدرتها التنافسية تعتمد على مدى نجاحها في تنمية المواهب، وبناء الثقة في الأنظمة الرقمية، وتصميم بيئات قابلة للعيش قادرة على الصمود أمام التقلبات. ومسار مدن الخليج يمثل مثالًا واضحًا على كيفية توحيد هذه العوامل لتغيير مكانة المدينة عالميًا في غضون سنوات قليلة».

وأضاف أن هذه النتائج تسلط الضوء على كيفية نجاح مدن الخليج في الاستفادة من الاستثمارات في جذب المواهب، إلى جانب الاستثمار في الخدمات اللوجستية والبنية التحتية، لتقليص الفجوة مع القادة العالميين التقليديين.

توقعات 2025

بينما يقيس مؤشر المدن العالمية الأداء الحالي، يقدم تقرير توقعات المدن العالمية (GCO) تقييمًا استشرافيًا لقدرات المدن المستقبلية عبر أربعة أبعاد: الرفاهية الشخصية، والاقتصاد، والابتكار، والحوكمة.

وكشف تقرير 2025 عن تحولات جوهرية في التسلسل الهرمي العالمي، حيث صعدت ميونخ إلى المركز الأول متجاوزة سان فرانسيسكو، فيما قفزت سيول وسنغافورة إلى المراتب الخمس الأولى، ما يؤكد تنامي وزن المراكز الآسيوية في الابتكار.

وأظهرت العديد من المدن الغربية علامات ضعف، بسبب تحديات في الحوكمة والرفاهية الاجتماعية التي أثرت في ترتيبها. كما تقدمت مراكز آسيوية ناشئة مثل تايبيه وجاكرتا، ما يشير إلى إعادة توزيع أوسع لفرص النمو العالمي.

وجاءت التوقعات إيجابية للغاية بالنسبة لمدن الخليج؛ إذ سجلت كل من دبي، والرياض، والدمام، والمدينة المنورة، ومكة المكرمة، والدوحة، والمنامة تقدماً مطرداً، مدفوعة بالاستثمار المستمر في البنية التحتية والابتكار وجودة الحياة. وتشير هذه النتائج مجتمعة إلى تنامي تأثير المنطقة في رسم ملامح مدن المستقبل.

إصلاحات نظامية

وأكد التقرير أن مدن الخليج، من خلال إصلاحاتها النظامية وإستراتيجياتها الاستشرافية، تتمتع بموقع قوي يمكنها من مواجهة الاضطرابات بل والمساهمة في تشكيل المرحلة المقبلة من القيادة العالمية.

وقالت برينا باكستاف، الشريكة في قسم الاستشراف لدى كيرني: «تواصل مدن الخليج ترجمة أجندات التحول طويلة الأمد إلى تقدم ملموس».

وأضافت: «إن صعودها يعكس نتائج الاستثمار المستمر في المواهب والبنية التحتية والمرونة البيئية — وهي ركائز تعزز قدرتها التنافسية العالمية في عصر الذكاء الاصطناعي».

نظرة إلى المستقبل

يخلص تقرير عام 2025 إلى أن تنافسية المستقبل ستعتمد على ثلاثة عوامل مترابطة:

1 - توسيع القدرات الطاقية.

2 - دمج قابلية العيش والمرونة البيئية في النمو.

3 - تأهيل الكفاءات البشرية لاستيعاب الذكاء الاصطناعي.