اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة الأنباء
نشر بتاريخ: ٩ تشرين الثاني ٢٠٢٥
أحمد مغربي
تمثل قروض شراء الأوراق المالية أحد المؤشرات الأساسية لقياس اتجاهات شهية المستثمرين نحو سوق المال في الكويت، وقد أظهرت البيانات أن إجمالي رصيد التسهيلات الممنوحة لشراء الأوراق المالية بلغ بنهاية سبتمبر 2025 مستوى 4.50 مليارات دينار، مقارنة بـ 3.76 مليارات دينار بنهاية ديسمبر 2024، ويعني ذلك تسجيل زيادة قدرها 739.3 ملايين دينار خلال فترة تقارب 9 أشهر منذ بداية العام، وبنمو نسبته 19.64%، وهو ما يعكس اتجاها واضحا لتعاظم الطلب على الاقتراض بغرض الاستثمار في الأسهم خلال العام.
وعلى أساس سنوي، يظهر التطور بشكل أكثر وضوحا، إذ ارتفع رصيد قروض شراء الأوراق المالية من 3.61 مليارات دينار في نهاية سبتمبر 2024 إلى 4.50 مليارات دينار في نهاية سبتمبر 2025، أي بزيادة قدرها 887.5 مليون دينار، وبنمو 24.54% خلال 12 شهرا، ويؤكد ذلك أن توسع الاقتراض لم يكن ظاهرة ظرفية قصيرة، بل مسارا تصاعديا استمر على مدى عام كامل مدفوعا بعوامل سوقية واستثمارية متراكمة.
ومن اللافت أن هذا المستوى من رصيد قروض شراء الأوراق المالية يعد الأعلى تاريخيا منذ بدء تسجيل هذا البند ضمن بيانات الائتمان المصرفي في الكويت، إذ لم تصل التسهيلات المخصصة للاستثمار في الأوراق المالية إلى هذا الحجم في أي فترة سابقة، ويشير ذلك إلى تغير هيكلي في حجم الطلب الاستثماري داخل السوق، يعكس نضجا أكبر في التعامل مع أدوات الاستثمار المالي، وتوسعا في قاعدة المستثمرين، إضافة إلى تعزيز دور قطاع التمويل المصرفي كذراع داعمة لعمق السوق، وهذا التطور لا يمثل مجرد رقم قياسي، بل يمثل تحولا في بنية العلاقة بين السوق والمستثمرين والمصارف على حد سواء.
قروض الشركات والأفراد
وعند تحليل مصدر الزيادة خلال الأشهر الـ 9 الأولى من العام، يتبين أن الشركات والمؤسسات استحوذت على جزء مهم من الزيادة، حيث ارتفع رصيد قروضها من 2.36 مليار دينار في نهاية ديسمبر 2024 إلى 2.69 مليار دينار في نهاية سبتمبر 2025، أي بزيادة بلغت 335.5 مليون دينار، وبمعدل نمو 14.2%.
وفي المقابل، برزت شريحة الأفراد كمحرك رئيسي للزيادة، إذ ارتفع رصيد قروضهم من 1.402 مليار دينار إلى 1.806 مليار دينار خلال الفترة ذاتها، ما يمثل زيادة قدرها 403.8 ملايين دينار ونموا نسبته 28.7%، ويعكس هذا الفارق أن الإقبال الاستثماري لم يكن مقتصرا على المحافظ المؤسسية، بل شمل شريحة واسعة من المستثمرين الأفراد الذين رأوا في السوق فرصا جاذبة لتحقيق عوائد رأسمالية وتوزيعات دورية.
وعند وضع هذه الزيادة في سياق الائتمان الإجمالي الموجه للمقيمين، يتبين أن قروض شراء الأوراق المالية أصبحت تمثل وزنا متصاعدا داخل هيكل التسهيلات المصرفية، فبلغ إجمالي الائتمان الموجه للمقيمين بنهاية سبتمبر 2025 نحو 52.381 مليار دينار، ما يعني أن قروض شراء الأوراق المالية تشكل 8.59% من إجمالي الائتمان، مقارنة بـ 7.61% في نهاية ديسمبر 2024، ما يعكس ارتفاع أهمية هذا النوع من التمويل ودوره المتنامي في حركة الاستثمار المحلي، ويعني ذلك أن التمويل الموجه لسوق الأسهم كان الأسرع نموا بين مكونات الائتمان خلال الأشهر التسعة الأولى من العام، وذلك على حساب قروض قطاعات أخرى نمت بوتيرة أبطأ.
ارتفاعات البورصة
وتأتي هذه القفزة في الطلب الائتماني متزامنة مع مرحلة اتسمت فيها بورصة الكويت بارتفاعات ملموسة في المؤشرات، وتنام في أحجام وقيم التداول، وعودة واضحة لتدفقات سيولة استثمارية جديدة، إذ شهدت السيولة في السوق الكويتي نموا غير مسبوق خلال 2025، إذ ارتفعت بنسبة 90% لتبلغ 19.4 مليار دينار مقارنة بـ 10.2 مليارات دينار في الفترة ذاتها من العام الماضي.
كما أن أبرز إنجازات البورصة في أول 9 اشهر من العام الحالي تمثلت في ارتفاع القيمة السوقية بنسبة 21% لتصل إلى 52.6 مليار دينار، مقارنة بـ 43.5 مليار دينار في نهاية العام الماضي، أي بزيادة تقارب 9.1 مليارات دينار، وقد تجاوزت القيمة السوقية خلال سبتمبر حاجز 53 مليار دينار لأول مرة منذ أزمة 2008، قبل أن تتراجع قليلا بفعل عمليات جني الأرباح.
وسجلت أحجام التداول نموا قياسيا خلال الأشهر الـ 9 الأولى من 2025، إذ بلغت الكميات المتداولة 83.5 مليار سهم، مقارنة بـ 44.1 مليار سهم في الفترة المماثلة من 2024، أي بزيادة نسبتها 89.5%.
فضلا عن تنامي ثقة المستثمرين الأجانب، الأمر الذي انعكس في ارتفاع نسب الملكية في أسهم السوق الأول إلى 7 مليارات دينار، مدعوما بزيادة الشفافية والإفصاح، وتطوير البنية التحتية، وتطبيق أنظمة تسوية متقدمة، ما جعل بورصة الكويت أكثر حضورا على خريطة الاستثمارات العالمية.
كما دعمت التوزيعات النقدية الفصلية التي أعلنتها الشركات القيادية، إضافة إلى بقاء أسعار النفط عند مستويات داعمة للثقة الاقتصادية، تعزيز البيئة الاستثمارية ورفع شهية المخاطرة المدروسة.
وفي ضوء هذه المعطيات، يمكن قراءة الزيادة في قروض شراء الأوراق المالية كإشارة مركبة تعكس نضجا أكبر في سلوك المستثمرين وثقة أعلى بآفاق السوق الكويتية، وفي الوقت ذاته تؤكد القدرة التمويلية للمصارف على لعب دور محوري في تعميق الاستثمار المالي، ومع ذلك، تظل المراقبة المستمرة للرافعة المالية ضرورة لضمان الاتزان في حال تعرض الأسواق لأي موجة تصحيحية.


































