اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة الأنباء
نشر بتاريخ: ٢٨ أيار ٢٠٢٥
ذكر تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني أن صافي إيرادات الاستثمار، وهو البند الذي يعكس العائدات المتحققة من رأس المال المستثمر في الخارج، بلغ نحو 10.2 مليارات دينار في 2024، مسجلا نموا بنسبة 2.3%، وجاءت هذه الزيادة بصفة رئيسية على خلفية ارتفاع عائدات استثمارات المحافظ المالية (6.1 مليارات دينار)، رغم أن هذه المكاسب قابلها جزئيا تراجع عائدات الاستثمار المباشر في الخارج (2.3 مليار دينار)، إلى جانب زيادة أرباح الاستثمار المباشر لغير المقيمين في الكويت، بما يتسق مع تعافي أداء بورصة الكويت العام الماضي.
وأضاف التقرير أن هذه الزيادة الطفيفة تأتي عقب أداء استثنائي في عام 2023، حين عززت العوائد المرتفعة على الودائع وسندات الخزانة قصيرة الأجل - نتيجة رفع أسعار الفائدة الأميركية - إلى جانب الأداء القوي للأسهم الأميركية، صافي الإيرادات الاستثمارية بشكل ملحوظ.
وارتفعت إيرادات الاستثمار الخارجي إلى ما يعادل 57% من صادرات النفط في عام 2024، مقابل 40% في عام 2019، مما يبرز الأهمية المتزايدة لهذا المصدر كركيزة استراتيجية داعمة لفائض الحساب الجاري في مواجهة تقلبات إيرادات الهيدروكربونات.
فائض الحساب الجاري
وعلى صعيد آخر، أشار التقرير إلى أن الحساب الجاري سجل فائضا في 2024، إلا أنه تراجع للعام الثاني على التوالي ليصل إلى ما نسبته 29% من الناتج المحلي الإجمالي، نتيجة لانخفاض الصادرات النفطية، وقد أسهم في تعويض التراجع الذي شهده الفائض التجاري السلعي جزئيا في تحسن ميزان الخدمات وإيرادات الاستثمار، إذ سجل الأخير فائضا بنسبة 21% من الناتج المحلي الإجمالي.
وتقلص فائض الحساب الجاري إلى 14.3 مليار دينار (29.1% من الناتج المحلي الإجمالي) في عام 2024، مقابل 15.8 مليار دينار (31.1% من الناتج المحلي الإجمالي) في العام السابق، ويعزى هذا التراجع بصفة رئيسية إلى انخفاض صادرات النفط الخام وتعافي تحويلات الوافدين.
وبالرغم من هذا التراجع فإن الصادرات النفطية تمكنت من الاحتفاظ بصدارتها ضمن أرصدة الحساب الجاري، إذ شكلت نحو 88.9% من إجمالي الصادرات و53% من إجمالي المقبوضات، مقابل 92.7% و58.6% في عام 2023، على التوالي.
وفي المقابل، شهدت الصادرات غير النفطية (الصادرات المحلية وإعادة التصدير) تعافيا لافتا، إذ ارتفعت بنسبة 40% خلال عام 2024 بعد انخفاضها بنسبة 2.7% في العام السابق، مدفوعة بالزيادة الكبيرة لصادرات الكيماويات العضوية (18% مقابل -25% في عام 2023)، والبلاستيك ومشتقاته (66% مقابل 9%)، والسيارات وقطع الغيار (112% مقابل 6%).
وبالإضافة إلى ذلك، تقلص عجز حساب الخدمات بنحو مليار دينار، مدعوما بانخفاض إنفاق الكويتيين على السفر للخارج بنحو 0.6 مليار دينار، ويشمل هذا البند الإنفاق على الطلبة المبتعثين للخارج والرحلات العلاجية في الخارج، مما أسهم جزئيا في الحد من تأثير تراجع الفائض التجاري للسلع على الحساب الجاري.
انتعاش تحويلات الوافدين
وفيما يخص حساب الدخل الثانوي، الذي يعكس بصورة أساسية تحويلات الوافدين، فقد سجل نموا بنسبة 11.8% في عام 2024، منهيا بذلك مسار التراجع الحاد الذي بلغ 28.4% في عام 2023.
وأوضح تقرير البنك الوطني أن هذا التعافي يعزى إلى الاستقرار النسبي في سعر صرف الجنيه المصري والروبية الهندية منذ النصف الثاني من عام 2023، وهما العملتان الرئيسيتان لنحو نصف القوى العاملة الوافدة في الكويت.
وعلى الرغم من هذا التحسن، لا تزال التحويلات أدنى بنسبة 24% من مستويات ما قبل الجائحة (عام 2019)، مما يعكس استمرار تأثير ارتفاع تكاليف المعيشة محليا - إذ سجلت الكويت أعلى معدل تضخم بين دول الخليج في 2024 - فضلا عن المخاوف المرتبطة بتقلبات أسعار الصرف، والتي تدفع الكثير من الوافدين إلى الاحتفاظ بجزء أكبر من دخولهم داخل البلاد.
استقرار التدفقات المالية للخارج
وعلى الجانب الآخر من ميزان المدفوعات، ذكر تقرير «الوطني» انه استقرت تدفقات الحسابات المالية إلى الخارج نسبيا خلال عام 2024، مسجلة تراجعا هامشيا إلى 15.3 مليار دينار (ما يعادل 31% من الناتج).
وتركزت غالبية هذه التدفقات ضمن استثمارات المحافظ، وسط تحول لافت نحو أدوات الدين، التي ارتفعت إلى 10.1 مليارات دينار، مقارنة بتركيبة شبه متوازنة في عام 2023. ويرجح أن تعكس هذه التحركات تزايد إقبال المستثمرين على الأوراق المالية ذات العائد الثابت، بدعم من جاذبية العوائد العالمية وتزايد التوقعات بالتيسير النقدي في الاقتصادات المتقدمة.
كما أسهم تراجع الاستثمارات المباشرة في الخارج، والتي انخفضت إلى 3.2 مليارات دينار (-7.9%)، في تقليص التدفقات المالية إلى الخارج، إلى جانب انخفاض الأصول الاحتياطية بواقع 0.9 مليار دينار لتبلغ 13.7 مليار دينار، مما يعزز متانة وضع السيولة الخارجية للكويت، إذ تغطي هذه الاحتياطيات نحو 8.7 أشهر من الواردات - وهو مستوى يفوق بكثير الحد الأدنى البالغ 3 أشهر الذي يوصي به صندوق النقد الدولي. ومن اللافت أن أصول البنوك من المشتقات المالية قفزت بنحو عشرة أضعاف خلال عام 2024، في مؤشر الى تنامي نشاط التحوط ضد تقلبات الأسواق العالمية والتحولات في السياسات النقدية. كذلك، ارتفعت المطلوبات المصنفة ضمن بند «أخرى/ الحكومية العامة» بقيمة ملحوظة بلغت 1.4 مليار دينار، مقابل 107 ملايين دينار فقط في عام 2023، ما قد يعكس زيادة ديون الكيانات المرتبطة بالحكومة.