اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة القبس الإلكتروني
نشر بتاريخ: ١١ تشرين الأول ٢٠٢٥
نور نورالدين -
العيش حتى سن المئة كان يُعتبر حلماً بعيد المنال، لكنه اليوم واقع يعيشه نحو 40 ألف شخص في فرنسا وحدها، وفق المعهد الوطني للدراسات الديموغرافية (INED). ومع ذلك، يبقى السؤال مطروحاً: هل يكمن سرّ طول العمر في الحظ والوراثة، أم في نمط الحياة؟
دراسة سويدية حديثة، نُشرت في مجلة ذا لانسيت، قدمت بعض الأجوبة، مسلّطة الضوء على العوامل التي تجعل بعض الأشخاص يعيشون فترة أطول وبصحة أفضل.
◄ أمراض أقل.. وحياة أطول
أجرى باحثون من معهد كارولينسكا في استوكهولم دراسة واسعة شملت أكثر من 44 ألف سويدي، وُلدوا بين عامي 1920 و1922، وتمت متابعتهم منذ بلوغهم السبعين على مدى عقود.
أظهرت النتائج أن سرّ هؤلاء المعمّرين يكمن في مرونتهم الفسيولوجية (أي قدرة الجسم على التعافي والتكيف مع الضغوط الداخلية والخارجية): فهم أقل عرضة للإصابة بأمراض مزمنة حادة، كما أن الأمراض التي يعانون منها تتطور بوتيرة أبطأ وأقل عدوانية.
◄ العوامل الوراثية والبيئية
الدراسة أوضحت أن الجينات تُفسر فقط حوالي %20 من القدرة على مقاومة أمراض الشيخوخة. أما الباقي فيرتبط بآليات بيولوجية وسلوكية قابلة للتعديل. ويعني ذلك أن أسلوب الحياة – بما في ذلك التغذية والنشاط البدني والبيئة – له تأثير أكبر مما قد نتصور.
حتى السرطان، وهو مرض شائع لدى كبار السن، يبدو أقل عدوانية وأكثر قابلية للتحكم لدى المعمّرين. هذه المرونة الصحية لا تظهر فجأة، بل تبدأ بالظهور منذ عمر السبعين، ما يشير إلى أهمية القرارات الحياتية المبكرة بالتأثير في الشيخوخة.
◄ مؤشرات بيولوجية
لتعزيز نتائجهم، تابع العلماءُ، المشاركين لمدة 35 عاماً، ووجدوا أن المعمرين يتميزون بعوامل بيولوجية عدة مهمة:
• مستويات مستقرة من الجلوكوز والكوليسترول، مما يقلل من مخاطر أمراض القلب.
• انخفاض الالتهابات المزمنة، التي عادةً ما تُسرّع الشيخوخة وتزيد من هشاشة الجسم.
• توازن مثالي في معدلات الحديد، ما يحمي من فقر الدم ويحافظ على الطاقة.
تؤكد هذه الدراسة أن الشيخوخة الصحية ليست مجرد مسألة وراثية أو حظ، بل هي نتيجة مزيج من العوامل الجينية والسلوكية والبيولوجية. الأهم من ذلك أن كثيراً من هذه العوامل قابلة للتعديل عبر اختياراتنا اليومية: التغذية السليمة، النشاط البدني المنتظم، والحفاظ على مؤشرات صحية متوازنة.
وبينما لا يمكننا التحكم في جيناتنا، فإننا نستطيع أن نهيئ أجسامنا لمواجهة الشيخوخة بأقل قدر من الأمراض. وهذا ما يجعل المئة عام هدفاً ممكناً، ليس فقط بطول العمر، بل بجودة حياة أفضل.
مفاتيح شيخوخة صحية
1 - النظام الغذائي: الأساس الذهبي
يُعدّ النظام الغذائي المتوسطي أحد أكثر الأنماط الغذائية فاعلية للحفاظ على الصحة مع التقدم في العمر. فهو غني بالخضروات والفواكه وزيت الزيتون والحبوب الكاملة، ويحتوي على كمية معتدلة من البروتين تساعد الجسم على الحفاظ على الأيض (التمثيل الغذائي) بشكل سليم، مما يحمي من فقدان الكتلة العضلية المرتبط بالتقدم في العمر.
2 - المغذيات الدقيقة: الزنك والسيلينيوم
كبار السن غالباً ما يكونون أكثر عرضة لنقص بعض المغذيات الدقيقة المهمة. من بين هذه العناصر الزنك والسيلينيوم، اللذان يلعبان دوراً رئيسياً في تقوية جهاز المناعة والوقاية من فقر الدم. إدخال أطعمة مثل المكسرات، البذور، الأسماك، والبقوليات في النظام الغذائي يمكن أن يُحدث فارقاً كبيراً.
3 - الماء: سر بسيط للحيوية
مع التقدم في العمر، تقل حساسية الجسم لإشارات العطش، ما يجعل الجفاف خطراً شائعاً لدى المسنين. هذا الجفاف قد يؤدي إلى مشكلات مثل التعب، ضعف التركيز، بل وحتى قصور في وظائف الكلى. لذا يُنصح بشرب الماء بانتظام على مدار اليوم، حتى في غياب الشعور بالعطش.
4 - أحماض أوميغا 3: درع ضد الالتهابات
تُعد أحماض أوميغا 3 من العناصر الغذائية الأساسية للوقاية من الالتهابات المزمنة التي غالباً ما ترتبط بأمراض الشيخوخة مثل أمراض القلب والروماتيزم. توجد هذه الأحماض بشكل طبيعي في الأسماك الدهنية (مثل السلمون والسردين)، وبذور الكتان، والجوز.




 
 
 
 
 
 
 
 
 





























