إيران والخطر الإقليمي

في ظل الظروف الإقليمية المتوترة التي مرت بها المنطقة من صراع دراماتيكي ساخن، ومع تعرض دول الخليج إلى سحب متفرقة عرضت أمنها الإقليمي والقومي للخطر، برز الدور الحكومي في تعزيز منظومة الاستقرار الداخلي وحمايته من العواصف الشديدة المحيطة به.

شخصياً كتبت وتحدثت كثيراً عبر القبس، وغيري أيضاً كتب المزيد، عن أهمية وضع خطة شاملة للطوارئ مع جهاز خاص، يُبرز ويُوضح كيفية التعامل مع الأزمات والمواقف الإقليمية الخطرة، فضلاً عن أزمة تلوث مياه بحر الخليج العربي، حال حدوث أي مكروه لمفاعل بو شهر الإيراني، التي ستكون نتيجته السلبية علينا هي «تسدحنا على اليال من شدة العطش!»

انطلاقاً من المسؤولية الصحافية التي تُحتم علينا نقد وتوضيح وإبراز مراكز العلة في البلد، تقتضي هذه المسؤولية أيضاً الإشادة والتقدير لأي حدث إيجابي نراه ونلمسه في الدولة، لذلك نُشيد بدور الحكومة الكويتية التي قامت بجهود واضحة وملموسة من خلال مواجهة هذه الأزمة، والتكّيف مع آخر مستجداتها، ولا سيما مجلس الدفاع الأعلى واجتماعاته المستمرة مع الجهات المعنية.

من جانب آخر، نرَى أنه من الضروري على الكويت ودول مجلس التعاون، التوسع في تأمين الوضع الإقليمي والقومي، مع تكثيف المساعي لمواجهة هذه التحديات والاضطرابات بأسلوب جديد يبتعد ويختلف عن الطابع التقليدي البروتوكولي المُتبع أحياناً لرأب الصدع الموجود في المنطقة.

في السياق ذاته، لو استعرضنا العلاقات الخليجية – الإيرانية لعقود سابقة من الزمن فسنرَى أنها لم تكن بأفضل حالاتها، لوجود بعض المشاحنات والتواترات، التي أثرَت في مستوى العلاقات، بعكس الوضع السياسي الحالي الذي تسوده أجواء الاستقرار «الجزئي».

لو فكَّرنا خارج الصندوق وأردنا حماية مصالحنا وأمننا الوطني، فسنرَى أن الاتفاقيات والمواثيق الدولية لم تعد تفي بأي غرض؛ خاصةً مع الصراع الصهيوني المستمر، ومع التعدي الإيراني السافر لأمننا وقواعدنا العسكرية، وسط نوم المنظمات الدولية واستغراقها في العسل تجاه أي قضية.. فإيران ستبقى مستمرة شئنا أم أبينا في اتجاه الحروب والصِدامات، ولا رادع لها.. وقبلها الكيان الصهيوني، وبالنسبة لوقف إطلاق النار وتهدئة الأوضاع فلا ضمان لكلا الجانبين مستقبلاً.

يُحتم علينا ذلك، كدول مجلس تعاون خليجي، الحفاظ على أمننا الإقليمي والقومي، واستغلال هذه العلاقة «المستقرة جزئياً» مع إيران، للضغط عليها بمختلف الطرق السياسية لاستبعاد «البعبع» وهو مفاعل بو شهر، مثل إنشاء مفاعل بديل داخلياً ضمن منطقة آمنة زلزالياً في إيران، مقابل تفكيك بو شهر وتقليل إنتاجيته تدريجياً، ويكون ذلك من خلال الإغراءات الاقتصادية وتكثيف المشاريع والاستثمارات المشتركة الحرة ما بين دول الخليج وإيران، مع زيادة رؤوس الأموال داخلياً، لتكون تلك الاستثمارات والمشاريع ورقة ضغط مهمة ورادعة لها حال تلويحها بأي موضوع تجاه الملف النووي أو ضرب القواعد أو لجوئها لاستخدام سلاحها الآخر وهو مضيق هرمز، خاصةً مع اعتماد الكويت ودول المنطقة عليه كلياً.

علي حسين الناصر