اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة الجريدة الكويتية
نشر بتاريخ: ٢ كانون الأول ٢٠٢٥
تتباين توقعات الخبراء والمحللين الاقتصاديين في مصر بشأن المسار المتوقع لسعر صرف الجنيه مقابل الدولار خلال العام المقبل، رغم التحسن الملحوظ في مصادر التدفقات الدولارية الرئيسية التي تدعم الاقتصاد المصري.
وأكد المحللون، لـ «العربية Business»، أن حركة الدولار تُحدد وفقاً لمعادلة العرض والطلب التي تتغير على مدار العام، مرجحين 3 سيناريوهات محتملة لسعر الصرف في 2026، تتراوح بين الاستقرار النسبي، أو التعرض لاضطرابات داخلية، أو ضغوط خارجية قد تعيد التوازن النقدي إلى دائرة التحديات.
وشهد الدولار خلال العام الحالي تراجعاً ملحوظاً أمام الجنيه المصري، بعدما تجاوزت قيمته حاجز 51 جنيهاً في يونيو الماضي، قبل أن يدخل في موجة هبوط متقطعة على مدار خمسة أشهر ماضية، لينخفض في نوفمبر إلى ما دون 47 جنيهاً خلال أيام فقط، ليستقر حاليا بين معدلات 47.20 جنيها و47.80 جنيها للبيع.
الاستقرار النسبي الأكثر ترجيحاً
وقال خبير أسواق المال، هيثم فهمي، إن تحركات سعر صرف الدولار مقابل الجنيه خلال العام المقبل لها 3 سيناريوهات، الأرجح بينها هو الاستقرار النسبي عند مستوى 47 جنيهاً، بينما يقود السيناريو المتشائم إلى مستوى 49 جنيهاً، ويرجح السيناريو المتفائل تراجع الدولار حتى 45 جنيهاً.
وأوضح فهمي أن تسعير الدولار المتوقع يتوقف على حجم التدفقات النقدية الدولارية من المصادر الرئيسة الخمسة: الصادرات، تحويلات المصريين بالخارج، إيرادات السياحة، قناة السويس، الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة، مضيفا أن جميع السيناريوهات تأخذ في الاعتبار وتيرة انخفاض التضخم العام المقبل، إضافة إلى قرارات السياسة النقدية بشأن أسعار الفائدة.
من جانبه، رجح رئيس لجنة الخطة والموازنة في مجلس النواب المصري، فخري الفقي، أن ينخفض سعر الدولار مقابل الجنيه خلال العام المقبل إلى مستوى 47 جنيها قابل لمزيد من التراجع.
وعزا الفقي توقعه لهذا المستوى السعري للدولار إلى التدفقات النقدية المرتقبة من مصادر الدولة الأساسية، والتي قدرها بنحو 135 مليار دولار العام المالي الحالي، موزعة بين 40 مليارا من تحويلات المصريين بالخارج، و55 مليارا من الصادرات، و18 مليارا من السياحة، و12 مليارا من قناة السويس وخدمات التعهيد، إضافة إلى 10 مليارات استثمارات أجنبية مباشرة.
وأشار إلى أن الدولة أصبحت قادرة على تلبية التزاماتها الدولارية خلال الشهور الأخير، متوقعا استمرار هذا الأداء مع تحقيق فوائض دولارية تعزز مستويات السيولة بالجهاز المصرفي وتدفع الجنيه نحو مزيد من التماسك.
وكذلك ترجح شركة فيتش سوليوشنز للأبحاث والتحليلات أن يتداول سعر الدولار مقابل الجنيه حول 47 إلى 49 جنيهاً خلال عام 2026، إذ سيظل السعر مستقراً تقريباً طوال العام.
الدولار يتراجع 5% خلال 2026
ويرى الخبير الاقتصادي وأستاذ التمويل والاستثمار، مصطفى بدرة، أن النمو في معدلات التدفقات الأجنبية بنحو 20 في المئة تقريبا خلال العام الحالي ساهم في تماسك قيمة العملة المحلية بشكل ملحوظ، وتوقع استمرار تسارع وتيرة نمو التدفقات الدولارية من المصادر الرئيسية، خاصة الصادرات والسياحة، مما يخفض قيمة الدولار عند 45 جنيها خلال العام المقبل.
وأضاف بدرة: «في تقديري، السعر المتوازن للدولار خلال 2026 عند 45 جنيها، مستبعدا مزيدا من التراجع عن هذا المستوى تجنبا لحدوث هزة في سعر الصرف تربك دراسات الاستثمارات المباشرة أو غير المباشرة».
كما رجح محللو الاقتصاد في بنك «بي إن بي باريبا» حدوث تراجع طفيف للجنيه في 2026 وبنسبة تقل عن 5 في المئة، وأرجعوا هذه التوقعات إلى أن السيولة الدولارية ستظل متاحة لمصر من العملات الأجنبية، وهو ما قد يشكل عاملاً يدفع نحو انخفاض معتدل في قيمة الجنيه.
بينما توقع رئيس قسم البحوث في «الأهلي فاروس»، هاني جنينة، في عدة مقابلات صحافية، أن يدور سعر الجنيه خلال العام المقبل بين 43 و47 جنيها، مدعوماً بتحسن عجز ميزان المعاملات الجارية مع زيادة إيرادات قناة السويس والسياحة، وكذلك تحسّن عجز ميزان المعاملات المالية.
ضغوط خارجية محتملة
ورغم التحسن الملموس في معدلات تدفق العملة الأجنبية، يرى فريق من المحللين أن احتمالات تراجع الجنيه لمستويات تتجاوز 50 جنيهاً خلال العام المقبل قائمة، نتيجة ضغوط خارجية وجيوسياسية محتملة، بجانب تقلبات مؤشر الدولار العالمي.
وقال الخبير الاقتصادي عضو هيئة التدريس بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، مدحت نافع: «حالياً ما يقلقني استخدام أدوات مثل عقود المبادلة والعقود الآجلة لخلق وفرة دولارية آنية على حساب التزامات مؤجلة يتحرك معها سعر الصرف بشكل عنيف، خاصة لو لم تدعمه أي تدفقات ساخنة او أكثر استقراراً».
وأوضح نافع أنه ليس لديه نموذج محدث يبني عليه توقعاته لسعر صرف الجنيه العام المقبل، غير أن هناك فروقات واسعة بين التنبؤات الحالية التي تتراوح بين 48 و60 جنيها.
ورفع صندوق النقد الدولي توقعاته بشأن مسار الجنيه في العام المقبل إلى 54.05 جنيها مقابل 54.13. وتغيرت توقعات الصندوق للعام المالي التالي هامشياً لتصبح 55.31 جنيها مقابل 55.13. وكذلك توقعت «كابيتال إيكونوميكس» أن يضعف الجنيه بنحو 10 في المئة بحلول نهاية 2026، ليصل إلى 53 جنيهاً للدولار.
وكشفت بيانات صندوق النقد الدولي أن مصر يتعين عليها سداد 717.7 مليون دولار لصندوق النقد خلال ديسمبر، بخلاف 343 مليونا سددتها البلاد خلال نوفمبر.
ويتزامن ذلك مع ترقب البلاد إتمام المراجعتين الخامسة والسادسة من برنامج التسهيل الممدد، بجانب مراجعة برنامج الصلابة والمرونة، وهو ما يتيح صرف 2.7 مليار دولار.
وسجلت تعاملات العرب والأجانب في السوق الثانوية للدين الحكومي صافي شراء قدره 12 مليار دولار خلال أول 11 شهرا من العام الحالي، كما ارتفعت إيرادات قناة السويس 25 في المئة خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي، وارتفعت أعداد السياح الوافدة لمصر 21 في المئة خلال أول 10 أشهر، في الوقت نفسه، قلصت البلاد عجز الميزان التجاري، وأبرمت صفقة كبيرة مع قطر لتطوير أرض في علم الروم.
وكان الصندوق قرر في يوليو الماضي تأجيل المراجعة الخامسة لبرنامج تسهيل الصندوق الممدد البالغة قيمته 8 مليارات دولار، ودمجها مع المراجعة السادسة، بدعوى أن «هناك حاجة لمزيد من الوقت» لإحراز تقدم في تخارج الدولة من الاقتصاد وأجندة الإصلاح الأوسع.
لكن خلال الفترة الماضية، تمكنت الحكومة المصرية من تحقيق المزيد من الأرقام الإيجابية، حيث تراجع معدل التضخم إلى مستوى 12.5 في المئة بنهاية أكتوبر الماضي. وكانت هناك أولوية رئيسية أخرى لدى الصندوق تتمثل في ارتفاع الاحتياطيات الأجنبية، التي تجاوزت حاجز الـ50 مليار دولار في أكتوبر، صعوداً من 48.5 مليارا عندما أرجأ الصندوق المراجعة في يوليو الماضي.
وما يعزز الموقف المصري في مراجعات الصندوق، البيانات التي أعلنتها قبل أيام وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، والتي كشفت عن نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 5.3 في المئة في الربع الأول من العام المالي الحالي، وعودة الزخم مرة أخرى إلى الجهود المبذولة على مستوى برنامج الطروحات الحكومية.
ومن المتوقع أن يمتلئ جدول أعمال البعثة الزائرة بعقد اجتماعات مع المسؤولين حتى 12 الجاري، وهو ما يأمل صانعو السياسات أن يؤدي إلى اتفاق على مستوى الخبراء بين الجانبين قبل أن يمنح المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي الضوء الأخضر للمراجعات وصرف الشرائح في وقت لاحق.
وكذلك من المرجح أن تشهد المراجعتان ضخ 2.7 مليار دولار في خزينة الدولة، بالإضافة إلى الشريحة الأولى من تمويل الصلابة والاستدامة التي قد تضيف 274 مليون دولار أخرى لتمويل المناخ.


































