اخبار الكويت
موقع كل يوم -الخليج أونلاين
نشر بتاريخ: ١٢ أب ٢٠٢٥
طه العاني - الخليج أونلاين
ما الهدف الرئيسي من دمج الذكاء الاصطناعي في صناعة النفط الكويتية؟
تحسين الكفاءة، وخفض التكاليف، وضمان استدامة الإنتاج.
كيف سيسهم مركز الابتكار في تطوير عمليات الإنتاج الكويتي؟
تسريع الحفر، ورفع كفاءة العمليات عبر تحليل البيانات الفورية.
تتحرك الكويت بخطى واثقة نحو دمج الذكاء الاصطناعي في صناعة النفط، ليس فقط كأداة مساندة، بل كعنصر رئيسي في توجيه الإنتاج نحو أعلى مستويات الكفاءة التشغيلية وأقل التكاليف الممكنة.
ويأتي هذا التوجه ضمن رؤية أوسع للتحول الرقمي في قطاع الطاقة، تستهدف تعزيز قدرة الدولة على مواكبة الابتكارات التقنية العالمية، وتوظيفها لضمان استدامة مواردها النفطية في بيئة تنافسية متغيرة.
التحول الرقمي
وفي سياق ذلك، كشفت الكويت عن توجه استراتيجي لربط إنتاج حقول النفط بأنظمة الذكاء الاصطناعي، في خطوة تعكس قناعة رسمية بأن المستقبل النفطي لم يعد يعتمد على زيادة الإنتاج بقدر ما يرتكز على تحسين كفاءة التشغيل وتعظيم العائد الاقتصادي.
وجاء الإعلان خلال افتتاح مركز الابتكار في الذكاء الاصطناعي التابع لشركة 'نفط الكويت'، في 7 أغسطس 2025، حيث أكد وزير النفط ورئيس مجلس إدارة مؤسسة البترول طارق الرومي، أن المركز يشكل ركيزة من ركائز خطة التحول الرقمي في قطاع الطاقة، بما يضمن تحديث أساليب العمل ورفع جودة الأداء.
وأوضح الرئيس التنفيذي لمؤسسة البترول، الشيخ نواف الصباح، أن المركز الجديد سيحدث نقلة في تقليص زمن حفر الآبار النفطية من خلال تقنيات تحليل البيانات الفورية، وزيادة كفاءة عمليات الحفر بشكل ملحوظ.
لكن الصباح شدد في تصريحات نشرتها وكالة الأنباء الكويتية 'كونا'، على أن الذكاء الاصطناعي لن يلغي الدور البشري، إذ يبقى العنصر الإنساني قادراً على قراءة السياق وتفسير النتائج بمرونة وعمق لا تضاهيه الخوارزميات.
وبحسب بيانات الإنتاج الحالية، تبلغ الطاقة الإنتاجية اليومية للكويت نحو 2.548 مليون برميل، التزاماً بحصص تحالف 'أوبك+'، فيما تستهدف الخطط المعلنة رفع القدرة الإنتاجية إلى 4 ملايين برميل يومياً بحلول عام 2035، في إطار استراتيجية توازن بين الاستثمار في التكنولوجيا والحفاظ على استدامة الموارد.
بدوره، قال الرئيس التنفيذي لشركة 'نفط الكويت'، أحمد العيدان، في تصريح نشرته 'كونا' في 7 أغسطس الجاري، إن افتتاح مركز الابتكار يمثل محطة استراتيجية جديدة بمسيرة الشركة وتجسيداً عملياً لرؤية البلاد في التحول الرقمي والابتكار في قطاع الطاقة، مضيفاً أن 'نفط الكويت' أدركت مبكراً أهمية الاستثمار في التقنيات الحديثة.
وتابع قائلاً: 'نجني اليوم ثمار هذه الرؤية من خلال شراكتنا الاستراتيجية مع شركة مايكروسوفت، وهذه الشراكة لم تكن مجرد اتفاقية تقنية بل نموذج متكامل لمنظومة ابتكار جمعت بين الخبرات الوطنية وأفضل الممارسات العالمية'.
انعكاسات إيجابية
ويعتقد الأكاديمي والخبير الاقتصادي أحمد صدام أن الذكاء الاصطناعي سيسهم في تسهيل اكتشاف المكامن النفطية، مما يرفع مستوى الإنتاجية ويعزز القدرات التنافسية.
وفي حديثه مع 'الخليج أونلاين'، يوضح أن هذا التطور من المتوقع أن يساعد في تقليل التكاليف التشغيلية مستقبلاً، ما ينعكس إيجاباً على القطاع.
كما يشير صدام إلى أن التحدي الأكبر يتمثل في نقص الخبرات المحلية في هذا المجال، بالإضافة إلى التكلفة الاستثمارية العالية.
ولفت إلى أن التحديات قد ترتبط أيضاً بحوكمة البيانات وطبيعة إدارة الحقول النفطية، خاصة تلك التي انتهى عمرها الإنتاجي.
وفي ما يخص فرص العمل، يرى صدام أن الذكاء الاصطناعي سيخلق طلباً كبيراً على مهارات جديدة في المديين المتوسط والبعيد، مثل محللي الذكاء الاصطناعي والمهندسين المتخصصين.
ويبين الخبير الاقتصادي أنه يمكن للكويت تقليل أثر البطالة من خلال برامج إعادة تأهيل وتدريب مخصصة للشباب، وبرامج شراكة مع الشركات التقنية للتكيف مع الوضع الجديد.
ويعتقد أيضاً أن الذكاء الاصطناعي سيسهم في تقليل الانبعاثات من خلال تحسين كفاءة استخدام الموارد وتقليل الفواقد والتسربات، مؤكداً أن ذلك سيساعد في تقليل مستوى التلوث والمحافظة على البيئة بشكل فعّال.
ريادة تقنية
يلعب قطاع النفط الكويتي دوراً محورياً في التنمية الاقتصادية ورفع مستوى المعيشة، محتفظاً بريادته في تبني التقنيات الحديثة منذ اكتشافه، وصولاً إلى دمج الرقمنة والذكاء الاصطناعي في مختلف عمليات الإنتاج.
وفي إطار ذلك، نقلت صحيفة 'السياسة' الكويتية في 17 يونيو 2025، عن مصدر نفطي مطلع أن شركة نفط الكويت تعمل على تطوير حقولها باستخدام أحدث ما وصلت إليه التكنولوجيا العالمية، بالتعاون مع شركات دولية.
وبيّن المصدر أن الكويت اتجهت إلى دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي بهدف تقليل الأخطاء، وخفض تكاليف التشغيل، وتعزيز استدامة الإنتاج، إلى جانب حماية السلامة الميدانية.
دخلت الشركة عالم الذكاء الاصطناعي فعلياً عام 2020، حيث بدأت بتجارب أولية شملت عمليات الاستكشاف البحري، وفق المصدر الذي أكد أن هذه التقنية توفر بيانات دقيقة لاحتساب ساعات الحفر والتنقيب، وإعطاء مؤشرات واضحة حول جدوى الاستكشاف في بعض المناطق، ما يختصر الوقت والجهد ويوجه القرارات التشغيلية.
كما لفت إلى أن فريق تكنولوجيا المعلومات بالشركة نجح في تنفيذ منصة متقدمة لتحليل البيانات تعتمد على التعليم الآلي والذكاء الاصطناعي، الأمر الذي ساعد في تحسين الإنتاج والعمل على مشاريع متعددة في النفط والغاز في آن واحد.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول نفطي آخر، أن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي بات جزءاً من استراتيجية مؤسسة البترول الكويتية 2040، للمساهمة في خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وتحسين تدفق الآبار النفطية، ورفع كفاءة التشغيل.
وفي السياق ذاته، أكدت أستاذة علم الحاسوب في جامعة الكويت ورئيسة الجمعية الكويتية لأمن المعلومات، صفاء زمان، في تصريحاتها لـ'السياسة'، أن الذكاء الاصطناعي يمثل إضافة نوعية للقطاع النفطي عبر تحليل البيانات الجيولوجية بدقة عالية، والتنبؤ بمكامن النفط، ورصد الأعطال والتسربات مبكراً، فضلاً عن تحسين سلاسل الإمداد وخفض التكاليف اللوجستية.
لكنها حذرت من تحديات عدة، أبرزها الكلفة المرتفعة، والحاجة لمهندسين ذوي مهارات تقنية عالية، إضافة إلى مخاطر الاختراقات السيبرانية واحتمال تأثير بدائل الطاقة على أسعار النفط.