اخبار الكويت
موقع كل يوم -جريدة القبس الإلكتروني
نشر بتاريخ: ١٠ حزيران ٢٠٢٥
نور نور الدين -
لطالما شغلت فكرة إبطاء الشيخوخة خيال العلماء والناس على حد سواء، لكن الجديد اليوم هو أن هذا الحلم أصبح أقرب إلى الواقع، بفضل «كوكتيل» بسيط من المغذيات والنشاط.
في دراسة رائدة نُشرت في مجلة Nature Aging، كشف باحثون من جامعة زيورخ أن مزيجاً من أحماض «أوميغا 3» الدهنية وفيتامين «د»، إلى جانب نشاط بدني منتظم، قد يشكل درعاً حقيقياً في وجه الزمن.
ليست هذه المكونات جديدة على الساحة الصحية، فقد أظهرت أبحاث سابقة أن «أوميغا 3» وفيتامين «د» يمكن أن يسهما في تقليل خطر الإصابة بالسقوط، ومحاربة الالتهابات، بل حتى المساعدة في الوقاية من السرطان. إلا أن الجديد في هذه الدراسة هو أنها لم تكتف برصد الآثار الظاهرة، بل غاصت في عمق البيولوجيا البشرية، متتبعة التغيرات الدقيقة في الحمض النووي.
للقيام بذلك، استخدم الباحثون أداة استثنائية تُعرف باسم «الساعة اللاجينية»، وهي تقنية مبتكرة تراقب تغيرات دقيقة تُسمى «الميثيلة» تحدث على الحمض النووي مع التقدم في العمر. من خلال قياس هذه التغيرات، استطاع الفريق تحديد مدى تطابق أو تفاوت العمر البيولوجي عن العمر الزمني، أي ما إذا كان الجسم يشيخ بشكل أسرع أو أبطأ من المتوقع.
شملت الدراسة 777 شخصاً تجاوزوا السبعين من العمر، قُسِّموا إلى ثماني مجموعات مختلفة تناولت كل منها تركيبة معينة من المكونات الثلاثة: 2000 وحدة دولية من فيتامين «د»، 1 غرام من «أوميغا 3» المستخرجة من الطحالب، وجلسات رياضية بسيطة تقام في المنزل ثلاث مرات أسبوعياً.
النتائج كانت لافتة. فقد تبين أن «أوميغا 3» وحدها قادرة على إبطاء وتيرة الشيخوخة البيولوجية لعدة أشهر، وهو فارق زمني كبير على مستوى الخلايا والحمض النووي. لكن التأثير الأكثر قوة سُجّل عندما تم الجمع بين «أوميغا 3» وفيتامين «د»، والتمارين المنتظمة، ما منح الجسم حماية متكاملة من عوامل التدهور الخفيّة التي ترافق التقدم في السن.
لم يكن هذا التأثير مقتصراً على فئة معينة من المشاركين، بل ظهر بغض النظر عن العمر الدقيق أو الجنس أو مؤشر كتلة الجسم، ما يشير إلى أن هذا المزيج الغذائي الرياضي قد يكون مفيداً على نطاق واسع.
رغم أن الدراسة ركزت على فئة عمرية متقدمة، فإن الباحثين يخططون لتوسيع نطاقها لتشمل مجموعات متنوعة بشكل أكبر، ما يفتح الباب أمام إمكانات جديدة في فهم وتعديل مسار الشيخوخة لدى الإنسان.
في وقتٍ لا يزال فيه العلم يبحث عن علاجات لأمراض الشيخوخة، يقدّم هذا البحث وصفة عملية، متوفرة للجميع، تجمع بين التغذية المدروسة والحركة المنتظمة. ليست وصفة خارقة، لكنها تبدو في غاية الفعالية. وربما، في يوم ما، سننظر إلى هذه العادات البسيطة على أنها أعمدة الوقاية من التقدم السريع في السن، أو على الأقل، من تلك الشيخوخة المبكرة.