اخبار الاردن
موقع كل يوم -وكالة الحقيقة الدولية الاخبارية
نشر بتاريخ: ٢٧ تموز ٢٠٢٥
الحقيقة الدولية - في منطقة تتشابك فيها الأزمات السياسية وتضيق فيها دروب النجاة، يبرز الأردن كأحد الأصوات النادرة التي لم تخفت في وجه الحصار، بل ارتفعت نبضا إنسانيا خالصا، وجسرا دائما يعبر فوق ركام السياسة ليصل إلى الجياع والمصابين والمكلومين.
هذه ليست مجرد رواية وطنية، بل واقع تكرسه الأرقام والشهادات والجهود التي لا تعرف الكلل، بإرادة ملكية راسخة ورؤية استراتيجية إنسانية لا تساوم.
ففي الوقت الذي قيدت فيه حركات الإغاثة، وقف الأردن شامخا، يؤدي دوره الإقليمي والإنساني بثبات، محافظا على بوصلته الأخلاقية تجاه القضية الفلسطينية، رغم شح موارده وضغوط موقعه الجيوسياسي.
خبراء أوضحوا، كيف نجح الأردن في أن يصبح مركزا إقليميا محوريا للأمن الغذائي والإغاثة الإنسانية في المنطقة، وكيف استطاع هذا البلد أن يوازن بين الالتزام الأخلاقي والتعقيدات السياسية المتغيرة.
وبحسب خبير الأمن الغذائي الدولي الدكتور فاضل الزعبي، فإن الأردن يلعب اليوم دورا محوريا بفعل الدعم السياسي والتوجيهات الملكية المستمرة، ليس فقط كمركز إقليمي حيوي للإغاثة، بل كركيزة أساسية للأمن الغذائي في منطقة تهتز تحت وطأة الصراعات.
وعلى الرغم من التحديات اللوجستية والسياسية المعقدة، فقد استطاع الأردن، بفضل هذا الدعم المتكامل، أن يحافظ على استمرارية إرسال المساعدات إلى قطاع غزة، متحديا الأزمات الإقليمية والدولية دون أن يتخلى عن مسؤولياته أو يرضخ للضغوط.
وأضاف الزعبي، إن الأردن لم يكن ليؤدي هذا الدور لولا التنسيق المحكم مع شركائه الدوليين والمنظمات المحلية، والاعتماد على بنية تحتية متطورة وقنوات لوجستية متعددة، بدءا من المعابر الحدودية إلى المساعدات الجوية، وصولا إلى البرامج المشتركة مع المنظمات العالمية مثل برنامج الأغذية العالمي والمطبخ المركزي العالمي.
فقد شملت العمليات الجوية والبرية آلاف الشاحنات المحملة بالمساعدات الغذائية والطبية، إضافة إلى عمليات إنزال جوي دقيقة نفذتها القوات المسلحة الأردنية.
ونوه إلى أن الأردن نجح في الحفاظ على توازن دقيق بين موقعه الإنساني ومسؤولياته الجيوسياسية، ليبقى وسيطا موثوقا تتعاون معه أطراف إقليمية ودولية لضمان استمرارية المساعدات، رغم محاولات العرقلة السياسية، مبينا أن هذا التوازن يقوم على مقومات لوجستية وهيكلية راسخة، تدعمها الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية التي تدير عمليات الإغاثة بطريقة منهجية، إضافة إلى شبكة نقل متكاملة برا وجوا تنقل المساعدات بسرعة ودقة.
وأكد أن مستقبل هذا الدور يتطلب توسعة إضافية في البنية التحتية والقدرات اللوجستية، مع تطوير أنظمة إدارة الإغاثة وزيادة الشراكات الدولية لضمان كفاءة وشفافية في إيصال المساعدات.
من جانبه، شدد وزير الزراعة الأسبق الدكتور رضا الخوالدة، على أن الدور الأردني ما كان ليتحقق لولا القيادة الحكيمة لجلالة الملك عبدالله الثاني وسمو الأمير الحسين ولي العهد، اللذين وضعا العمل الإنساني في صلب السياسة الخارجية للمملكة، لافتا إلى أن جلالة الملك يقود دبلوماسية فاعلة في المحافل الدولية لضمان تدفق المساعدات، بينما ينجح في تحقيق توازن بين الالتزام الأخلاقي نحو فلسطين وبين تعقيدات الموقع الجيوسياسي.
وأضاف إن الجهود الملكية لم تكن فقط في حشد الدعم، بل في بناء شبكة علاقات إقليمية ودولية مكنت الأردن من تمرير قوافل الإغاثة رغم العراقيل، وعززت صورته كوسيط مسؤول وصوت نزيه للقيم الإنسانية.
وأكد أن ما يميز الأردن في هذا الدور ليس فقط موقعه الجغرافي كبوابة طبيعية لفلسطين، ولا ميناء العقبة أو مطار الملكة علياء الدولي، بل ما يمتلكه من خبرة تراكمية طويلة في التعامل مع الأزمات، نتيجة استضافته للاجئين من عدة دول وعلاقاته الوثيقة مع المنظمات الدولية.
وذكر الخوالدة أن التجربة الأردنية حتى وإن كانت مواردها محدودة، يمكنها أن تصبح فاعلا إقليميا رئيسيا إذا توفرت الرؤية السياسية والنية الصادقة، وهذا ما جعل النموذج الأردني محط تقدير دولي، يجمع بين الحياد السياسي والكفاءة المؤسسية والتعاون الدولي.
الخبير الأمني وأستاذ علم الاجتماع الدكتور حسين السرحان، يرى أن الدور الأردني ليس طارئا، بل امتداد لثوابت تاريخية ومواقف قومية ترسخت منذ نشأة الدولة، فمنذ عقود ظل الأردن سندا للأمة العربية وملاذا للنازحين وحامل راية الدفاع عن السلم الإقليمي، ملتزما برؤية جلالة الملك التي تؤكد على الاعتدال والانفتاح والعدالة.
وفي حديثه عن فلسطين، أوضح أن العلاقة الأردنية الفلسطينية متجذرة في الجغرافيا والمصير المشترك، وقد توجت بتضحيات الجيش العربي في معارك مفصلية من أجل القدس والمقدسات، وبالوصاية الهاشمية المستمرة على الأماكن المقدسة.
وأكد أن جلالة الملك عبدالله الثاني هو من أبرز المدافعين عن القضية الفلسطينية في المحافل الدولية، حيث أعلن مرارا أن 'القدس خط أحمر'، ورفض كل السياسات الأحادية التي تهدد الهوية العربية للمدينة.
وبين أنه منذ اندلاع العدوان في السابع من تشرين الأول 2023، دشن الأردن جسرا إغاثيا إنسانيا بدأ بـ46 شاحنة محملة بـ750 طنا من المساعدات، وتوالت بعدها أكثر من 147 قافلة إغاثية نقلت نحو 82 ألف طن من المساعدات، كما نفذ سلاح الجو الأردني 125 عملية إنزال جوي داخل غزة، وسهل أكثر من 266 عملية إنزال بالتعاون مع دول أخرى.
وأضاف السرحان إنه تم وضع خطط تطوير للبنية اللوجستية، من بينها إنشاء مخازن تزيد مساحتها على 10 آلاف متر مربع، وتسيير رحلات جوية يومية، بالإضافة إلى دعم المستشفى الميداني الأردني في غزة الذي يقدم خدمات طبية متقدمة بالشراكة مع منظمة الصحة العالمية.
وأشار إلى أن الأردن اليوم يمثل نموذجا إقليميا في إدارة الأزمات الإنسانية، عبر مزج فعال بين الكفاءة اللوجستية والدبلوماسية، والتنسيق المدني والعسكري، ويمكن لهذا النموذج أن يحتذى في مناطق نزاع أخرى، خصوصا في ظل فشل العديد من المبادرات الدولية في الوصول إلى المتضررين.
وختاما، أجمع الخبراء على أن الأردن سيظل بقيادته الهاشمية، وفيا لرسالته التاريخية، مؤمنا بالسلام العادل، ومتشبثا بواجبه الأخلاقي تجاه فلسطين، ويجعل من التضامن الإنساني فعلا لا شعارا، ومن الكرامة الإنسانية هوية وطن.
بترا