اخبار الاردن
موقع كل يوم -جو٢٤
نشر بتاريخ: ٢٧ تشرين الثاني ٢٠٢٥
البشير: 90% من الإنفاق الجاري 'مُقفل'.. وإصلاح الخلل الضريبي أصبح ضرورة وطنية #عاجل
خاص – قال الخبير الاقتصادي محمد البشير إن مناقشة مخرجات اللجنة المالية ستكون صعبة، نظراً لأن التصنيف الاقتصادي لبنود الموازنة، وخاصة ما يتعلق بالنفقات الجارية، يكشف بوضوح أن بندي الرواتب والمدفوعات النقدية – بما فيها الدعم والاعانات – يستحوذان على القسم الأكبر من الإنفاق.
وأضاف البشير لـ'الأردن 24' أن المدفوعات النقدية تشمل دعم الجامعات، ودعم مرضى السرطان، والمعونات النقدية، ودعم بعض السلع والمحروقات، وهي جميعها مدفوعات لا تقابلها مشتريات سلع أو خدمات، ومع خدمة الدين العام فإن هذه البنود تستهلك ما يقارب 90% من الإنفاق الجاري.
وتابع: 'هذا يعني أن ما يتبقى – أي 10% فقط – هو المتاح لتلبية احتياجات القوات المسلحة والأجهزة الأمنية ووزارات التربية والتعليم والصحة والنقل، وهي القطاعات الأكثر حاجة. ولذلك فإن قدرة النواب على التأثير في هذه البنود محدودة للغاية، لأنها تمثل نتائج سياسات مالية تراكمت على مدى 20 عاماً'.
وقال البشير إن المالية العامة، المسؤولة عنها الحكومة، هي العامل الأكثر تأثيراً في الاقتصاد الوطني، وكان من المفترض أن تساهم في رفع النمو في قطاعات الصناعة والزراعة والخدمات، بما يخلق إيرادات تكفي حاجة الخزينة دون اللجوء إلى الاقتراض، وتلبي في الوقت نفسه احتياجات موظفي القطاع العام والوحدات المستقلة.
وبيّن البشير أن مفتاح الإصلاح يبدأ من إعادة معالجة الخلل في الملف الضريبي، باعتباره الركيزة الأساسية للمالية العامة. وأوضح أن ما رُوّج سابقاً تحت عنوان 'العدالة الضريبية' كان في كثير من الأحيان شعاراً خادعاً، إذ استند إلى فكرة أن الطبقتين المتوسطة والعليا تتحملان تكاليف التعليم والصحة والنقل من جيوبها، وبالتالي لا يجب تحميلها ضرائب أعلى.
وقال: 'هذه المقاربة خدمت طبقة سياسية معينة، وأدت إلى تحول خطير في هيكل الإيرادات الضريبية، لتصبح الضرائب غير المباشرة هي المصدر الأبرز، حيث تشكل ضريبة المبيعات في الموازنة الحالية نحو 26.75% من الإيرادات الضريبية'.
وأضاف أن ضريبة المبيعات تحمل آثاراً سلبية مزدوجة:
1. رفع كلفة المنتجات المحلية وإضعاف تنافسيتها أمام السلع المستوردة أو في الأسواق التصديرية.
2. استنزاف دخول المواطنين، إذ إن أي فاتورة استهلاكية – من سوبرماركت أو محال تموينية – تفرض على المواطن دفع ضريبة بين 2% و16%، بحد أدنى 10%.
وأشار إلى أن هذه الأزمة جعلت الخزينة تعتمد بشكل كبير على ضريبة المبيعات، فيما تتزايد ودائع الأغنياء في البنوك، مقابل ارتفاع مديونية المواطنين والشركات.
ولفت البشير إلى مشكلة إضافية تتعلق بضريبة المبيعات، إذ لا تميز بين قدرة التاجر أو الصانع أو مقدم الخدمة على تحصيل مبيعاته، حيث يدفع ضريبة على الذمم المدينة حتى لو لم تُحصّل، الأمر الذي يعرضه لخسائر كبيرة، وقد تتحول هذه الذمم لاحقاً إلى ديون معدومة بسبب التعثر المالي.
وأوضح أن هيكل الاقتصاد الوطني اليوم يعاني اختلالاً كبيراً، حيث لا تتجاوز مساهمة القطاعات الإنتاجية – الزراعة والصناعة – 30%، مقابل 70% لقطاع الخدمات، سواء الخدمات المالية أو السياحية أو تحويلات العاملين في الخارج. وهذه القطاعات، على أهميتها، تبقى غير قادرة على استيعاب الضغط المتزايد في سوق العمل، ما أدى خلال السنوات الماضية إلى ارتفاع الفقر وتفاقم المشاكل الاجتماعية.
وختم البشير بالقول إن الحل واضح، ويتمثل في معالجة الملف الضريبي تدريجياً، وليس عبر انقلاب مباشر على القانون. وأشار إلى أن علاقة الضرائب عبر العقود الماضية كانت عكسية؛ فكلما انخفضت ضريبة الدخل ارتفعت ضريبة المبيعات من 7% إلى 10% ثم إلى 13% حتى وصلت إلى 16%.
وقال: 'نتيجة هذه السياسات، التي شملت أيضاً تخفيض الضرائب على الشركات والأفراد وتقديم إعفاءات واسعة للبنوك، وصلنا إلى أزمة مالية عميقة تنعكس اليوم على مجمل الاقتصاد الوطني'.












































