اخبار الاردن
موقع كل يوم -وكالة جراسا الاخبارية
نشر بتاريخ: ٥ تموز ٢٠٢٥
للسنة الخامسة على التوالي، يسجّل البحر الأبيض المتوسط ارتفاعا غير مسبوق في درجات حرارة سطح مياهه، في ظاهرة وصفتها مراكز الأرصاد وخبراء المناخ بأنها واحدة من أخطر مؤشرات تغير المناخ المتسارع في المنطقة. وبحسب بيانات المركز العربي للمناخ، بلغ متوسط درجة حرارة سطح البحر 26.36 درجة مئوية، بزيادة قدرها 3.14 درجة عن المعدلات العامة للفترة المرجعية (1982-2015)، وهو أعلى مستوى مسجل على الإطلاق حتى الآن. هذا الاحترار الحاد لا يمثل مجرد رقم إحصائي، بل يُعتبر عاملًا محفزًا مباشرًا لحدوث اضطرابات جوية خطيرة، بما فيها العواصف المتوسطية والأمطار الغزيرة والفيضانات، خاصة مع اقتراب موسم الخريف وقدوم الكتل الهوائية الباردة. ويحذّر خبير الطقس والمناخ عمر الملكاوي من أن البحر المتوسط يرسل إشارات واضحة لاحتمالية نشوء عواصف قوية وربما 'مدارية' خلال خريف 2025، نتيجة الزيادة الكبيرة في حرارة المياه التي تتراوح ما بين 3 إلى 6 درجات مئوية فوق المعدلات الطبيعية، الأمر الذي يزيد من طاقة الغلاف الجوي، ويجعل الدول المحيطة به، بما فيها بلاد الشام، في مواجهة صيف أطول، وشتاء أدفأ، وهطولات مطرية غير منتظمة. فيضانات وعواصف قوية في السياق ذاته، أكدت إدارة الأرصاد الجوية الأردنية، أن موجة حر غير مسبوقة تضرب أوروبا حالياً، تجاوزت خلالها درجات الحرارة 45 درجة مئوية في عدة مناطق، وهذه الموجة تتزامن مع أعلى حرارة سطح بحر مسجلة في حزيران منذ بدء الرصد المناخي، ما يعزز المخاوف من موجات حر بحرية طويلة الأمد. وأثّرت الموجة الحالية بشكل مباشر على النظم البيئية البحرية، حيث تم تسجيل نفوق واسع للشعاب المرجانية والأسماك، وتدهور الحشائش البحرية، واضطرابات في التوازن البيئي. وتؤكد تقارير دولية أن هذا التدهور لا يقتصر على البيئة فحسب، بل يهدد الأمن الغذائي في الدول الساحلية، ويزيد من احتمالات الفيضانات والعواصف القوية، كما حدث مع عاصفة 'دانيال' التي ضربت ليبيا في 2023، وفيضانات فالنسيا في 2024. ووفق الأرصاد الجوية، تشير الإحصائيات إلى أن عدد موجات الحر البحرية في المتوسط ارتفع منذ عام 1980 من موجة واحدة سنويًا إلى أربع موجات، تغطي الآن مساحات أوسع من البحر، وتؤثر بشكل أكبر على المناخ الإقليمي والنظم البيئية. تحذير عاجل ووجّه المركز العربي للمناخ تحذيرًا عاجلًا للدول المطلة على البحر المتوسط، بضرورة رفع الجاهزية وتعزيز منظومات الرصد والإنذار المبكر، تحسبًا لأي تطورات جوية متطرفة خلال الأشهر القادمة. وأوضح المركز أنه كما حدث في كارثة 'درنة' الليبية عام 2023، فإن تجاهل مؤشرات احترار البحر قد يقود إلى تكرار سيناريوهات مأساوية. وعليه، فإن الخطوة الأهم الآن تكمن في الاستعداد الاستباقي وتكامل الجهود الإقليمية لمواجهة تداعيات أزمة المناخ.