اخبار الاردن
موقع كل يوم -جريدة الغد
نشر بتاريخ: ٢٤ نيسان ٢٠٢٤
تتصاعد حدة التوترات في الضفة الغربية المحتلة، مع دخول العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة يومه الـ201، وهو ما يرفع من أعداد الشهداء والمصابين والمعتقلين الى جانب تصاعد أعمال عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين في الضفة بشكل كبير.
ويرى مراقبون، أن سياسة العنف والاعتقالات والضغط التي يتبعها جيش الاحتلال في الضفة بالتزامن مع هجمات المستوطنين، بالاضافة الى سياسة الحواجز بين المدن والبلدات وما يستتبعها من إغلاقات، وتقطيع أوصالها، تدفع الى حالة غليان شعبي ستولد حتما الانفجار، كما كان يحدث في مرات سابقة، وسيضاعف حدة هذا الانفجار في هذه المرة رفع منسوب السياسات العقابية، بحيث سيشتعل برميل البارود الذي يختزنه الشعب الفلسطيني وينفجر إلى نقطة اللاعودة.
وقالوا في أحاديث منفصلة لـ'الغد'، إن ممارسات المحتل والمستوطنين، وما يرافقها من سياسات تنكيل وتنكر لحقوق الفلسطينيين، ستدفع الضفة الى تحرك عارم تنفجر خلاله الأوضاع فيها، برغم كل محاولات تقييد الحركة الجغرافية او السياسية او التنظيمية.
وبموازاة حربه على غزة، صعد جيش الاحتلال ومستوطنون متطرفون، اعتداءاتهم على فلسطينيين وممتلكاتهم في الضفة، بما فيها القدس منذ السابع من تشرين الاول (أكتوبر) الماضي، ما أدى لاستشهاد 486 فلسطينيا، وإصابة نحو 4 آلاف و900، فيما بلغت حصيلة اعتقالاته أكثر من 8 آلاف و425، وفق مؤسسات فلسطينية معنية.
النائب السابق د. هايل الودعان الدعجة، قال يبدو أن المقاومة الفلسطينية التي خذلها العالم كما الشارع العربي، أيقنت بأن مواجهة الكيان الصهيوني، يجب أن تعتمد فيها على نفسها اولا وأخيرا، ما يبرر لها اتخاذ أي قرارات او سياسات تحقق الضغط على هذا الكيان المجرم، وربما دفع أطرافا دولية مساندة للكيان كأميركا ودول أوروبا، لاتخاذ قرارات تنصاع فيها لمطالبها وشروطها، متمثلة بوقف اطلاق النار وانسحاب جيش الكيان من قطاع غزة، وتحرير الاسرى الفلسطينيين، وغيرها من مطالب، وربما أيضا اجبار الكيان على اعادة التفكير باجتياح رفح، وفي الوقت نفسه، مواجهة الجرائم والممارسات التعسفية والوحشية التي يرتكبها جيش الاحتلال وقطعان المستوطنين في الضفة، الى جانب صد الاقتحامات والانتهاكات المستمرة للمسجد الأقصى ومحاولة فرض السيادة الصهيونية على القدس، والتي كانت من اسباب معركة طوفان الاقصى.
واضاف 'وهذا بدوره قد يؤدي لتأجيج الصراع، واتساع نطاقه وتفجير الاوضاع، كما يحذر من ذلك جلالة الملك عبدالله الثاني دوما، ما قد يشجع المقاومة على توظيف المخاوف والتحذيرات الاقليمية والعالمية من اتساع رقعة الصراع، واعادة مشاهد الانتفاضات الفلسطينية للاذهان، وتداعيات ذلك على امن المنطقة واستقرارها، ومصالح كثير من دول العالم فيها، والتعاطي معها كورقة ضغط، قد تلجأ المقاومة الى استخدامها، كما هو الحال في المخاوف والتوترات التي رافقت الهجمات المتبادلة بين ايران والكيان مثلا، والتي سرعان ما أخمدت، كدليل على عدم قدرة الكيان المسخ فتح جبهة اخرى'.
وأضاف: ان ثمة ما يمكن ان تذهب إليه المقاومة الفلسطينية، بنقل اجواء السابع من اكتوبر من غزة الى الضفة، لزيادة الضغوط الداخلية والدولية على الجانب الصهيوني، وتشتيت تركيزه عن غزة. وما يصاحب ذلك من وجود عديد من التنظيمات المسلحة في المنطقة التي باتت تستهدف الكيان والمصالح والقواعد العسكرية الغربية.
واستكمل: كل ذلك قد يدفع المجتمع الدولي الذي فشل بالتعاطي مع احداث غزة لاعادة النظر في دوره السلبي، بطريقة قد تقوده للتفكير بايجاد افق سياسي، يكفل اقامة الدولة الفلسطينية على اساس حل الدولتين، بخاصة مع ارتفاع اصوات عالمية اجتاحت دول العالم بخاصة في اميركا واوروبا، تنادي بضرورة وقف اطلاق النار في غزة، والتأكيد على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، واقامة دولته المستقله، بما يعكس التغير في مزاج الرأي العام العالمي الذي بدأ اكثر دعما وتعاطفا مع الجانب الفلسطيني، بصورة عززت من موقفه في صراعه مع الاحتلال، بعد ان جرت تعرية الرواية الصهيونية الكاذبة والمضللة والمزيفة، واعادة القضية الفلسطينية الى سياقها التاريخي.
بدوره، يقول أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة اليرموك د. محمد خير الجروان، ان تعاظم التهديدات الأمنية التي تواجه الاحتلال بعد السابع من أكتوبر، دخل في سلسلة مآزق أمنية داخلية وخارجية، اذ تزامنت عملياته العسكرية واتساع نطاق جرائم الحرب التي ترتكبها قواته، مع إحكام قبضته الأمنية على الضفة، ما فاقم تأزيم الأوضاع ووصولها حد الغليان والفلتان الأمني في كثير من الأوقات، مع تراجع كبير لدور السلطة الفلسطينية وقوات التنسيق الأمني، وصعود شعبية حركة المقاومة الاسلامية (حماس)، وتأييد معظم الفلسطينيين لعمليتها في الأراضي المحتلة، وانعدام السلام وحل الدولتين.
وتابع الجروان: وهذا ما ولد خوفا كبيرا من تكرار سيناريو عملية مماثلة في الأراضي المحتلة، مصدرها مناطق الضفة، إذ عبر مسؤولو الاحتلال عن خوفهم من حدوث هذا الفعل، في تصريحاتهم الصحفية، بخاصة مع نظرتهم الى الضفة كخاصرة رخوة للكيان، ومصدرا لتهريب السلاح، ومنطقة يسعى 'الأعداء' و'الجماعات الإرهابية' وفق تعبيرهم، الى التغلغل فيها، واستخدامها كمركز عمليات يستهدف امن الاحتلال في الأراضي المحتلة.
واضاف 'إن مثل هذا المأزق الأمني للاحتلال في الضفة، سبب مباشر لمزيد من الاعتداءات والتجاوزات وعمليات التصفية والاسر، وغيرها من أساليب ووسائل التنكيل التي تمارسها قوات الاحتلال في الضفة منذ السابع من أكتوبر، إلى الحد الذي دفع معه الكيان الى تنفيذ تدريبات عسكرية، ومحاكاة صد لعملية مشابهة لعملية 'حماس'، ولكن هذه المرة على الحدود مع الضفة، بحيث بات الاحتلال يدرك- مع ضعف السلطة، وتراجع تأثيرها وانعدام أي أفق للسلام- أن الخطر الأكبر الذي تواجهه الآن، ليس في قطاع غزة بل في الضفة'.
ويقول المحلل السياسي د. صدام الحجاحجة، ان جيش الاحتلال اعاد وضع الحواجز العسكرية على مداخل المدن والقرى الفلسطينية بعد السابع من أكتوبر، في مشهد أمني معقد، زاد من تعقيده توسيع الاستيطان في العقود الثلاثة الماضية، لينهي حلم إقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران (يونيو) 1967.
وتابع الحجاحجة، مؤخرا حذرت وسائل اعلام عبرية، من ان الوضع في الضفة على وشك الانفجار، ومثلها حذرت تقارير اميركية من خطر اشتعال جبهة صراع ثانية ضد الاحتلال في الضفة لارتفاع وتيرة المداهمات وهجمات واعتداءات الجنود والمستوطنين على حد سواء.
وأضاف: إن الجيل الجديد من الفلسطينيين بات لا يتحمل ما تقوم به سلطات الاحتلال في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، والأزمة المالية التي تعاني منها السلطة الفلسطينية والجمود في العملية السياسية التي لم يعد ينظر لها الفلسطينيون بإيجابية.
وأتم: ان سياسة العنف والاعتقالات والضغط التي يتبعها جيش الاحتلال في الضفة بالتزامن مع هجمات المستوطنين، بالاضافة لسياسة الحواجز والإغلاق وتقطيع الأوصال بين مدن الضفة، ستولد الانفجار الحتمي، وهذه الانفجارات حدثت سابقاً، ومع رفع منسوب السياسات العقابية، سيشتعل برميل البارود الذي يختزنه الشعب الفلسطيني وينفجر الى نقطة اللاعودة، مؤكدا ان ممارسات المحتل والمستوطنين، وما يرافقها من سياسات تنكيل وتنكر لحقوق الفلسطينيين، ستدفع فلسطينيي الضفة للتحرك وانفجار الاوضاع هناك، برغم كل محاولات تقييد الحركة الجغرافية أو السياسية أو التنظيمية.
[email protected]
